أضواء
أمل زاهديقتضي وقتنا الحالي بما نعانيه من ويلات الإرهاب والعبث بمقدرات الوطن تجديد خطابنا الديني بحمولاته المتشددة ونظرته الأحادية، ويتوجب هذا التجديد جهدا مخلصا و عملا دؤوبا على صعد مختلفة.. انطلاقا من خطب الجمع، وعبر الخطاب الوعظي بشقيه الرجالي والنسائي الذي يتحتم عليه أن ينسلخ من جلده القديم، ويحاول تجديد نفسه وغربلة مفردات خطابه ليكون قادرا على مجابهة الإرهاب وحماية الوطن من عبث العابثين. فهذا الخطاب لا يزال يشدد في معظمه على آليتي الترغيب والترهيب مركزا على التفاصيل والقشور، دون قدرة على الحفر عميقا حيث الإشكاليات الحقيقة والتحديات التي تواجهها الأمة. ولا يزال الإعلام أيضا بوسائله المختلفة عاجزا عن مواجهة الفكر التكفيري بفكر يوازيه وينقض أدبياته ويوضح هشاشة محتواه. أما الإعلام الديني المرئي عبر قنواته المتخصصة فقد غرق حتى أخمص قدميه في العقلية الاستهلاكية، حتى صار يعرض صور دعاته جنبا إلى جنب مع صور أبطال المسلسلات الرمضانية!لا يبدو أن ما بذل حتى الآن كافيا لتغيير العقلية الجمعية، ومن الواضح أننا نحتاج إلى استراتيجيات وآليات جديدة لنتمكن بواسطتها من تغيير الخرائط الذهنية.فمازال خطاب التنطع والغلو في الدين والتشدد في صغائر الأمور، والتعلق بالشكلانية والتفاصيل الصغيرة على حساب جوهر الدين وتعاليمه الأساسية هو السائد! وما زالت جاهزية الأحكام واستسهال تسديد الاتهامات هي المسيطرة على مشهدنا الثقافي، فالويل لك ثم الويل لو تجرأت وخرجت على الناس بحديث مغاير لما حقن به وعيهم، ولا بد من أن يتم تبويبك تحت خانة الخارجين والمرفوضين إذا ما قلت بالتعددية أو دعوت إلى تقبل الآخر، أو إلى تبني لغة الحوار! أما إذا دعوت لإنصاف المرأة والأقليات المهمشة فقد أتيت لعمري بهتانا وإثما عظيما، ولا بد من وضعك مع المتآمرين على الأمة والخارجين على ثوابتها! أما إذا تجرأت ودعوت إلى إعمال العقل والاحتكام إلى منطقه فلا بد أن تتهم في دينك وعقيدتك، فأنت بذلك تنكر النقل وأهميته في الشريعة! من الأهمية بمكان خلق خطاب متسامح تعددي، وفي تقديري أن فتح القنوات أمام التيار التنويري لنشر فكره في المعاقل التعليمية عبر الثقافة السمعية، التي أثبتت أنها الأكثر فعالية في التأثير على الوعي الجمعي سيساهم في صنع هذا الخطاب. فهناك الكثير من العوائق التي توضع في وجه من لا يصنف من التيار الديني إذا ما أراد أن يحاضر في المدارس والكليات والجامعات، وعلى التيار التنويري أن ينزل من أبراجه العاجية ليخاطب الجماهير بلغة لا تتعالى عليه ولا تقفز على مستويات وعيه.بات تجديد الخطاب الديني والتركيز على جوهر الشريعة ولبها ضرورة حتمية، فما نحتاجه اليوم هو خطاب يعيد الاعتبار لأهمية أدب التعامل، ويركز على أهمية العمل وإتقانه وربطه بالعلم، ويشدد على قدسية الروح الإنسانية وعلى عمارة الأرض، وإلا فالهلاك هو ما ينتظر شبابنا! [c1]عن / صحيفة “الوطن” السعودية[/c]