أمرية المريطي :لم يعد موضوع شراء احتياجات الأشخاص عبر الانترنت يخفى على أحد أو أمر لا يصدق، فالمتصفح للنت يلاحظ التطور السريع والهائل في هذه الشبكة التي باتت تؤدي اليوم مهات اقتصادية كان احد ثمارها التجارة الالكترونية. فإذا كان واقع الشبكة العنكبوتية (الانترنت) في بداية انطلاقها يعكس ميلاد مواقع النشر التي تتضمن معلومات عامة فإن السائد في وقتنا الحاضر يؤكد أن هذه الشبكة لم تعد مخزنا للمعلومات فقط، وأصبحت تؤدى مهام سياسية وإعلامية واقتصادية. ولم يعد مستخدم الـ”نت” يلقى مشكلة في البحث عن مواقع التجارة الالكترونية، فقد شاعت منذ دخول الألفية الجديدة كثير من المواقع التجارية، وحتى مواقع المعلومات البحتة أضافت إلى مواقعها مداخل لأنشطة التسويق والخدمات ولا يكاد يخلو موقع من نشاط استثماري ومالي. [c1]تطور الانترنت :[/c]اليمن من بين الدول التي طالتها التكنولوجيا وانتشر فيها الـ”نت” كغيرها من الدول، فحسب إحصاء أعدته وزارة الاتصالات السلكية واللاسلكية؛ فإن إجمالي عدد مستخدمي شبكة الانترنت وصل حتى نهاية الربع الثالث من عام 2006 إلى 146 ألف مشترك، فيما بلغ عدد مقاهي ال”نت” في اليمن 822 مقهى. هذا التطور السريع ساهم بشكل أو بآخر بنشر مسمى” التجارة عبر الانترنت” لدى أغلب اليمنيين. فقد اظهر الاستبيان الذي أجرته صحيفة “السياسية” وشمل عدداً من طلاب الجامعة وأخصائيين بمختلف المجالات، أن 91 بالمائة من الذين شملهم الاستبيان سمعوا بالتجارة عبر الانترنت، فيما لم يسمع 9 بالمائة منهم بهذه التجارة. [c1]جهل الكتروني: [/c]برغم شيوع اسم التجارة الالكترونية إلا أن مفهوم ومضمون هذه التجارة لا يزال مجهولا لدى اغلب اليمنيين، حيث أظهر الاستبيان أن نحو 59 بالمائة من الذين وزع عليهم الاستبيان يجهلون تماما ماهية التجارة الالكترونية وكيف تتم .. فيما أفاد 41 في بالمائة منهم أنهم يعرفون تفاصيل عن هذه التجارة. والسبب في ذلك هو أن انتشار ال”نت” مازال في بدايته، كما أن استخدامهم للنت يكون محصورا لغرض يتناسب مع أعمالهم، إضافة الى ضعف مهارات استخدام الحاسوب والتعامل مع تكنولوجيا الاتصال وضعف البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، فضلا عن ضعف مستوى تأهيل الموارد البشرية وعدم مواكبة المناهج التعليمية والبرامج التدريبية للتطورات التكنولوجية واحتياجات سوق العمل. ويظن الكثير من الناس أن التجارة الإلكترونية هي مجرد الحصول على موقع الانترنت ولكنها اكبر من ذلك، فهي عبارة عن بيع وشراء البضائع والخدمات والمعلومات من خلال الإنترنت، حيث يلتقي البائعون والمشترون والسماسرة عبر هذا العالم الرقمي من خلال المواقع المختلفة من أجل عرض السلع والخدمات والتعرف عليها والتواصل والتفاوض والاتفاق على تفاصيل عمليات البيع والشراء. وهناك شكلان رئيسيان للتجارة الإلكترونية من حيث أطراف الاتصال وهما: التجارة بين شركة وشركة، وبين شركة ومستهلك. وعلى الرغم من ذلك فهناك نوع ثالث أقل شيوعا وهو تجارة الأفراد مع الأفراد ويبرز على نحو أكثر وضوحا عبر مزادات الإنترنت التي تباع فيها البضائع الجديدة والمستعملة. [c1]الأمية عائق أمام تجارة النتالتجارة في اليمن .[/c]الجهل في تعريف ماهية التجارة الالكترونية يؤكد ضعف هذه التجارة في اليمن، فقد أظهرت دراسة ماجستير في قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة صنعاء للعام 2007 أجراها راجح قائد الأسد أن التجارة الإلكترونية في اليمن مازالت ضعيفة جدا نتيجة لتوليفة من الأسباب جمعت بين ضعف الوعي حول هذه التجارة وارتفاع نسبة الأمية بنوعيها الأبجدية والرقمية. وأضافت الدراسة التي جاءت بعنوان “التجارة الالكترونية مزاياها الاقتصادية ومتطلبات تنميتها مع التطبيق على الجمهورية اليمنية “ أن من أسباب ضعف التجارة عبر الانترنت في اليمن ضعف البنية التحتية للتجارة وعدم وجود بيئة تمكينية لتطبيق وانتشار هذه التجارة، إضافة إلى ذلك عدم وجود برامج حكومية تروج لفوائد هذه التجارة.وتؤكد الدراسة أن الاقتصاد اليمني مازال من ضمن الاقتصاديات المتأخرة ولا يزال يعني من سيادة الأساليب التقليدية وهي أساليب معظمها يتصف بالضعف وعدم القدرة على النهوض والتعامل مع الاقتصاد العالمي الجديد. [c1]خوف من النصب الالكتروني:[/c] ووسط الضعف الشديد لواقع التجارة الالكترونية في اليمن تبرز مشكلة أخرى تكمن في عدم ثقة اليمنيين بهده التجارة فحسب. الاستبيان، يثق 7 بالمائة بشكل دائم بهذه التجارة مقابل 35 في المائة لا يثقون بها إلا نادرا، و58 بالمائة منهم يثقون بتجارة “النت” أحيانا. وأرجع عدد منهم أسباب عدم ثقتهم بتجارة الـ”نت” إلى كثرة المواقع التجارة الالكترونية وعدم تمكنهم من معرفة الحقيقي من المزيف، مضيفين أن الخوف من عمليات النصب والغش والقرصنة كانت من ضمن أسباب عدم ثقتهم بهذه التجارة. ويشاركهم في الرأي ذاته مدير عام المبيعات بمؤسسة عذبان التجارية علي عبد ربه عذبان الذي قال: “إن التعامل لأول مرة مع شركات غير معروفة وليس لها اي وكيل في البلاد قد يوقع في فخ الغش والاحتيال والنصب». ويضيف أن صفقات طلبيات مؤسسته تتم عن طريق البريد الالكتروني (الإيميل) مع الشركات التي تعتبر المؤسسة وكيلها حيث يتم الاتفاق على الطلبيات والمواصفات خلال “الإيميل” وبعدها تتم عمليات دفع أموال الصفقة عن طريق البنوك. فيما أجمع آخرون من الذين شملهم الاستبيان أن عدم تعلمهم لتقنيات الحاسوب والتعامل مع تكنولوجيا الاتصال وعدم امتلاكهم لمعلومات كافية عن هذه التجارة، هي من أسباب عدم ثقتهم، إضافة إلى عدم وجود خبرات يمنية سابقة قد اقتحمت هذا المجال ونجحت فيه. [c1]تحديات وآمال:[/c]وأظهرت الدراسة أن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد اليمني وتكون احد الأسباب التي تعيق انتشار تجارة الـ”نت” هي: انه اقتصاد ريعي يعتمد بالدرجة الأولى على عوائد الصادرات النفطية، وضعف الصادرات النفطية وضعف مستوى التنافسية الدولية للاقتصاد في السلع والخدمات، وغلبة المشروعات الصغيرة التي تزيد عن 95 بالمائة من إجمالي عدد المنشآت في السوق اليمنية بالإضافة إلى ندرة الشركات المتوسطة والكبيرة. وبالرغم من أن الجانب غير المضيء لواقع هذه التجارة في اليمن، إلا أن نحو 57 بالمائة من الذين وزع عليهم الاستبيان يصدقون أن بإمكانهم شراء سيارة أو أشياء أخرى عن طريق الـ”نت” ..فيما رفض 43 بالمائة منهم تصديق ذلك. وتشير الدراسة إلى أن التجارة الإلكترونية في حال انتشارها في اليمن ستعطي للاقتصاد اليمني دفعة قوية في تحسين القدرة التنافسية في ظل العولمة .. وتيسير اندماج اقتصاد اليمن في الاقتصاد العالمي الجديد. وتضيف أن هناك ضعفا شديدا من قبل الأطراف المستفيدة حيال التوجه الفاعل لتطبيق التجارة الالكترونية في اليمن..وتؤكد انه يمكن النهوض بالاقتصاد اليمني وجعله قادرا على التعامل مع الاقتصاد العالمي من خلال إتباع أساليب وأدوات اقتصادية ناجحة والاستفادة من التكنولوجيا الجديدة من خلال تشجيع التوسيع في استخدام التجارة الالكترونية. وتوضح أن نجاح تطبيق ونمو هذه التجارة مرهون بمدى سرعة الاستجابة إلى توفير المتطلبات الرئيسية اللازمة لتطبيق هذه التجارة والمتمثلة في المتطلبات التقنية والبشرية والمتطلبات القانونية والأمينة ومتطلبات التوعية والدعم والمتطلبات المصرفية والخدمات السائدة. وتضيف الدراسة أن نجاح تطبيق هذه التجارة لا يقع بالضرورة في مجملها على عاتق الحكومة بل قد يشترك في بنائها أو إيجادها كل من الحكومة والقطاع الخاص وأفراد المجتمع والمنظمات غير الحكومية وجميع الجهات التي يمكن أن تستفيد من هذه التجارة. [c1]محاولات لتفعيل التجارة الالكترونية:[/c] ولفتت الدراسة الاقتصادية إلى أن هناك محاولات محدودة لتطبيق مظاهر التجارة الالكترونية في اليمن، منها على سبيل المثال الجمارك الكتروني، الريال الإلكتروني لتسديد بعض فواتير الخدمات والتحويلات المالية والبريدية على المستوى المحلي. كما بدأت بعض البنوك في إدخال وتوفير بعض الخدمات المصرفية الإلكترونية .. ورغم ذلك تشير الدراسة أن الشركات بأحجامها المختلفة لا تزال تمارس نشاطاتها بالطرق التقليدية. ولم يتوقف الأمر عند البنوك بل طرقت تكنولوجيا الاتصالات باب وزارة التجارة والصناعة بهدف مواكبة العصر تمهيدا لإنشاء حكومة الالكترونية حيث يتم حاليا العمل على تنفيذ مشروع رفع كفاءة قطاع التجارة بالوزارة لتسهيل إجراءات تسجيل الشركات وفروع الشركات الأجنبية والوكالات والأسماء التجارية والأفراد والمحاسبين. والمشروع عبارة عن موقع إلكتروني يمكن للفرد أو الشركة تسجيل الاسم التجاري والصناعي والحصول على التراخيص عن طرق الـ”نت” مباشرة، ومع ذلك فإن ذهابنا إلى الوزارة للسؤال عن ما إذا كان هناك تعامل تجاري عبر الانترنت كان إن عدنا من دون إجابة، فالمعنيون في الوزارة لم يسمعوا بذلك من قبل- حد قولهم. وبين الضعف وعدم الثقة بهذه التجارة يبقى سؤال، هل سيأتي يوم ويمتلك كل يمني حاسوبا يمكنه من الدخول إلى الشبكة العنكبوتية وإجراء صفقات أو تسويق لمنتجات مصنعه أو شركته أو مزرعته؟.
التجارة الالكترونية في اليمن أمام تحديات وتطور الانترنت
أخبار متعلقة