يستيقظ في جوف النهار ...لا يرى من نفسه شي.. يتطلع إلى المرآة فلا يشاهد شيئاً.. يضطرب .. يصيح.. يرتعب .. يتوجه إلى زوجته النائمة .. استيقظي بسرعة. -ما بالك؟ ما الذي جرى؟- أين أنا ؟ أنا لا أراني! - ومنذ متى كنت ترى نفسك؟ هل كنت تظن نفسك شيئاً، مسكين أنت لا شيء.- يستحيل، لا يمكن، لقد فقدت البصر بالتأكيد يخرج مهرولا....- انتظر، لا تذهب، لا احد يراك، أنت لا شي.-مستحيل، إذا كنت لا شي فهذا يعني أني كنت من قبل شي، وأصبحت لا شي، فلاشي لا يمكن أن يأتي من اللاشي! يتجه إلى بائع صحف ...أنت، هل تراني؟ أنا أراك ولكني لا أراك! إذن أنت تراني شيئاً .ليس بهذا المعنى، إن رأيتك شيئاً، فهذا يعني تجاوزي للظلام، وان قلت إنني أراك لا شي فقد استحكم الظلام وجداني كما تحكم بجسدي وهذا ما لا اقبله على نفسي كشيء.. وما أنت فاعل؟لا شيء ! إن قولي انك شي يستلزم أشياء، وان قلت انك لا شيء سيتطلب شيئاً واحدا، لذلك أفضل السكوت لنكون كلانا لا شي عند الأشياء وشيء عند أنفسنا. ... يسير ... يهرول .. يركض.. ينظر إلى الماء.. إلى الزجاج، إلى المرايا، إلى ظله في الشمس، فلا يرى شي.. أكاد أجن! أين أنا؟ أو لست شيئاً؟ إن كنت شيئاً فأين أنا من بين الأشياء؟ وان كنت لا شي فلما أنا شيئاً؟ يرى شيء .. اخبرني، ألا ترى مني شيئاً؟بالطبع أرى منك أشياء كثيرة. إذن أنا شيء.كلا ..أنت لا شي. كيف ؟لا يكفي أن تكون بذاتك شيئاً، بل يجب أن تصنع شيئاً لتكون شي ، أنت الآن شيئاً في ذاتك ولكنك بيننا لا شيء. إذن سأصنع شيئاً.لا يمكنك ذلك ، لأنك إن أقدمت على صنع شيء فستكون شيئاً، وستتصارع الأشياء حينها ، وأنت جزء منها والعنصر الضعيف من بين الأشياء، وستخرج من حلبة الصراع بسرعة وستغدو لا شيء . الكاتب السعودي رائد قاسم عن قصة (لاشئ)
لا شيء !
أخبار متعلقة