المخطوطة الإسلامية وفن الزخرفة والنقوش في العمارة الإسلامية
د. زينب حزام من أين ينبع فن وجمال الخط العربي، وكيف يرتقي رسم الحرف العربي ؟، وإلى أي مستوى ترتفع القيمة التاريخية للوحة الفنية التي تحمل النقوش والزخارف الإسلامية في فن العمارة ؟، وهل هو الشكل الهندسي المتناسق أم القوة التعبيرية التي تدعو إلى التأمل ؟ ويكفينا النظر إلى مخطوط لكي نستطيع الإحساس بتدفق المادة التي تكونه بحيث تصلنا في يسر بروح الخطاط. يعود الخط العربي مجدداً ليأخذ دوراً مهما في تقديم الفن الإسلامي إلى العالم الغربي ضمن ظاهرة ثقافية لم يسبق لها مثيل من حيث تنوع وقيمة المخطوطات المعروضة . فهل هو مجرد حوار فني مع الشرق بألوانه الزاهية وأشكاله المعبرة ؟ أم أنها محاولة متجددة لمد جسور التفاهم بين الشرق والغرب؟. في بلادنا تنتشر صالات في المتاحف المحلية تحتوي على مخطوطات في الأدب والأساطير اليمنية نجدها في ( المتحف الوطني) بصنعاء و( مكتبة الأحقاف) في حضرموت و( جامع زبيد) وغيرها من المتاحف الوطنية كما نجد صالات تتضمن المخطوطات الدينية التي تحتوي نسخاً من القرآن الكريم من القرن الثالث عشر في مكتبة الأحقاف في حضرموت إلى جانب مخطوط لمزامير النبي داؤود عليه السلام ، ويتصدر القاعة مخطوط بديع للقصيدة الميمية الشهيرة « البردة » في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي نظمها شرف الدين البوصيري في القرن الخامس عشر ، وفي مكتبة الأحقاف العديد من المخطوطات الإسلامية للعلماء والفقهاء اليمنيين والعرب والمسلمين ولرحالة من مختلف دول العالم ، وفي متحف صنعاء ومتحف عدن نجد العديد من منمنمات منسوخة يتميز بينها مخطوط عن فن المبارزة وصناعة الأسلحة التقليدية من القرن الرابع عشر الميلادي ، ومخطوطات تتناول الاعتناء بالخيول وطرائق المبارزات بين الفرسان والرمي بالرماح وهي رسوم توضيحية دقيقة للفرسان والخيول وطرائق المبارزة. ولهذه المخطوطات مكانة في غاية الأهمية ، وتحمل قيمة تاريخية وفنية فمثلاً تحتوي النسخة المعروضة من المقامات على تصاوير عديدة وهو شيء نادر في المخطوطات الإسلامية الأولى التي تحرم التصوير ، حيث يظهر اثر التحريم في الوجوه الممحوة جزئياً ، أو في وجود خطوط مارة على رؤوس الأشخاص والحيوانات وهذا يختلف عما عهدناه في النسخ العديدة في المقامات الإسلامية في تلك المرحلة. الوحدة الفنية في الزخرفة في الأدوات الشعبية اليمنية أهم الأسباب التي أدت إلى الوحدة الفنية في فن الزخرفة اليمني أنها تبدو واضحة الأشكال الفنية في العصور الإسلامية من خلال بناء المساجد وزخرفتها واختيار الخط العربي في كتابة الآيات القرآنية على جدران المساجد . إن الفروق بين الأشكال الفنية للعمارة الإسلامية مع مثيلتها في اليمن تظهر بوضوح في الطراز المعماري الإسلامي اليمني وعلى الأدوات الشعبية مثل الأباريق المصنوعة من النحاس الأصفر المرصع بالفضة والذهب كتب على بعضها شعر غزلي وجدت هذه الأدوات في موقع اثري بحضرموت. إن الناظر إلى مدينة صنعاء القديمة يجد المدينة قد برزت وكأنها متحف مفتوح لما تحتويه من زخرفة في نقوش القمريات والأبواب والعمارة الطينية، وتدل على مهارة العاملين الذين قاموا ببنائها. استعمل اليمنيون القدماء الزخرفة في التحف والأدوات المنزلية النحاسية والصيني وكان الصناع يطعمون الأواني بالذهب والفضة وفي صناعة مقابض الخناجر التي تعد من أشهر الصناعات الشعبية اليمنية. إن الزخرفة في صناعة الأدوات الشعبية اليمنية عمل فني تراثي لم يتأثر بالتطور التكنولوجي الحديث ، قد يكون متنوعاً أو متباينا في الرؤى والتناولات لكنه يتفق مع تمثيله للتراث وعظمة الفنان اليمني وقدرته على تجديد هذا الفن بما يتلاءم مع الطبيعة والعادات والتقاليد اليمنية ، خاصة إن مجتمعنا اليمني يتطلب التطور في الصناعة الخفيفة وما يتطلبه الفرد في حياته اليومية مع المحافظة على التراث. إن هؤلاء الصناع الفنانون يحتاجون من يعتز بهم ويفخر بهم وهم في أمس الحاجة إلى إتاحة الفرصة لهم في تقديم هذه الأعمال الفنية بدلاً من استيرادها من الخارج بأسعار خيالية. إننا نفضل استعمال الأدوات المزخرفة والنقوش الإسلامية والعربية في أداوت الزينة التي تحمل فن الخط العربي التي يقوم برسمها وصناعتها العاملون والفنانون التشكيليون اليمنيون، ذلك حفاظاً على تراثنا الشعبي اليمني.