المتقاعدون هم آباؤنا.. وأي أصل لمن لا أب له.؟! وبالتالي فأي خير فينا إن لم نمنحهم دفء البر.. وسخاء المحبة.. وجلال المكانة؟؟ أي خير فينا إذا لم نطأطئ الرؤوس لشيخوختهم ونقول لهم مكانكم في العيون وعلى الرؤوس.؟نعم، أي خير فينا إن لم نفعل ذلك وأكثر.. فعلى أكتاف هؤلاء أصبح الرجال رجالاً والنساء نساءً.. ومن خيرهم لحوم أكتافنا.. وبرشحهم سقيت الأرض.. وبجهودهم نضجت الثمار.. وبيقظتهم بقي الوطن شامخاً.. وبفدائيتهم كانت الحرية والاستقلال والجمهورية والسيادة وكل المعاني الخيرة والسامية.هذا الكلام قد لا يختلف عليه أو حوله اثنان.. أما عند التطبيق.. فاسمحوا لي أن أقول إن ثمة اختلافاً.. واختلافاً كثيراً.. وقد يكون للآدمي فيه قولان متناطحان، فضلاً عن أن يكونا مختلفين وكل قول بحسب الموقع والموقف والظرف والمصلحة.وحتى لا أطيل أسمحوا لي أن أسأل: هل من البر، أو من الوفاء مثلاً أن يبقى هؤلاء بعد خروجهم إلى المعاش شهوراً طويلة دون رواتب ودون أن يأبه لهم، أو يهتم بهم أحد؟ثم أي عدالة تملكها ضمائرنا ونحن نرى آباءنا ممن تقاعدوا في أوقات كان فيها سعر الريال أربعين بقشة والبقشة بيسه، يعانون من ضآلة وحقارة ما يستلمونه اليوم ولا نحرك لذلك ساكناًولا ننكر منكراً وقد تحول البعض إلى السؤال، ومد الأيدي وافتراش الأرض لا ستدرار العطف.أين الوفاء.. وأين البر.. وأين المحبة.. وأي مكانة هذه التي نضع فيها هؤلاء الكبار من الرجال والنساء الذين أصبحوا يتمزقون ألماً وعناءً وفقراً وحاجة.. لاسيما وقد ألقت الأمراض بكلكلها على قلوبهم وجيوبهم وأجسادهم وأحاسيسهم هل من العدل والانصاف أن تصم عنهم الآذان وتعمى عنهم العيون، وتغلق دونهم الأبواب.. وكأنهم غرباء.. وكأنهم لم يكونوا أعضاء فاعلين في هذا الوطن.. وكأنهم لم يكونوا آباءنا وسلفنا وأصلنا المتصل.. وكأنهم لم يكونوا أولئك الذين يشار إليهم بالبنان.لذلك ينبغي أن نسأل أنفسنا: ماذا لو صار كل واحد منا.. وكل ذي قرار وحل وعقد في مقام هؤلاء الآباء.. ماذا لو جاء من يمنع ويقطع.. ولا يضع وزناً لذي وزن.. ولا مقاماً لذي مقام.. ماذا لو دار الزمان.. وشربنا المر.. وبالكأس نفسه.. مراً مما نسقيهم اليوم.. ولا نضع أنفسنا في موضع من يشربون..إننا أيها الأعزاء لا نخوف أحداً.. ولكننا نذكر.. ذلك أن الذي يزرع شوكاً لا يمكن بحال من الأحوال أن يحصد ثمراً غير الشوك.!!* عبدالجبار ثابت الشهابي
|
مقالات
المتقاعدون آباؤنا
أخبار متعلقة