إن الثورات لا تأتي إلا من معاناة تعانيها الشعوب وقد عانى الشعب اليمني شماله وجنوبه، ، ولكن لابد من سرد بعض الأحداث التي كنت شاهداً عليها فثورة 26 سبتمبر ما جاءت إلا بعد تضحيات كبيرة في أيام الأتراك وفي 1948م ثم في 1955م ثم في 1961م عند محاولة قتل الإمام أحمد وقد أعلنت هذه الثورة مبادئها الستة للعالم فاندفع الشعب في اليمن جنوبه وشماله للدفاع عنها.. وهنا تكالبت قوى الشر لإفشالها وقد جندت بريطانيا التي تمتلك اكبر قاعدة عسكرية بالشرق الأوسط في عدن، الكثير من أعداء الثورة وزودتهم بالمال والسلاح وجعلت من بعض مناطق الجنوب منطلقاً لمحاربة الثورة والذي كان مجزأ إلى 24 دويلة، وعدن المستعمرة، ولكن الشعب أبى إلا أن يقدم الشهيد تلو الشهيد وهنا لا ننسى ثورة 23 يوليو 1952م بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر- رحمه الله- والتي قدمت حوالي عشرين ألف شهيد في سبيل نصرة الثورة اليمنية.. وأيضاً إعلامها بما في ذلك صوت العرب الذي كان له دور كبير في توعية الأمة.منطقة يافع ودورها لقد شكلت في عدن منظمة جنوب اليمن النواة والتي كان يرأسها عبد الله مطلق وكان لها واجهة علنية هي جمعية شباب يافع في عدن. وقد لعبت دوراً كبيراً في القطاعين العسكري الفدائ=ي والتنظيم المدني.. أما في يافع.. فقد اندفع الكثير من أبناء يافع للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر واستشهد منهم العشرات وقد بعثت ثورة 26 سبتمبر الأمل الكبير لتفجير الثورة في الجنوب فاجتمع الكثير من الشباب وقرروا تكوين منظمة ثورية وجيش تحرير وتكون منطقة يافع القاعدة لذلك كونها منطقة لم تخضع لأية سلطة وهي منطقة جبلية يصعب على أي جيش أن يدخلها إذا لم يكن من أبنائها ويعرف مسالكها.. ولكن واجهتنا مشاكل الفتن القبلية والتي هي منتشرة، والمليئة بالمشاكل السيئة, فقرر الشباب تشكيل منظمة ذات وجهين، وجه سري يقوم بالأعمال الثورية ووجه علني يقوم بأعمال الإصلاح وحل مشاكل الفتن. وهنا شكلت جبهة الإصلاح اليافعية السرية وشكلت لها قيادة من خمسة أعضاء: -1 سالم عبد الله عبد ربه أميناً عاماً.-2 محمد ناصر عبده أحمد (جابر) الشؤون العسكرية.-3 محمد عبد الرب محمد جبر الشؤون التنظيمية.-4 غرامة صالح المنصوري شؤون الإصلاح.-5 عبد الله محمد بن شيخ الشؤون العامة والمراسلات.ووضع لها ميثاق «دستور» وقامت بالأعمال التالية: -1 مد جبهة ردفان بالمقاتلين -2 تأمين طريق الثوار والسلاح من ذي ناعم محافظة البيضاء إلى ردفان. -3 التنسيق مع جبهات القتال في الجنوب وخاصة عدن وحالمين والضالع وقد مدت عدن بالكثير من الأعضاء الذين كانوا في القطاع العسكري الفدائي والتنظيم المدني. -4 إرسال المقاتلين إلى صنعاء للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر. ومن الأعمال التي قامت بها في مايو حين أذيع من إذاعة صنعاء عن تشكيل جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل فقررت الهيئة الإدارية إرسال وفد لتهنئة قيادة سبتمبر والتنسيق مع جبهة التحرير مكون من أربعة أعضاء وهم: -1 عبد الرحمن عبد الرب السعدي. -2 سالم عبد الله عبد ربه. -3 محمد ناصر عبده أحمد (( جابر )) -4 محسن محمد المطري. وقد ذهب الوفد إلى صنعاء في 2 يونيو 1963م.. وعند وصوله صنعاء قابل بعض القادة وهم: -1 الرئيس عبد الله السلال.-2 نائب الرئيس حسن العمري.-3 محمد محمود الزبيري.-4 عبد الرحمن الإرياني.-5 عبد السلام صبرة.-6 قحطان الشعبي وآخرون كما قابل قائد القيادة العربية المصري العميد عباس فهمي, كما قام الوفد بالاتصال بقيادة جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وكلفوا السيد ناصر علوي السقاف والشيخ أحمد بن نمير لمحادثة الوفد وكان الذين يديرون المحادثة الإخوة: -1 قحطان محمد الشعبي مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الجنوب «رحمه الله». -2 عبد الحافظ قايد« رحمه الله». -3 سلطان أحمد عمر «رحمه الله». -4 علي أحمد السلامي الذي جاء من عدن. واتفق الطرفان على أن تندمج المنظمتان في منظمة واحدة:-1 تسمى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل. -2 جبهة الإصلاح اليافعية، تعتبر شعبة من الجبهة القومية. -3 السير على هدى ميثاق جبهة تحرير الجنوب. -4 عدم تفجير الثورة إلا بعد استكمال التنظيم في معظم مناطق الجنوب وتفجره في كل مكان في دقيقة وحتى يعرف المستعمر وعملاؤه أنها ثورة منظمة. -5 عدم إعلان الاستقلال عند خروج بريطانيا والالتحاق في الجمهورية ولكن لم ينفذ القرار(5,4) نتيجة الأوضاع التي حلت في الشطرين.. وقد اجتمعت الجبهة القومية بعد التوقيع مع الإخوة من أبناء ردفان والذين أتوا للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر وعلى رأسهم الشهيد راجح غالب لبوزة وسيف مقبل وعبد الحميد بن ناجي وسعيد صالح.. وعند عودتهم إلى ردفان طلب منهم الضابط السياسي ونائب المشيخة محمود حسن علي أن يسلموا أنفسهم وسلاحهم الذي أتوا به من صنعاء.. فرفضوا وعندهم الثقة أن وراءهم الجبهة القومية، فتفجرت الثورة في 14 أكتوبر 1963م. أما بقية المنظمات والتي شكلت الجبهة القومية فهي:-1 حركة القوميين العرب. -2 الجبهة الناصرية. -3 الجبهة الوطنية. -4 منظمة جنوب اليمن الثورية. -5 تشكيل الضباط والجنود الأحرار. وهذه المنظمات كانت حركة القوميين العرب قد سيطرت على قيادتها فوجهتهم أن يعتبروا أنفسهم من الجبهة القومية لأن هذه المنظمات لم يحضر منها أحد عند التوقيع وتعتبر أسماء هذه المنظمات ملغية.. وبناء على رسالة من الأخ حسن العمري ثم شراء آلة كاتبة للوفد وآلة رانيو للنسخ واستلم مبلغاً من قحطان الشعبي وقد لعبت الآلات دوراً في طباعة الرسائل والمنشورات السرية والعلنية وطبع جريدة الإصلاح وغير ذلك, وقد وجد تنسيق بين قيادة الجبهة القومية والشعبية عبر عوض الحامد الذي كان مسؤولاً إعلامياً في البيضاء, ثم عبر مندوب الجبهة الإصلاحية في البيضاء سعيد الحوثري وحتى 13 يناير 1966م بعد الدمج مع منظمة التحرير.. وقد حاول التنسيق مع قيادة الجبهة وجبهة عدن عبر أبناء المنطقة وتحت أسماء مستعارة وهم محمد صالح مطيع وسالم صالح محمد وأحمد محمد شوقي ومحمد عبد الله دهيش وقد مدتنا جبهة عدن عبر مراحل النضال بالكوادر منهم علي محضار قاسم وعبد الرب علي مصطفى وحسين صلاح وأيضاً بعض المناضلين من أبناء المنطقة والذين انكشفوا أمام قوات الاستعمار. الجبهة العلنية: جبهة أبناء يافع الإصلاحية فقد شكلت لها هيئة إدارية مكونة من 16 شخصاً وشكلت عدداً من اللجان منها: لجانة إعلامية، ولجنة إصلاحية، ولجنة مالية اللجنة الإصلاحية أوجدت صيغة واحدة لطلب الصلح لكافة الفتن لا تتغير. -1 الصلح سنتان والمزارع تنتشر إلى الأبد -2 أمن وأمان لجميع أفراد القبيلة في حدود ومبان وغير ذلك . -3 كل سبة أدت الى الفتنة يجب أن تعلق إلى أجل غير مسمى. -4 المباني، لكل واحد الحق أن يبني في المكان الذي لا يؤدي إلى ضرر أوقد حدث عليه شجار من سابق. -5 أي ضرر يحدث بالمزارع من خراب أو سرقة فإن على صاحب الطين أن يبلغ الجبهة، وللجبهة البحث، والذي سبب الضرر سوف يحاكم محاكمة شرعية . -6 أي شخص يخل بالصلح أو يسبب خللاً في الصلح فإن قبيلته يجب ان تسلمه للجبهة، وللجبهة البحث. والذي سبب الضرر سوف يحاكم محاكمة شرعية وان منعته القبيلة فالجبهة اقوى من القبيلة. -7 الرجال قوامون على النساء أي امرأة تخل بالصلح يحاكم ولي أمرها محاكمة شرعية. فكانت عملية الإصلاح كبيرة ومشاكلها كبيرة وبعد انقضاء السنتين للصلح جدد الصلح لمدة خمس سنوات أخرى حتى جاء الاستقلال فأصدرت الجمهورية قراراً بانهاء جميع الفتن . أما الفتن والمشاكل الأخرى بين القبائل والتي لم يسقط قتلى فيها عملت فيها إصلاحاً وخلال الصلح شكلت لها لجاناً لحلها حتى شهر يوليو 1967م أرسلت لنا القيادة الأخ فضل محسن عبدالله والذي تحمل المسؤول الأول في المنطقة وأعلن العمل في المنطقة باسم الجبهة القومية وواصلت الإصلاحات بين القبائل حتى نهاية شهر أكتوبر حين عاد الأخ فضل محسن مع مجموعة من المقاتلين إلى عدن وأستمر العمل الإصلاحي وواجهتنا مشكلة فتن موجودة بين الحدود البعض تابع يافع الحد والبعض تابع لواء البيضاء وقد كنت أنا مسؤولاً في منطقة الحد مما اضطرني أن أذهب إلى محافظ البيضاء واطرح عليه المشكلة ووضعنا وثيقة تلزم الطرفين وتخولنا ان نعمل إصلاحات وحل المشاكل بين هذه القبائل ومن يخل بالصلح يضرب من قبل الجانبين . [c1]مجال الإعلام[/c]أرسل أفراد لإلقاء كلمات إرشادية في المساجد وفي المقايل واتخذ قرار بأن على كل عضو يقرأ ويكتب كتابة 20 نسخة لمنشورات كل يوم والذي يقصر يغرم نصف ريال (فرنصة) حتى اشترينا آلة كاتبة وآلة نسخ رانيو والتي ساعدتنا كثيراً بطبع المنشورات السرية والعلنية وصدرت جريدة باسم الإصلاح صدر أول عدد لها في 1963/10/31م. وفي أواخر عام 1964م فتح سوق اسبوعي كل يوم اثنين من الأسبوع ويسمى سوق الجبهة وكل يوم سوق يلقى فيه خطاب توعية وتوضيح ماذا عملت الجبهة وبعد فتح المدرسة كان كل سوق يلقي فيه خطاب لطالب أو طالبة واستمر السوق حتى يومنا هذا ولكنه نقل بعد الاستقلال إلى مكان أفضل وأوسع وحول من يوم الاثنين إلى يوم الخميس وبدلاً من سوق اسم الجبهة تحويل إلى سوق السلام وهو قائم حتى الآن . [c1]في مجال المعارف [/c]لم تستطع الجبهة أن تقيم مدرسة نتيجة الوضع القبلي والحروب القبلية حيث لا توجد مدرسة واحدة في عموم يافع العليا والسفلى ما عدا التي تعلم القرآن الكريم والكتابة الأولية في المساجد أو معاليم (كتاب) داخل بعض القرى وفي 22 ديسمبر 63م دشنت أول مدرسة لست قرى بعد أن وجد الأمن لأولاد تلك القرى وقد ساعدت هذه القرى في بناء المدرسة التي أقيمت على انقاض نوبة - أي محراس - استمرت الحراسة فيه حوالى 30 عاماً للفتن القائمة بين قرية الديوان وقرية آل أحمد وكان يدرس فيها خمسة فصول على طريقة المنهج المصري حيث نسقنا مع المركز الثقافي المصري في تعز والذي مدنا بالمنهج ونتيجة لموقعها بعد الاستقلال تم بناء مدرسة في مكان أفضل وهي الآن دار ضيافة وسكن لمدير المديرية (( المأمور)) وكنا نريد ان نرسل طلبة إلى الأخ قحطان الشعبي ليسهل لهم عملية الدراسة في صنعاء واليوم الحمد الله توجد في يافع أكثر من 160 مدرسة وأكثر من 30 ثانوية الى جانب كلية تربية وهذا بفضل الثورة والمناضلين. [c1]في مجال المال[/c]شكلت لجان لجمع التبرعات والاشتراكات وقد كان كل عضو يسلم نصف ريال (ماريا تيريزا) ونصف معشار أرضه أي زكاة الأرض الزراعية.
جبهة يافع في مواجهة الاستعمار
أخبار متعلقة