استضافتها عدن خلال الفترة من 31 -41 ديسمبر الجاري
يدعي الاعلام الاوروبي أنه يطمح الى تقديم صورة متوازنة عن العرب إلاّ أن تأثيره على الرأي العام محدودمن العدل والفطنة عدم الاكتفاء بالاستماع الى طرف واحد خصوصاً عندما يكون صاحب مصلحة في تشويه صورة الآخر او تحسينها .متابعة/ محبوب عبدالعزيز/ تصوير/ محمد علي عوضمشاركات فاعلةأسهم المشاركون في الندوة بتقديم احدى عشرة ورقة عمل غنية بالمعلومات والافكار والطرح الجريء وخلال جلسات الندوة الاربع كانت هناك مداخلات حول اوراق العمل التي توزعت على الجلسات وكنا نود أن نستعرض جميع الاوراق لكننا لم نستطع الحصول سوى على ثمان منها ونرى فيها الكفاية لتوضيح الصورة التي جسدتها الندوة وابعادها الفكرية الاهداف والمحاورهدفت الندوة من خلال جمع صحفيين وخبراء عرب تم اختيارهم لهذا الغرض الى مناقشة الدور الذي تلعبه ويمكن أن تلعبه وسائل الاعلام في الحوار بين العالمين العربي والاوروبي من خلال نموذج اليمن وألمانيا . وبما أن الندوة نظمتها مؤسسات ألمانية في اليمن فقد بدأت النقاشات حول جوانب تتعلق بالبلدين .لقد كان العالم العربي محط الاهتمام الدولي في السنوات القليلة الماضية سواء على المستوى السياسي أو الشعبي لدرجة لم تكن تعرف من قبل . وقد كان ومازال موضوع حرب العراق والارهاب وهما اسم واحد لموضوعين الشغل الشاغل لوسائل الاعلام العالمية . وفي الوقت نفسه ظهرت القنوات الفضائية العربية وتنامى تأثيرها لدى الجمهور العربي . وفي زمن من التطورات المتسارعة في المنطقة وفي انحاء العالم الاخرى التي لم تعكس الاحداث الجارية فحسب بل صاغت بشكل كبير تلك الاحداث والأثر المرتبط بها . لقد تنامى الوعي لدى الغرب حول وجود ضرورة أكثر إلحاحاً لاجراء حوار حضاري مكثف مع العالم العربي على مختلف المستويات وعلى الاخص في مجال الاعلام . وقد تناولت الندوة بعضاً من الكثير من المسائل المتعلقة بهذه الظواهر في اربع جلسات وهي :صناعة صورة العرب في الاعلام الاوروبي :غالباً ما يشعر العرب أن الاعلام الاوروبي يصورهم من جانب واحد ما أدى الى خلق تصور عام في الغرب يقول إن العرب متطرفون أو أشبه بذلك . من ناحية اخرى فإن الاعلام الاوروبي يدعي أنه يطمح لتقديم صورة متوازنة عن العالم العربي الاّ أن تأثيره على الرأي العام محدود . مامدى تأثير وسائل الاعلام ؟كيف يتولد هذا التأثير ؟ كيف تغيرت صورة العرب في العقد الماضي ؟ في هذه الجلسة تحدث مراسل يغطي اخبار العالم العربي للجمهور الاوروبي وكذلك صحفي عربي يعيش في اوروبا (ألمانيا) اضافة الى مختص في المجال الاعلامي عن تجاربهم وتقييمهم للوضع.صناعة صورة الاوروبيين في الاعلام العربي:مقارنة مع الشأن العربي تبدي وسائل الاعلام العربية اهتماماً ضئيلاً بالقضايا الاوروبية . إن الاحداث الاوروبية التي تحظى بأكبر تغطية في الاعلام العربي هي تلك التي لها تأثير مباشر على العالم العربي مثل السياسات الغربية في العراق او افغانستان أو ايران أو فلسطين ، وكذلك مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي . هل هذه التغطية مبررة لكونها تخدم فقط اهتمامات الجمهور العربي ، أم أنها تقدم صورة مشوهة عن اوروبا ؟ هل تختلف وسائل الاعلام الوطنية او المختصة بالشئون العربية عن بعضها في هذا السياق ؟ هذه الاسئلة طرحت من قبل مراسل عربي يغطي الاحداث من اوروبا الى الجمهور العربي ومن قبل صحفي يمني يكتب في الشئون الدولية وكذلك من قبل اكاديمي في مجال الاعلام .تغطية الاخبار بوجهتي نظر:إن الطريقة التي تقوم وسائل الاعلام الاوروبية والعربية بتغطية نفس الاحداث والاهتمام الذي تبديه بها وكذلك طريقة تحريرها تختلف بشكل كبير عن بعضها ففي الوقت الذي يكون فيه من النادر وجود وسيلة اعلام عربية لاتحكي قصصاً عن الاحداث في العراق وفلسطين في صدارة تغطياتها الاعلامية اليومية ، فإن الاحداث في هذين البلدين تتم تغطيتها في اوروبا من حين لآخر فقط. بالاضافة الى ذلك فإن مثل هذه الاحداث يتم وصفها بوضوح للعالم العربي استناداً الى وجهة نظر معينة فقط ، وذلك من خلال اللغة المستخدمة في هذاالوصف كاستخدام تعابير مثل"شهيد " أو " احتلال" وهي تعابير غير موجودة في الاعلام الغربي وبصورة عامة قد يكون هناك تفسير لهذا الامر يقول بأن القضايا المتعلقة في المنطقة يتم تناولها بدرجة عالية من التخصيص أما القضايا الخارجية فيتم تناولها بدرجة عالية من التوسع مقارنة مع وسائل الاعلام الاوروبية . من ناحية اخرى ، فإن موضوعات اخرى مثل النقاشات المتعلقة بارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية والألمانية تسرد بشكل مغاير تماماً من قبل الصحفيين العرب والاوروبيين وقد قدمت في هذا السياق ورقة عمل من قبل مراسلين يعملون لوكالات عربية واوروبية في العالم العربي وكذلك من قبل متخصص في مجال الاعلام. السبل الكفيلة بتكوين صورة واقعية عن الآخر :يكمن جوهر الحوار في معرفة الآخر . تلعب وسائل الاعلام دوراً مهماً في نقل هذه المعلومات الى الجمهور . كيف يمكن أن تساهم وسائل الاعلام في خلق مناخ ذي صورة واقعية عن الجانب الآخر ويتسم بروح من تبادل الثقافات أكثر من التركيز على المواجهة ؟ ماهي العقبات في ذلك ؟ ماهي الجهود التي تبذلها وسائل إعلام وحكومات كلا المنطقتين؟ وقد نوقشت هذه الاسئلة من قبل صحفي ومسؤول يعمل في مشروع تنفذه الحكومة الالمانية حول الحوار مع العالم الاسلامي وكذلك من قبل خبير يمني في التبادل الثقافي مع اوروبا .الحوار مع العالم الاسلامي :هذا عنوان لورقة عمل قدمتها السيدة ؟ لاديسا بيندر - قالت فيها :"حوار الثقافات بدلاً من صدام الحضارات"- بهذه العبارة يمكن أن نختصر موقف الحكومة الألمانية تجاه العالم الاسلامي وذلك منذ زمن طويل . فمجلة فكر وفن التي يصدرها معهد غوته منذ أكثر من اربعين عاماً ، في البداية باللغة العربية فقط ، ثم منذ عام ألفين واثنين بثلاث لغات ، وهي العربية والفارسية والانكليزية ، دليل على محاولة ألمانيا إقامة علاقة جيدة مع الدول العربية . لكن بعد الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001م تغير الوضع.فبدأت الحكومة الألمانية بعد هذا التاريخ تركز أكثر على الحوار مع العالم الاسلامي والعربي بشكل خاص كون العالم العربي الجار المباشر لأوروبا . فخصصت ميزانية خاصة لمشاريع عديدة وعلى مختلف المستويات تهدف الى تفاهم أحسن بين المجتمعين الشرقي ( الاسلامي) والغربي وللقضاء على الاحكام المسبقة من الجهتين .وفي هذا السياق تكونت فكرة تأسيس موقع على شبكة الانترنت هدفه الحوار مع العالم الاسلامي . وبعد استعدادات ومناقشات تم اختيار اسم " قنطرة" لهذا الموقع كجسر تحاول ألمانيا أن تبنيه مع العالمين العربي والاسلامي . ودخلت قنطرة الشبكة في شهر آذار / مارس 2003م .لكن ما أود التأكيد عليه هو أن قنطرة ليست موقعاً دينياً فمصطلح " العالم الاسلامي" يدل على العالم الاسلامي كمنطقة ( الدول الاسلامية ، وفي قلبها بالطبع الدول العربية، والدول التي تعيش فيها أقليات اسلامية كبيرة والاقليات الاسلامية التي تعيش في اوروبا).وما ننشره في موقع قنطرة الاليكتروني يضم طيفاً واسعاً من المحاور والموضوعات وهي من مقالات وخلفيات وتعليقات ومناقشات وبرامج حوارية في اللغات الثلاث الألمانية والعربية والانجليزية.واضافت قائلة:ليس من السهل على موقع أليكتروني أن ينافس ما تبثه القنوات الفضائية التي تصل الى ملايين المشاهدين وتقدم لهم الخبر السريع والمعلومة الموثقة بالصورة وذلك في الجهتين الاسلامية والغربية .لكن قنطرة تعي أن شبكة الانترنت باتت مصدراً هاماً للمعلومة وأن زوار الشبكة في تزايد وأن عدد المستفيدين منها ايضاً في ارتفاع.لذا نرى أن لنا دوراً في التأثير في المتلقي في هذه القضية أي صورة الآخر في الاعلام . وقنطرة تعرف جيداً أن صورة الآخر لدى الأنا ليست بالصورة المشرقة ، لا بل أكاد أن أقول إنها مازالت أسيرة الكليشيهات والاحكام المسبقة سواء كانت صورة الشرقي أو العربي أو المسلم عموماً في الاعلام الغربي أو صورة الغربي عموماً في الاعلام العربي والاسلامي ليست بأفضل .ورغم إسهام ( قنطرة) المتواضع فإن القضاء على الاحكام المسبقة لدى الطرفين وتقديم صورة حقيقية عن الآخر هي أهم تحد تواجهه ( قنطرة)وهو مهمتها الاساسية . واستطيع القول بأننا خلال هذه الفترة القصيرة من عملنا تمكنا من تقديم مساهمات مهمة جداً في هذا المجال ونحن نواصل السير على هذا الطريق . نحن نعلم أن صورة العربي أو المسلم مازالت مرتبطة بعالم الف ليلة وعالم الحريم والخيالات والعجائب ثم جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر والعمليات الارهابية الاخرى لتزيد الطين بلة وتجعلنا أمام تحد جديد وهو علاقة الاسلام بالعنف والارهاب.على صعيد آخر ليست صورة الاوروبي أو الغربي ، كما ذكرت قبل قليل ، لدى المتلقي العربي أو المسلم بأفضل . هنا توجد أحكام مسبقة ايضاً فالغربي لايحمل قيماً وهو لا يؤمن الاّ بفردانيته وهو عديم الاخلاق وأناني ولا مكان للقيم العائلية في المجتمع بالطبع دون أن ننسى الإرث الكولونيالي الذي تركه الغرب في العالم الاسلامي .إذن أمامنا الكثير للقيام به ولدينا تصور واضح لما علينا عمله ولكنا إيمان بأننا قدمنا شيئاً وسنقدم أكثر في المستقبل وشكراً .تكوين الصورة الواقعية:كما قدم الدكتور / محمد عبدالملك المتوكل - استاذ العلوم السياسية والاعلام بجامعة صنعاء ورقة عمل تحت عنوان " السبل الكفيلة بتكوين صورة واقعية عن الآخر" قال فيها :تتكون الصورة في الذهن الانساني من خلال المعلومات المتراكمة خلال مرحلة زمنية معينة ..وتصل هذه المعلومات الى الذهن الانساني من خلال وسائل وأشكال متعددة اصدقها - في أكثر الاحيان- ما يأتي من خلال الاحتكاك المباشر السابق لأي تصور ايجابي أو سلبي .. وأكذبها - في الغالب - ما يأتي عن طريق طرف ثالث له هدف في تكوين صورة مشوهة أو حسنة لفرد أو مجموعة أو معتقد او قضية من القضايا . وأخطرها وأسوأها ما يشكل تعميماً على فئة من الفئات او مجتمعاً من المجتمعات والذي قد يستخدم فيه مايعرف في علم الاتصال " بالارتباط الكاذب " والذي يجر الى التعميم الخاطئ كأن أقول:" أبو مصعب الزرقاوي ارهابي وهو عربي ومسلم .. إذن العرب والمسلمون ارهابيون .. وكأن أقول :" دبليوبوش.. صهيوني عنصري ، وهو امريكي ومسيحي .. إذن الامريكيون والمسيحيون صهاينة عنصريون .. وكأن أقول ايضاً :" شارون " مجرم حرب وقاتل وهو اسرائيلي ويهودي إذن : اليهود والاسرائيلون قتلة ومجرمو حرب.إن خطر " الارتباط الكاذب" لا يقتصر على الحكم على البشر وإنما يمتد ليقع على المعتقدات فيصبح الاسلام والمسيحية واليهودية كأديان ومعتقدات محل إتهام فينتقل الصراع من صراع مصالح الى صراع معتقدات وبذلك تتحقق نبوءة صامويل هنتنجتون في كتابه صراع الحضارات .. وهذا النوع من الصراع هو اشد انواع الصراع تخلفاً واشدها خطراً على المجتمع الانساني.السؤال المطروح ما السبيل لتكوين صورة واقعية عن الآخر؟إن الخطوة الاولى لتحقيق ذلك على المستوى العالمي هي قيام تجمع انساني لنخبة من البشر قد تجاوزت حدود الارض وشوفينية الاصل وعصبية الفكر والمعتقد .هدف هذا التجمع الانساني هو العمل على اقامة مجتمع انساني واحد يرتكز على العدل والمساواة والحرية واحترام حقوق الانسان .. وبفضل العلم والتطور التكنولوجي أصبح ممكناً تحقيق هذا الحلم الانساني فقد تماهت حدود الارض وتحطمت الحواجز الاقتصادية ، والثقافية ، والسياسية واصبح الممكون بمفهوم السيادة التقليدية كحراس يقفون على بوابة سور قد انهارت كل اجزائه .بدون قيام هذا التجمع الانساني الهادف ستظل الحوارات لقاءات معزولة تنتهي بإنتهاء انعقادها .. حيث لاتجد الاطار الذي يتبناها ويشكل أطرها على المستوى الدولي فتتحول الى جهد إنساني متواصل يصنع الصورة الجديدة لعالم إنساني واحد خلقه الله من نفس واحدة وجعله شعوباً وقبائل لا ليتناحر ويتصارع وإنما ليتعارف ويتكامل . يقول تعالى :( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).هذا التجمع النخبوي الانساني يتولى في البداية إدارة الحوار بين مكوناته مرتكزاً على المبادئ التالية:أ- التخلي عن الاحكام المسبقة والرواسب الثقافية والسياسية والايدلوجيات التعصبية .. والانطلاق في الحوار من مبدأ حسن النية ومن الشعور بأن المجتمع الانساني مجتمع واحد لا خيار لأفراده الاّ أن يقبل كل منهم الآخر .. ومن خلال التعامل المباشر سوف تتشكل الصورة الواقعية للآخر ويتم تصحيح الصورة السابقة او تعديلها .وهنا علينا أن نعترف إن التجرد الكامل ليس بالسهل فالمخزون الثقافي لمتلقي المعلومة يسهم اسهاماً كبيراً في تشكيل الصورة أو التأثير على خطوطها وألوانها فالاختلاف الثقافي قد يشكل عنصراً هاماً في تشكيل الصورة وإلتقاط الرسالة الاعلامية ويكفي أن يعرف متلقي الرسالة معتقدك الديني او منحدرك الاثنى حتى يبدأ في تكييف رموز الرسالة سلباً او إيجاباً على ضوء مخزونه الثقافي وانطباعه العام والشاعر العربي يقول :وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدى المساءب- الحكمة والعمل الجاد تتطلب عدم التسرع في الحكم كنتيجة لظواهر محدودة وطارئة لا تشكل ثابتاً ولا إتجاهاً مقصوداً عند هذا الطرف او ذاك وهذا يتطلب أن تخضع كل ظاهرة للنقاش وأن توضع في حجمها دون تضخيم او تهاون.ج- جرت العادة أن نتلقي أغلب معلوماتنا من طرف ثالث وكثيراً ما نأخذ هذه المعلومات كمسلمات وكثيراً ما نكتشف أننا كنا على خطأ ..وعليه فإن من العدل والفطنة عدم الاكتفاء بالاستماع الى طرف واحد وبشكل خاص حين يكون الطرف الآخر صاحب مصلحة في تشويه الصورة أو تحسينها أو تزييفها .