كتب وصور / نعمان الحكيم الإعاقة امتحان من المولى لعباده ولاشك في أن تقبلها يختلف من شخص لآخر، وهذه أمور تتعلق بالنفس والحياة وسبحان الله الذي يمنح هؤلاء المعاقين ما يعوضهم .. ولله في خلقه شؤون!.لمحته في غرفة المدرسة (مركز ابن هيثم لامتحانات الثانوية العامة) سألت عنه وسلمت عليه، كان يرافقني الأساتذة ناصر أحمد محمد مشرف امتحانات وفهمي ميسري كادر بتربية التواهي ومشرف المركز حسن عبدالودود، أخبروني أنه يمتحن ثانوية عامة أدبي .. قررت أن أجلس معه في اليوم التالي أكتشف خبايا هذا الشاب المعاق بصرياً، لكنه غاية في الكياسة واللباقة يتحدث بوثوق وبابتسامة محبة، يجذبك بهدوئه وثقافته وقناعته بما قسمه الله له .. ينتزع منك الدموع بدون أن تدري أو تقرر ذلك!.
الكفيف مع معلمته
أكرم أحمد علي الصفري من مواطني التواهي يسكن بجانب مدرسة ابن سينا يعرفه الجميع كما يعرفون أسرته المكونة من أب وأم وابنين بالإضافة إليه .. الصغير شبه كفيف والمتوسط غير معاق، الأب يعيش حياة بسيطة ويعاني من الفشل الكلوي، الأم مريضة أيضاً .. لكنه مع هذا وذاك مستمر في التحصيل العلمي الذي يوصله إلى العلا والأسرة بدون عمل .. يا الله!.سألت أكرم عن دراسته ومرضه فقال ولدت كفيفاً وكبرت وتعلمت في معهد المكفوفين بالمعلا وأدمجوني الآن في مدرسة ابن الهيثم، امتحنت ونجحت في المراحل السابقة وهأنا اليوم في الثانوية العامة (أدبي) وقد وفقني الله سبحانه وتعالى في أن أصل إلى هذه المرحلة لا دعم لي إلا عبر الرعاية الاجتماعية.هناك فاعل خير يدعمني بارك الله فيه، ليس لي أي دعم حكومي أنا وأسرتي التي تعاني الأمراض وتحتاج إلى العلاج ونحن ليس لنا إلا الله سبحانه وتعالى!.
الكفيف أكرم يناقش في الفلسفة والمنطق
وحين يتحدث أكرم : وأنا أصوره أحس بالدنيا تميد بي .. شاب بهذه اللباقة والهندام وحسن المنظر والمعشر يا ليت لي القدرة لأدعمه وأوصله إلى طموحه، حدثته عن العلم والتطور واكتشاف العلم اليوم إمكانية رؤية الكفيف عبر زرع شريحة في دماغه .. هز رأسه وقال هذا ليس عندنا يا أستاذ أنا أقدر شعورك نحوي وأشكر اهتمامك ولكنني على ما أنا فيه، قد اقتنعت بمصيري هذا، ولا أخجل أو أشعر بالنقص، بالعكس أنا فرد معتز بنفسي مهما كانت الحالة، وصدقني إن الكفيف تتقوى عنده حاسة السمع والخيال، ما يعني قوة الرؤية في البصيرة وسبحان الله أننا نسير من وإلى بيوتنا وكأننا في أحسن حال اللهم إلا بعض العراقيل التي تصادفنا أحياناً ويعيننا الله عليها!.قلت لأكرم : كيف تجيب عن الأسئلة فأشار إلى مدرسة (مشرفة صحية) بجانبه وقال : إنها تكتب ما أقوله .. همست في أذنه : ألا تساعدك المعلمة فقال : هذه أمانة وأنت مشرف امتحانات تفهم ذلك، ضحكت وقلت له : أنا أمزح معك .. لكنني أكبرته على صدقه وأمانته وثقته بنفسه!.نهلة أنور أرشد .. مشرفة صحية، قالت : أنا أقوم بتدوين إجاباته عن الأسئلة وهو دقيق في الإجابة عنها ونبيه للغاية إنه ينبهني أحياناً لأشياء سبحان الله إنه ذكي ويفهم بشكل كبير، وأنا أؤدي واجبي بأمانة كما إنني لست مدرسة بل مشرفة صحية، وأقوم بما يطلب مني وصدقني إن أكرم شاب أكرمه الله بحواس أخرى تشعرك بأنه غير كفيف تماماً.وتقول نهلة : آمل توفير مدرسين لهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة وأطلب لهم تعميم مناهج (برايل) حتى تخفف عنهم المعاناة من قيمة الكتب التي تكلف كثيراً (كتب برايل المحفورة).هذه حالة تبحث عن داعم حقيقي لأسرة ابتلاها الله بالأمراض لكنها مستمرة في قهر المرض وبعون الله سوف تجتاز ذلك والأمل في الطيبين أهل الخير وما أكثرهم في بلادنا.ولا ننسى أن نتوجه إلى قيادة محافظة عدن والمجلس المحلي في التواهي الذي نعتز بقيادته التي تبذل جهوداً كبيرة لصالح المديرية أن يلتفتوا إلى هذا الشاب وأسرته ودعمهم بما يمكنهم من حياة حرة كريمة وأن يلقى الشاب أكرم التكريم والإنصاف في وظيفة تمكنه من العيش ومواصلة مشواره وتعليمه الجامعي إن شاء الله تعالى.ولأكرم التوفيق والنجاح مقدماً.