اضواء
القرار الذي صدر مؤخراً عن السماح للسعوديات بالإقامة في الفنادق هو قرار رائع جداً.وهو خطوة مهمة في طريق إعادتنا لطبيعتنا الحقيقية التي يبدو أننا، وبسبب موجات كاسحة من البرمجة العقلية والشحن النفسي، أضعناها ولكننا لم نخسرها. الإنسان مهما بدا قاسيا ومتطرفا وعنيفا فإنه لا يفقد تماما حقيقته الطيبة والمتسامحة. هذا القرار سيساهم في إعادتنا لحقيقتنا الطيبة ولأخلاقنا غير المتشككة وسيساعدنا أن نعمل على إعادة بعض الحقوق للنساء السعوديات ويجدد الثقة بهن ويعيد لهن الاحترام وهذا أقل شيء نفعله لهن. إنه قرار صحيح على العديد من المستويات. الأمنية، حيث سمعنا العديد من القصص المحزنة التي تجد فيها النساء بلا بيوت بسبب ظرف معين كما حدث مع المرأة التي نامت في السيارة.أو عندما تطرد المرأة السعودية من بيتها بعد خلاف مع زوجها وتتحول بسرعة من امرأة محترمة إلى امرأة متسولة تبحث عن مجرد مكان للنوم. وهو صحيح أيضا على مستوى إنساني. فمن حق المرأة السعودية التي تتمتع بإنسانية كاملة وعقل إنساني كامل وعواطف إنسانية كاملة أن تحصل على كل ما تحصل عليه جميع النساء في العالم. القرار أيضا مهم من ناحية ثقافية لأنه سيحدث تغييراً إجبارياً في الثقافة السائدة التي أقصت المرأة وجعلتها تابعة. ومن المؤكد أن مثل هذا القرار سيثير غضب الكثير من الأشخاص الذين يريدون أن يحتفظوا بالوضع السابق للمرأة السعودية وعلى الرغم من كل الأخطاء التي يشاهدونها ويتابعونها في الصحف إلا أن كل هذا غير مهم بالنسبة لهم إذا كانت أفكارهم المغلقة هي التي ستنفذ في نهاية الأمر. اعتراضاتهم تأتي في كل القرارات التي تمنح النساء السعوديات بعض حقوقهن الطبيعية تأتي على شكل حماية لهن وفي الحقيقة هو تشكيك مهين في أخلاقهن. إنهم يعترضون على سفر المرأة وعلى خروجها وحيدة وعلى سكنها في الفندق، وغيرها من المواقف، وكلها بحجة الخوف عليها من الأخطاء الأخلاقية. هذه الحجة متكررة جدا لدرجة الابتذال، ويتم ترديدها مع كل تطور جديد يطرأ على المجتمع النسائي، ومع ذلك ربما هي تحقق بعض النجاح لأن الكثير من الناس ربما لم يسمعوا غيرها. هذه الحجة التي تدعي الحماية هي تقول في الحقيقة إن المرأة السعودية تفتقد للصلابة الأخلاقية التي تجعلها تنزلق بسرعة في الخطأ بمجرد أن تسافر لوحدها أو تسكن في فندق. ولأنها كذلك يجب أن نقيدها في أوضاع معينة وتحت رقابتنا الذاتية حتى لا تقع في المشاكل. مثل هذه النظرة التي تشكك بشكل واضح في أخلاقيات نسائنا سخيفة جدا. المرأة التي تلتزم بأخلاقيات نظيفة ومبادئ عقلية عميقة لن تجعلها الإضاءة الخافتة في غرفتها بالفندق أو رحلة جوية خارج الحدود أن تتخلى عن كل مبادئها وأخلاقها. إن ذلك يعني أن نساءنا رخوات أخلاقيا وهن بحاجة فقط لمثل هذه الظروف لكي يعبرن عن أعماقهن ويظهرن على حقيقتهن وإنهن طوال هذه الفترة التي يعشنها معنا ويظهرن كملتزمات بالأخلاق وفاضلات كن يمثلن مسلسلاً طويلاً من الكذب المتواصل علينا في انتظار الفرصة السانحة فقط. هذا كلام سخيف جدا وقد أثبتت الكثير من التجارب البسيطة أنه كذلك. فقد أثبتت النساء السعوديات في الداخل والخارج أنهن ملتزمات أخلاقيا ولسن بحاجة إلى رجل كي يضبط تحركاتهن ويقوم سلوكهن ويقودهن بعيدا عن المنزلقات الروحية. من القضية الشهيرة لتعليم البنات والغزو الفضائي وحتى سكن الفنادق هذه، كانت تتكرر مثل هذه التحذيرات المرعبة عن انحراف النساء السعوديات، ولكننا تجاوزنا كل ذلك، ولا نرى أننا أصبحنا مجتمعاً من المنحلين أخلاقيا. ما زلن النساء يتزوجن وينجبن الأولاد ويقمن بتربيتهم ويعملن ويصرفن على المنزل ويساعدن إخوتهن وأزواجهن، ومن الغريب جداً والمحزن رغم ذلك أن نعتبر هؤلاء النساء غير جديرات بالثقة بهن وأن غرفة فندق قادرة على تحويلهن إلى نساء مشكوك في أمرهن. ومن المحزن جدا أن هؤلاء الرجال الذين تلقوا كل هذا الاهتمام والحب والرعاية والإخلاص وهم صغار وحتى بعد أن كبروا هم من يطبقون مثل هذه النظرة المتشككة وعديمة الأخلاق على النساء. زرت جميع الدول الخليجية المتقاربة معنا ثقافيا واجتماعيا ولم أجد مثل هذه النبرة المتشككة بالنساء مثل ما أسمعها وأراها لدينا. ويحق لنا أن نتساءل : لماذا نفعل ذلك؟!. لم تظهر المرأة السعودية طوال تاريخها أي سبب أو تصرف يجعلنا نحاصرها بمثل هذه الرؤية المريضة والمتشككة. نسائنا مثل جميع نساء العالم ولكن بأساليب المراقبة والخوف والشك الذي نستخدمها معها نؤكد عنها الصورة بأنها ستكون منفلتة لو وجدت الظروف الملائمة ونشوه صورتها خارجيا ونحن نعتقد أننا ندافع عنها. عندما يسأل أحدنا عن ماذا تعني له المرأة، يجيب بتلك الإجابة التقليدية المعروفة: “هي الأم والأخت والزوجة”. كم هي إجابة كاذبة ومنافقة. الذي يحب أمه أو زوجته أو أخته لا يتعامل معها وكأنها خائنة في أعماقها.[c1]* عن / صحيفة “الرياض” السعودية[/c]