شخصيات خالدة
ولد إيمانويل كانت في مدينة كوينجسبرج عام 1724م كطفل رابع من تسعة أطفال لرب عائلة كان يشتغل في مهنة صناعة أحزمة الجلود للخيل وسواها. وكان ضئيل الحجم لا يزيد طوله عن 157 سم ، ولم يغادر مدينته قط ولم يتزوج ، وعندما سئل: لماذا لم تتزوج؟ أجاب: احتجت للمرأة عندما لم أكن قادرا على النفقة فلما قدرت انطفأت رغبتي في المرأة. كافح الرجل في حياته بعد أن فقد أباه في وقت مبكر فاعتمد على نفسه في العيش فعمل مدرسا خاصا في البيوت ولما نجح في أخذ وظيفة جامعية في جامعة (البرتوس) كانت نفقته من الطلاب الذين يدرسهم في الأخلاق والمنطق والميتافيزيقيا. وبقي بدون أن يلمع حتى تجاوز الكهولة وبلغ 57 سنة فدفع كتابه (نقد العقل الخالص) بعد أن عمل عليه عشر سنوات ، وعندما صدر كتابه أحدث هزة في الأوساط الفكرية وتلقاها الجميع بكثير من التحفظ في الكثير مما طرح ، وأهمية هذا الكتاب أنه تناول معظم المشاكل الفلسفية الضخمة فتناولها بروح جديدة أدخلت المعاصرة إلى الفلسفة وأعطتها وجها جديدا كانت اجابات إيمانويل كانت أن معظم المسائل الفلسفية الكبرى يصعب الجواب عليها بنعم أو لا ومن وضع نفسه في هذه الزاوية وألزم نفسه بجواب محدد على هذه الطريقة فقد وقع في مصيدة فكرية، هكذا قال في كتابه نقد العقل الخالص، وكان ظهور كتابه عام 1881م وحتى اليوم لم ينتشر الكتاب في العالم العربي.وينقل عن ماوتسي تونج أن الفيلسوف الناضج هو الذي يمكن أن يحدث الفلاحين بأعظم الأفكار تعقيدا، وهي المهمة التي نجح فيها القرآن وصنع أمة هي خير أمة أخرجت للناس، وصل الفيلسوف كانت إلى خلاصة مثيرة وضعها في كتابه نقد العقل العملي عام 1888م، حينما قال إن الإيمان يشكل حاجة أخلاقية داخل كل واحد منا، وما بقي من آثار الرجل في مدينته التي كانت تضم خليطا غير متجانس من الناس وما زالت اللوحة هناك تشير إلى آخر كلماته: شيئان يملآن قلبي بالإعجاب يجعلاني كلما أطلت التفكير أزداد خشوعا وإعجابا: السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي والضمير الأخلاقي في داخل كل واحد منا. وعندما انفجرت الأحداث مع الثورة الفرنسية وتطايرت الرؤوس فوق المقصلة ونقلت له هذه الأخبار المروعة كان تعليقه أن كل هذه الفظاعات لا تقترب من فظاعة استمرار الطغيان، و كان الرجل يرى في الاستبداد قتلا منظما لعقل الأمة وروحها. توفي ايمانويل كانت في 12 فبراير عام 1804م ، ومن أكثر اللحظات حزنا على ذلك العقل الذي وضع أسس النقد في كل زاوية لتحرير العقل من الوصاية والعجز أنه أصيب في سنوات عمره الأخيرة بمرض الزهايمر فلم يعد يعرف أقرب الناس إليه.