قرأت لك
يحسدنا الجيل الجديد من الأدباء والصحافيين على أننا عشنا في زمن الأساتذة. وأنهم يعيشون بلا أساتذة. هذا صحيح. ولكن أحداً من هؤلاء الأساتذة لم يقل لنا: اكتبوا أو اقرأوا أو تعلموا. أو لا تسرفوا ولا تدخنوا ولا تضيعوا العمر أمام التلفزيون وفي الكباريهات والملاعب. لم أسمع شيئاً من ذلك من أي أحد من الكبار في زماني. ولكن رأينا نماذج ناجحة. ونظرنا وتأملنا. واستوعبنا الدرس. ولم نتعجل النتيجة..أذكر أنني كتبت مقالا فأبدى الأستاذ العقاد إعجابه بأسلوب المقال. وأحزنني أن يكون هذا رأي العقاد في أسلوبي. وأنه قد أعجب به لأنه شبيه بأسلوبه هو. ففزعت من أن يكون أسلوبي مثل أسلوب العقاد: هندسي معماري جاف.. فتوقفت عن الكتابة وعن النشر تماماً. وأمسكت المقال الذي أعجب العقاد وكتبته 25 مرة.. أو 27 لا أعرف. وحذفت من المقال كل التراكيب الفلسفية ـ فقد كنت حديث التخرج في الفلسفة. وظللت أحذف وأوضح حتى أصبح المقال سهلا. ثم نشرته بعنوان آخر في نفس الصحيفة. ولم ينتبه أحد إلى أنني كتبت هذه المعاني من قبل!بينما كنت حريصاً على ارتباطي بالعقاد فلما سئل العقاد عني قال: ومن هذا الأنيس منصور؟ فتضايقت جداً. ولما سألته اعتذر بأنهم غيروا كلامه!فكتبت مقالا في «روز اليوسف» بعنوان: عباس محمود العضاض. ولما سألني: اعتذرت بأنهم شوهوا كلامي.. وكلانا كاذب هو قال وأنا قلت..بينما طه حسين هو الذي قدم لي كتابي «حول العالم في 200 يوم».وظهر في التلفزيون وقال: إنني أحسن قارئ في مصر..ولكن الجيل الجديد يريدنا أن نأتي له بالورق والقلم والفكرة ونترك لهم حق التوقيع فقط؟!