قصة
* لم تعد الفئران تخشى القطط محاولة الإفلات من مطاردتها حتى لا تقع فريسة بين مخالبها، ولم تعد الجحور مأواها الدائم نهاراً،والخروج منها ليلاً بحثاً عن مأكولات لها هنا أو هناك.فقد رفعت عنها كل القيود التي كانت تنغص حياتها،وتعرضها لمخاطر لا حدود لها،وأتيحت لها حرية تامة في الحركة والاقتيات في وضح النهار من دون أدنى مضايقة أو عراقيل،فسمنت وكبر حجمها،وتكاثرت بالنسل،بعد أن أخلت القطط سبيلها وتعايشت معها بسلام وأمان، لأن الخير وافر لهما معاً،وليس هناك ما يدعو إلى استمرار العداء والخصومة بينهما.ولكن ما إن اشتد ساعد الفئران حتى ركبها الغرور،وبلغت بها الأنانية أن تكون مصدر بلاء وإزعاج للآخرين،فتعكر صفو حياتهم الآمنة،الهادئة ليلاً ونهاراً وتحول مضاجعهم إلى جحيم لا يطاق،لأنها أصبحت في مأمن من الايقاع بها في الأفخاخ،وضمنت الأمان الدائم من ألد أعدائها (القطط) بعد التهادن والتحالف معها،وهكذا ولى زمان العداء بينها. ولهذا شعرت الفئران بالأطمئنان،وبانتفاءكل دواعي الخوف والقلق من القطط،فأصبحت تقتات ما تشاء بحرية مطلقة،وكأنها لا تحمل هموم الغد بتاتاً،ولا تشغل بالها وتفكيرها بهذه الهموم لأن همها الأكبر هو الأمان والحرية،وأن تأكل لكي تعيش من دون أن تفكر بالمصير الذي قد ينتظرها نتيجة لتقلبات الزمان المتغيرة،فالشر يأتي من مأمنه ولو بعد حين من الزمن.