طالعتنا صحيفة “الثورة” بخبر جميل بتاريخ 13 / 7 تقريبـا مفاده أن وزارة الأوقاف ستعمل على افتتاح ألفين ومائتي مركز لتحفيظ القرآن الكريم في الجمهورية اليمنية لهذا العام 2010م، ويا له من خبر سار وجميل، وهذا العدد يضاف إلى الأعداد الموجودة التي ربما تصل إلى أكثر من (عشرة آلاف مركز) وهذا أمر جميل، ولا خلاف حوله، لأننا نريد لأولادنا أن يحفظوا كلام الله العلي القدير؛ لأنه خير الكلام.فقط يبقى أن الدولة توهمنا أنها تسعى جاهدة إلى رفد السوق المحلية أولاً بالعمالة الكفؤة والقادرة على التعامل مع مختلف التطورات التي تشهدها البلاد التي هي بأمس الحاجة إلى القدرات وإلى تطوير المهارات لدى الشباب وبما يتلاءم مع حاجة السوق، وقد أشبعت الدولة من خلال مختلف وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، هذا التوجه بل إن الدولة تعمل جاهدة وخصوصا القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على إقناع دول الخليج باستيعاب العمالة اليمنية، لما يشكله حجم البطالة من أعباء على البلاد والعباد، وما تعود به هذه البطالة من مردودات على مختلف جوانب الحياة والجريمة، وما لها من دور كبير في تغذية الإرهاب والتمرد ومدهما بحاجتهما من الشباب العاطلين ليجدوا معها مبتغاهم ومصدر رزقهم، وتجد تلك العناصر الخارجة على القانون في الشباب الهارب من جحيم البطالة مصدرا لقوتها وتحديها للدولة والدستور ومختلف القوانين والنظم المتصلة بالسلام والأمن الاجتماعيين.والسؤال الذي دار وسيدور في مخيلة أبناء الوطن، يتعلق بحاجة هذه الدول الشقيقة إلى مقرئين وحفاظ للقرآن الكريم، وكذلك فإن الدولة تعمل جاهدة من خلال وزاراتها على إنشاء مراكز التحفيظ بهذا الكم وأنها تولي أهمية قصوى لهذا الجانب، كون تلك الدول الشقيقة - التي أرقنا ماء وجوهنا من أجل أن تقبل بالعمالة اليمنية - في أمس الحاجة إلى حفاظ وقراء للقرآن الكريم.ولهذا فإننا نقول إنه إذا كان الأمر يتعلق بتلك الدول الشقيقة وحاجتهم لهذا النوع من العمالة، فإنا نبارك هذه الخطوات الجبارة ونجدها فرصة لدعوة كل الوزارات والجامعات والمؤسسات إلى إنشاء المزيد من هذه المراكز.ذلك لأن تزويد الدول الشقيقة بهذا النوع من العمالة سيعود على البلاد والعباد بالفائدة وسيرفدها بالعملات الأجنبية كي تعزز من قدرات الريال اليمني، وقيمته الشرائية، فهو يعاني من أنفلونزا الصقور.وسوف يستنهض هذا الفعل وهذا القبول من الدول الشقيقة العدد الكبير من أبناء هذا الوطن، ذلك لأننا شعب بدون هذه المراكز يحفظ الغالبية منه عددا من أجزاء القرآن الكريم إن لم يكن كل أجزائه.ونقول لمن هو في شك من هذا الأمر أن يبعد هذه الشكوك عن مخيلته بقراءة تأريخ اليمن المتعلق بطقوسه الدينية ليعلم أننا شعب موحد ومؤمن بالله الواحد القهار قبل ظهور الإسلام الحنيف، ولأننا كذلك فقد عبد اليمنيون السماء قبل أن توجد الأديان وحين وجدت الديانات ووجد الإيمان بالمولى عز وجل، كان اليمانيون هم أول المؤمنين بالديانة اليهودية والديانة المسيحية، وحين ظهر الإسلام لم يكن (أبو يمن) أول المؤمنين بالله وبالرسول المبلغ للرسالة، بل كانوا هم أول المدافعين، وهم من نشر سماحته في المعمورة.نقول مرة أخرى إنه إذا كان الحال متعلقا بطلب الدول الشقيقة لهذا النوع من العمالة فعلى بركة الله .. أما إذا كان الأمر لا يعدو أن يكون مزايدة على القرآن الكريم وعلى الإسلام والمسلمين في هذا البلد المغلوب على أمره فإننا ننصح وزارة الأوقاف بأن تعود إلى رشدها وأن تتقي الله في بيت مال المسلمين.. وإذا كانت صحيفة الثورة في إحدى افتتاحياتها نصحت دول مجلس التعاون الخليجي بضرورة مساعدة اليمن حتى يتمكن من مكافحة التطرف والإرهاب وتجفيف منابعهما .. فمن ينصح وزارة الأوقاف اليمنية لمساعدة حكومتها على تحقيق هذه المهمة.وتجاه ذلك فإنا نتساءل ولسوف نستدعي معنا في تساؤلاتنا عددا من الوزارات والهيئات والمؤسسات التي تزعم أنها تعمل وفق برامج الدولة وخططها بقصد القضاء على الفقر والبطالة ومكافحة التطرف والإرهاب، وهي تدعي بهتانـا وزورا أنها تعمل وفق تلك الخطط، في حين أننا نعلم وهم يعلمون أنه بفعل غياب عنصر التقييم والمحاسبة فإن كل وزارة تعمل وفق أهوائها ودون أدنى اعتبار لحقوق ناس هذا الوطن، وحاجتهم إلى الخلاص من جحيم البطالة وإلى العيش تحت مظلة النظم والقوانين ليتحقق لهم الأمن والسلم الاجتماعيان اللذان يقع تحقيقهما على عاتق الدولة أولا وأخيرا.غير أن الحال هنا مختلف كلية إذ ما نلاحظه أن كل وزارة تعمل وفق أهوائها والقائمين عليها، ووفقـا للغايات السياسية وليس وفقـا للبرامج والخطط التي يجب أن تسبق كل التصرفات وتحت سقوف ومظلات لا تمت إلى المصلحة العامة بصلة.وإلا لماذا التهميش للغة العصر؟إذ كان يجب على وزارة الأوقاف ومختلف الوزارات أن يعملوا على إنشاء مراكز تعليم لغة الكمبيوتر، هذه اللغة التي أضحى الناس في العالم الآخر يحتفلون بنهاية الأمية فيها لكل سكان تلك الدول.ولماذا الدولة تترك الأمر على عواهنه للقطاع الخاص أن يلعب هذا الدور وبكلفه لا يقوى عليها سوى الميسورين؟؟ولماذا لا تكون وزارة الأوقاف هي السباقة في هذا المضمار بإنشاء عدد من مراكز تعلم هذه اللغة، إلى جانب مراكز تحفيظ القرآن ولسوف تكون بذلك قد قدمت خدمات جليلة وأدخلت الشباب الطامح إلى علوم العصر.وفي هذا الاتجاه فإننا نجدها مناسبة لاستدعاء وزارات التعليم والتعليم العالي ورؤساء الجامعات، هذه الجامعات التي أضحت تلهث وراء التعليم الموازي، إذ أن العديد من الكليات لا تقبل أكثر من مائة طالب من المتقدمين الذين يصل عددهم إلى أكثر من ستمائة طالب، في حين تقبل هذه الأعداد في ما أطلقوا عليه بالتعليم الموازي، الذي تصل كلفته إلى أكثر من ألفي دولار للسنة الواحدة، فأي كذبة هذه التي تزعم الدولة أنها تؤديها لناس هذا الوطن وشبابه الطامح بقولها إن التعليم في بلادنا يسير وفقـا لما دعت إليه الثورة المباركة، أي أنه مجانـي، ولماذا يتاح لهذه الكليات الحكومية في الجمهورية نهش ما تبقى من عظام الشباب البائس؟!فماذا يعني أن تصر الجامعات والكليات اليمنية على التعامل مع الشباب اليمني، كما تتعامل مع الشباب الأجنبي الذي يرغب في الدراسة في الكليات اليمنية؟؟؟ألا يعني أن هذا التصرف يصب في الاتجاه البراجماتي وأنه يخدم في المحصلة الأخيرة جانب البطالة ويدفع بالعديد من الشباب المتفوقين في المرحلة الثانوية إلى التوجه في دراستهم عكس الرغبات التي تعتبر الأساس في عملية التحصيل العلمي، إن لم يكن التوجه إلى المعاهد التي تقدم خدماتها بصفة مجانية بل وتقدم مختلف التسهيلات لكسب ود الشباب للالتحاق بها.وهذا الأمر إن كان يمر مرور الكرام على الدولة وما تدعيه من توجهات فهو يتناقض مع ما تدعيه، وهو ما يجب أن تعمل له ألف حساب؛ لأنها قد جربت وعملت على السماح لبعض العناصر بفتح المعاهد والمراكز الدينية والعلمية في حين هي لا تمت إلى العلم بصلة.وقد تبين للخاص والعام عدم صواب هذا التوجه، وتبين كذلك أنها مراكز سياسية وجهت مليشياتها - المدربة عسكريـا والقادرة على فنون القتال - أسلحتها إلى الدولة ومكتسباتها الوطنية، ولسوف توجهها عند أية لحظة تتمكن فيها من ذلك وهذا ما حدث وما سوف يحدث لا قدر الله.وفي الأخير أجد أنه لا مندوحة من القول إنه يجب على الوزارات والجامعات والهيئات والمؤسسات الخيرية خاصة أن تتعلم من السيدة سوزان مبارك حرم الرئيس المصري محمد حسني مبارك التي جعلت لغة الكمبيوتر متداولة لدى العامة وبالملاليم على حد قول الأشقاء المصريين.وفق الله الجميع إلى ما فيه خير البلاد والعباد.
أخبار متعلقة