سمر عبد الملك- بيروت:جميع الناس يولدون أحرارا متساويين في الكرامة والحقوق (...) دون أي تمييز بما في ذلك التمييز القائم على الجنس"... نص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تحول الى واقع تترجمه مملكة البحرين بخطواتها المتتالية نحو تعزيز دور المرأة على الصعيدين العربي والدولي بعد ان تبوأت مكانة مرموقة محليا. وأحدث الإنجازات التي حققتها البحرين جاء بإجماع الجمعية العامة على تعيين السفيرة هيا راشد آل خليفة رئيسة للدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستفتتح في الرابع عشر من شهر سبتمبر(أيلول) 2006... وسام يضاف إلى رصيد إنجازات المرأة البحرينية وإلى تاريخ الحركة الحقوقية والنسائية في العالم العربي، ويؤكد إصرار المرأة المسلمة بشكل عام على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية في بلادها.[c1]المسلمات لمشاركة سياسية فاعلة[/c]ويعكس تعيين هيا راشد آل خليفة في منصب دولي رغبة وإصرار النساء المسلمات بشكل عام، على المشاركة الفعلية في الحياة السياسية، إذ أظهر استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب عام 2005 على شكل مقابلات فردية شملت عينة من نحو ثمانية الاف امرأة ونشرته صحيفة نيويورك تايمز الاميركية اليوم، ان المسلمات لا يشكين من الحجاب ولا يشعرن بالقمع في الدول التي تدين بالاسلام غير انهن يرغبن في الادلاء باصواتهن في الانتخابات لمن يخترنه من المرشحين. واظهر الاستطلاع ان اكبر نسبة من النساء اللواتي يرغبن في التصويت بحرية سجلت في لبنان (97) ثم مصر والمغرب (95).ولم تشك اي من النساء من الحجاب او البرقع ولم تذكر معظمهن مشكلاتهن الشخصية على اعتبار ان بلادهن تعاني من مشكلات اكثر خطورة بكثير مثل العنف المرتبط بالتطرف والفساد والمواقف غير الموحدة للدول الاسلامية. واعتبرت نسبة كبيرة من النساء (78 في المغرب و71 في لبنان و48 في السعودية) انه ينبغي السماح لهن بالعمل خارج المنزل والوصول الى اعلى المناصب الحكومية، وذكرن في هذا الاطار المساواة بين الرجل والمرأة في الدول الغربية.وردا على سؤال عما ينتقدنه بصورة خاصة في المجتمعات الغربية، ذكرت النساء بحسب نيويورك تايمز الانحطاط الاخلاقي والاباحية الذي يحط من مكانة المرأة. وتعتبر غالبية المسلمات وفقا لنتائج الاستطلاع ان تبني القيم الغربية لن يساعد في تقدم الوضع الاقتصادي والسياسي في بلادهن وان افضل اوجه ثقافتهن هو "تمسكها بالقيم الاخلاقية والروحية".[c1]إنجازات المرأة البحرينية[/c]والحديث عن انجازات المرأة ف لبحرين يتطلب الوقوف على مواقف عدة وخصوصا خلال العام الجاري حيث ذكر تقرير المجلس الأعلى للمرأة السنوي انه في شهر يناير(كانون الثاني) احتلت الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة المركز التاسع من بين قائمة أقوى سيدة عربية حسب مجلة فوزبز"العربية، وفي الشهر ذاته، تم تعيين الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة للشؤون الاجتماعية كثاني وزيرة في تاريخ مملكة البحرين كما تم اختيار الدكتورة وجيهة البحارنة رئيسة جمعية البحرين النسائية عضوا في مجلس إدارة التجمع العالمي للمنظمات غير الحكومية وانجو.وفي أبريل (نيسان) ترأست ألس سمعان جلسة مجلس الشورى كأول امرأة بحرينية تمارس هذا الحق وفي الشهر ذاته، حققت هدى جناحي جائزة محمد بن راشد آل مكتوم لأفضل مشروع تجاري عربي جديد للعام التي أقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة.وتواصلت انجازات المرأة البحرينية خلال هذا العام عندما فازت الدكتورة هيفاء المحمود استشارية طب وجراحة العيون، نائبة رئيسة رابطة أطباء العيون البحرينية بجائزة أفضل بحث قدم حول أمراض القرنيات وجراحاتها في المؤتمر الإفريقي العربي لطب وجراحة العيون الذي عقد في دولة الأمارات العربية المتحدة في أبريل.وفي مايو، حازت المرأة البحرينية المركز الأول على مستوى دول الخليج العربي والرابع على المستوى العربي في تقرير لمنظمة بيت الحرية فريدوم هاوس حول تقييم حرية المرأة في الشرق الأوسط، كما تم في يونيو الماضي، ترشيح الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة رئيسة جمعية الطفل والأمومة بجائزة نوبل للسلام لعام، وفي الشهر ذاته، حازت عميدة شؤون الطلبة بجامعة البحرين الدكتورة هدى الخاجة على درجة البروفيسور في التربية الرياضية.وفي تطور آخر، انتخبت هدى عزرا نونو - وهي يهودية بحرينية - في 3 سبتمبر(أيلول) 2005 لرئاسة جمعية مراقبة حقوق الإنسان في البحرين، لتصبح أول سيدة غير مسلمة ترأس منظمة لمراقبة وضع حقوق الإنسان في البلاد. وصرحت نونو بقولها "يشرفني انتخابي أمينًا عامًا لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان في البحرين، وسوف أبذل قصارى جهدي للمساعدة في تعزيز حقوق الإنسان في البلاد".وتعد نونو، سيدة الأعمال التي تدير شركة الخليج لخدمات الكمبيوتر، من أقارب إبراهيم نونو، عضو مجلس الشورى الذي يبلغ عدد أعضائه 40 عضوًا يشملون مسيحيًا وستة نساء، جميعهم معينون من جانب الملك، ويعيش في البحرين 30 يهوديًا كمواطنين بحرينيين يتمتعون بكافة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، يعمل معظمهم في مجال الأعمال والأنشطة المالية في أماكن مختلفة في البلاد.[c1]تهنئة[/c]وهنأ رئيس المجموعة العربية في الجمعية العامة للامم المتحدة المبعوث الجزائري يوسف يوسفي الشيخة هيا، معتبرا انتخابها مصدر فخر وعز لبلادها البحرين ولكل عضو فى المجموعة العربية الى جانب النساء لاسيما النساء العربيات منهن. وأكد المبعوث الجزائري تعاون المجموعة العربية الكامل مع الشيخة هيا متمنيا لها النجاح فى عملها الجديد.وعلى صعيد متصل أصدرت المجموعة الآسيوية بالامم المتحدة التى ساندت ترشيح الدبلوماسية البحرينية منذ بداية العام الجاري بيانا لتهنئة الشيخة هيا على هذا المنصب الجديد متعهدة بان تتعاون معها في دورة الجمعية العامة المقبلة. من جانبه قال رئيس مجموعة الدول الغربية المبعوث الإيرلندي ديفيد كوني إن الشيخة هيا ستتبوأ هذا المنصب فى وقت تواجه فيه الامم المتحدة تحديات عدة. وقال كوني من حسن حظ الجمعية العامة ان يتولى رئاستها شخص مثل الشيخة هيا التي لديها خبرات ومهارات واسعة في مجال القانون والدبلوماسية. وأكد ان مجموعة الدول الغربية ستقدم الدعم الكامل لها خلال توليها هذا المنصب الجديد ذا المسووليات الكبيرة.وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة وزوجته الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الاعلى للمرأة، هنآ الشيخة هيا وأعربا عن بالغ السرور والفخر لانتخابها - الذي يعتبر إضافة لسجل انجازات المرأة البحرينية.وبعث الملك حمد ببرقية تهنئة الى الشيخه هيا، واعرب عن بالغ سروره بانتخابها مؤكدا أن هذا الانتخاب يعتبر اضافة لسجل انجازات المرأة البحرينية التى استطاعت ان يكون لها دورا متميزا، فيما أعربت زوجته الشيخة سبيكة عن ثقتها بأن تقدم عبر هذه المسؤولية الصورة المثالية للمرأة العربية التي تسعى الى تحقيق أعلى مراتب النجاح وفى شتى مناحي الحياة. كما باركت الشيخة سبيكة جميع جهود مملكة البحرين لكسب تأييد كافة الدول للترشيح لهذا المنصب الامر الذي سيسهم في رفع اسم مملكة البحرين عاليا وشأن المرأة البحرينية على وجه الخصوص فى المحافل الدولية متمنية للشيخة هيا كل التوفيق والنجاح فى مهام عملها الجديد.من جهة أخرى أعربت لولوه صالح العوضى الامين العام للمجلس الاعلى للمرأة عن بالغ السعادة لما تحققه المرأة البحرينية من انجازات وعلى مختلف الاصعدة مؤكدة بان انتخاب هيا يسجل انجازا تاريخيا لاول دبلوماسية بحرينية تتقلد هذا المنصب الرفيع المستوى. وأوضحت لولوة العوضى أن هذا الترشيح يؤكد القناعة التامة بقدرات المرأة البحرينية وكفاءتها فى ادارة المناصب العليا على ارض الواقع والذى يعد ترجمة حقيقية لمناخ الديمقراطية الذي تعيشه مملكة البحرين بعد اطلاق المشروع الاصلاحي الوطنى للملك والذي ساعد على افراز نخبة من النماذج المشرفة للمرأة البحرينية يفخر بها وطنها فى كل مكان.من جهته، اكد فاضل الحليبي نائب الأمين العام للمنبر التقدمي ان تعيين الشيخة هيا آل خليفة كرئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة يشكل خطوة ايجابية نحو تعزيز دور المرأة البحرينية على الصعيدين العربي والدولي بعد ان تبوأت مكانة مرموقة في مملكتنا. أضاف ان هذا الاختيار يعطي أهمية خاصة لدور المرأة في المشاركة السياسية آملا أن يتعزز هذا الانجاز في داخل البحرين حيث اننا مقبلون على انتخابات بلدية ونيابية.كما أمر الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتعيين منى الكواري كأول قاضية بحرينية في المحكمة الكبرى المدنية لتكون بذلك أول قاضية في الخليج.وستحل هيا راشد آل خليفة - وهي ثالث امرأة وأول عربية ترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة وإحدى أول امرأتين بحرينيتين تعملان بالمحاماة في البحرين بدءا من عام 1975- محل رئيس الدورة الستين الحالية وزير خارجية السويد يان ايلاسون.وسبق أن تولت الليبيرية إنجي ئي بروكس رئاسة الدورة الرابعة والعشرين للجمعية العامة للمنظمة الدولية عام 1969. ورئاسة الجمعية العامة التي تضم 191 دولة هي بالتناوب بين المناطق وتقدم الكتل الإقليمية في الأمم المتحدة المرشحين.يذكر أنه تم إعلان ترشيح هيا راشد آل خليفة في عشرين سبتمبر(أيلول) 2005، وقال وزير الخارجية البحريني محمد بن مبارك آل خليفة أمام الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ترشيح الشيخة هيا بنت راشد آل:"لقد اختارت البحرين مرشحة ذات قدرات جيدة تمثل المرأة البحرينية ولديها الخبرة والحكمة والديمقراطية".وسبق أن تم تعيين الشيخة هيا الحاصلة على درجات علمية في القانون من كل من الكويت ومصر بمنصب سفير البحرين في فرنسا في ديسمبر عام 1999، لتكون أول سيدة في البلاد ترأس بعثة دبلوماسية في الخارج، واستمرت في هذا المنصب حتى عام 2005، كما مثلت البحرين في نفس الوقت في بلجيكا وسويسرا وإسبانيا. وعلى مدى ثلاثة عقود اشتغلت فيها بالمحاماة ركزت هيا على الدبلوماسية والتحكيم الدولي وتسوية النزاعات وكذلك وضع المرأة في الشرق الأوسط وأمام المحاكم الشرعية. وهي تدافع عن تفسير منطقي للنصوص الإسلامية أثناء تطبيقها على النساء أمام محاكم الأسرة بدلا من التفسيرات التاريخية.وترأس هيا شركتها الخاصة للمحاماة وهي المستشار القانوني للبلاط الملكي في البحرين.وكانت تشغل أيضًا منصب سفير البحرين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وتم تعيينها عضوًا بحرينيًا مناوب في محكمة التحكيم الدولية بغرفة التجارة الدولية، ولعبت دورًا نشطًا في القضية البحرينية - القطرية في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
