غضون
* قبل نحو سبع سنوات.. وتحديداً يوم 20 نوفمبر عام 2003م أصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بإنشاء “المجلس الأعلى لأمناء الزكاة” كهيئة تابعة لمجلس الوزراء تضم أعضاء من مجلس القضاء واتحاد الغرف التجارية والصناعية وجمعية علماء اليمن إلى جانب وزراء الأوقاف والشؤون الاجتماعية والقانونية.. وأن تكون المجالس المحلية في المحافظات والمديريات فروعاً لمجلس الأمناء واعتبار الزكاة مورداً محلياً.. ومهمة المجلس الإشراف على تحصيل الزكاة وتحديد معايير صرفها.. ونص القرار على إجراءات أخرى.. وفي مادته الأخيرة “يعمل به من تاريخ صدوره”.سبع سنوات مضت على صدور قرار إنشاء المجلس.. فمن منا سمع به الآن أو عرف له نشاطاً أو حتى عنواناً يدل عليه.. بينما فريضة الزكاة هي ركن من أركان الإسلام.. وقضية مثيرة للجدل إلى اليوم.. لمن تدفع الزكاة.. للدولة أم حسب ما يقرره المكلف بأدائها؟.. نقداً أم عيناً أم بضاعة.؟ لعاقل الحارة أم للجمعية الخيرية أم لأصحاب الذمم الفاسدة أم للذين يفرشون “الشيلان” في المساجد؟.. بينما أمور مثل هذه يفترض أن تكون قد حسمت على الأقل منذ إنشاء ذلك المجلس.* إذا كان ذلك القرار الجمهوري غير قابل للتطبيق فلماذا أعد وتم إصداره إذن.. وإذا كان مناسباً فلماذا لم يتحول إلى فعل أو حركة؟ الزكاة فريضة شرعها الإسلام لمكافحة الفقر ومساعدة الفقراء على إقالة أنفسهم من البؤس ولتمويل مشاريع خدمية في الأحياء والطرقات.. وعندنا في اليمن لا يلاحظ أنها تحدث أثراً في حياة الفقراء رغم أن نصف السكان على الأقل أي أكثر من عشرة ملايين نسمة ملزمون بأداء الزكاة على الزرع والتجارة والصناعة والرعي والكنز والنقد فضلاً عن واجب أداء زكاة الفطر.. فكم هي موارد الزكاة التي تحصل الآن.. هي قليل بدليل أن مواردها في العاصمة لا تتجاوز خمسة مليارات ريال.. والسبب ليس في امتناع الناس عن أداء الفريضة بل الفوضى في هذا المجال وعدم بساطة الآليات المحددة لذلك، فعلى سبيل المثال نص القرار السابق ذكره والذي لم يعمل به على أن تورد الزكاة إلى حسابات بنكية في بنوك المركزي والأهلي والتعمير والتعاوني.. فلماذا هذه المشقة؟! فأمام هذا الخيار سوف يلجأ المزكي إلى إبراء ذمته أمام أي مناد “حي على الزكاة” ولو كان غشاشاً. * والرأي الذي يميل إليه كثيرون هو أن تقنن الزكاة بقانون.. غير القانون الحالي الذي لا يفيد.. قانون جديد يتضمن إنشاء صندوق خاص للزكاة ويحدد له هيئة إدارة مستقلة.. ويحدد أنصبة الزكاة وكيفية صرفها واستخداماتها ويعتمد على الاجتهادات الفقهية المعاصرة بهذا الشأن، خاصة وأنه لم يعد هناك وجود للعاملين عليها وتحرير العبيد وابن السبيل في هذا الزمن، مع الأخذ في الاعتبار أن النقود باتت متوافرة بأيدي المزكين ولم يعد من الضروري التمسك بخيار دفع الزكاة عيناً أو بضاعة.. وأن مصارف الزكاة اليوم لها أبواب مختلفة عما كانت عليه من قبل، فالباب الأول في هذا العصر هو الفقراء.. ومهمة الصندوق المقترح هو مساعدة الفقراء دون غيرهم.. وهذه المساعدة قد تكون رواتب شهرية أو مشاريع خدمية أو تدريب على الكسب.. وبالتأكيد هذا الصندوق المقترح ليس بديلاً عن صندوق الرعاية الاجتماعية وإنما يعاد النظر للمواءمة بينهما وعدم التعارض بين القانونين المنشئين لهما.