في افتتاح ندوة الروائي الكبير الراحل الأديب زيد مطيع دماج:
صنعاء/سبأ:افتتح الأخ عبد العزيز عبدالغني ، رئيس مجلس الشورى أمس على رواق بيت الثقافة بصنعاء فعاليات الندوة الموسعة والخاصة بالتجربة الإبداعية والوطنية للأديب الراحل الروائي الكبير زيد مطيع دماج التي تقام تحت عنوان ( زيد مطيع دماج.. سيرة وطنية حافلة بالإبداع ).الندوة “ تنظمها على مدى يومين جماعة الغد الأدبية بالتعاون مع وزارة الثقافة ومركز الدراسات والبحوث اليمني والأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وفي افتتاحها ألقى رئيس مجلس الشورى كلمة عبر فيها عن اعتزازه البالغ بحضور وافتتاح ندوة الأديب الراحل زيد مطيع دماج وامتنانه العميق لكل من عمل واسهم في تنظيم هذه الندوة . ونوه بأهمية وحاجة الجميع لمعاودة قراءة الراحل ..وقال “ أنه تقدير موفق من القائمين على هذه الندوة ، لحاجتنا إلى معاودة قراءة رجل مثل في حياته ودوره وملكاته وإبداعه عطاء سخياً لخير الناس والوطن و أنموذجا للسيرة الحسنة والخلق الجم”. وأضاف “ و أحسب كما يحسب غيري أن زيداً مازال متوهجاً رغم مرور تسعة أعوام على رحيله عن دنيا الناس يستمد وهجه من إرث إبداعي أصيل ودور وطني كبير وحضور لا يخبو في ذاكرة طائفة واسعة من أصدقائه وعشاق إبداعه في اليمن والوطن العربي “. وتابع “ إننا ومن خلال هذه الندوة نحتفي بذكرى إنسان شامل فزيد مطيع دماج كاتب وقاص وروائي ورجل دولة استغرق اهتمامه بالشأن العام شطراً كبيراً من حياته إداريا وبرلمانياً ودبلوماسياً “. وأكد رئيس مجلس الشورى على دور المفكرين والأدباء والمثقفين والكتاب في استعادة ارث الراحل دماج الإبداعي وقراءته ونقده، وقال:” قد لا أكون جزءاً من هذا الاهتمام المهني المتخصص إلا من حيث كوني قارئاً شغف بما أبدعه الراحل قصة ورواية ، وكنت وما أزال احتفظ بذكريات عزيزة على نفسي من رفقة حياة ثرية بمعاني الأخوة والمودة والإخلاص جمعتني مع الراحل العزيز مطيع دماج، ومسيرة انشغال طويل بالشأن العام”. وأشار إلى علاقته بالراحل دماج ومعرفته به “صديقاً وفياً وودوداً بشوشاً قلبه عامر بالمحبة لكل الناس لا ينشغل بصغائر الأمور ،كان كما عرفته إنسانا ً يتمتع بكل مقومات الشخصية النبيلة”. كما ألقى في حقل افتتاح الندوة المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني كلمة أكد فيها أن “ الوفاء صفة إنسانية وهي مع المبدعين والذين اثروا حياتنا بنتاجاتهم الأدبية ومواقفهم الوطنية أسمى ما تكون لأنها تحمل في بعض تعابيرها معنى رد الجميل والاعتراف بالفضل لمن كانوا أهله والأقدر على التعبير عنه” ، وقال إن الراحل الكبير المبدع زيد مطيع دماج جدير بالوفاء وجدير بان نعاود بين حين وآخر الاقتراب منه ومن عالمه الإبداعي بكل ماله من خصوصية وحضور وتأثير. وتابع القول: “ لقد أنتزع زيد نماذجه البشرية في أعماله القصصية والروائية من الواقع من حياتنا ومن قاع المجتمع اليمني وسطحه، و لذلك فقد وجدت تلك الأعمال البديعة أصداءها الواسعة والمثيرة للإعجاب من قبل الأهل والأشقاء والأصدقاء هنا في الداخل وهناك في الخارج العربي والعالمي “. وأضاف:” المبدع الأصيل هو ذلك الذي يصل إلى العالمية عن طريق المحلية ومن خلال تحسس واقعه الوطني بقلبه وعقله وضميره.. وهنا أتوقف لكي أشير إلى أن زيداً شأنه شأن كل المبدعين الكبار لم يكن يتوخى في كتاباته الوصول إلى العالمية بل كان حريصاً على أن ينقل واقعه المحلي بصدق وإخلاص وفي بناء فني رفيع ،كما حرص على أن تكون نماذجه من واقعه لا من قراءاته أو من خياله كما يفعل بعض الكتاب الذين تظهر أعمالهم الإبداعية منفصلة عن الواقع وابعد ما تكون عن الناس”: .وأكد الدكتور المقالح أن أعمال زيد الإبداعية جاءت معبرة اصدق تعبير عن واقعها بما كان عليه من فقر وجمود وتعصب وطموح نحو التغيير يضاف إلى ذلك قدرة عالية في سبر أغوار النفس الإنسانية،كما تبدو في المدينة والريف على حد سواء. وتابع قائلاً:”والذين عرفوا الراحل الكبير عن قرب يتذكرون كيف كان حريصا على أن يخالط بسطاء الناس وعامتهم يأكل معهم في المطاعم الشعبية ويصغي إلى أحاديثهم ويعكس ذلك في كتاباته الفكرية والإبداعية ، وهكذا كان قادرا على تصوير العلائق الاجتماعية واستقائها من مصدرها لا كما يفعل البعض ممن تأتي نماذجهم شاحبة باهتة ومتعالية على الهم الإنساني. وقال:” اعترف أنني أعيد قراءة زيد بين حين وأخر ولن أبالغ فأقول كل عام وذلك لكي استمد من طاقته الإبداعية روح التواصل مع المجتمع ولكي أكتشف أبعادا جديدة في أعمالة التي لم تدرس بعد كما يجب ، ولا أخفي أن كل قراءة تفاجئني بما لم أكن قد وعيته عن قدرة هذا المبدع الفنان على الانغماس في قلب الحياة العامة”. وأشار المقالح الى ان هذا اللقاء ليس تكريما لزيد الذي رحل عنا قبل عشرة أعوام وإنما هو تكريم للمناقب الأخلاقية والوطنية التي تحلى بها وللدور الإبداعي الذي قام به على مدى ثلث قرن رغم ما اعتور حياته بالسنوات الأخيرة من آلام كان تحمله لها وصموده في تحديها مضرب الأمثال. فيما ألقى وزير الثقافة الدكتور ابوبكر المفلحي كلمة أشاد فيها بالتجربة الأدبية للراحل زيد مطيع دماج والتي كان من خلالها وبطابعها السردي والإبداعي المتميز في كافة أعماله الأدبية قريبا من تشكيل الهوية السردية لليمن الواحد .وقال : “ نلتقي ليومين متتالين لإحياء ذكرى رحيل الأديب زيد مطيع دماج والذي رحل عنا باكرا بعد أن صاغ ذاكرتنا التاريخية بأسلوب سردي جميل” ..معتبرا تنظيم هذه الندوة انما يأتي وفاء للأديب دماج ولقاءً يستأنف الحكايات التي توقفت يوم وفاة هذا الأديب الرائع. وأضاف : “ ندرك جيدا كم نحن اليوم بحاجة إلى روايات زيد دماج ليتم رواية الثورة والوحدة وليكمل تشكيل الهوية السردية ويبني جسر المخيلة ليصل إلى مدى أوسع وفضاء أرحب يشمل صنعاء وعدن “ .. مشيرا إلى أن الحديث عن الأديب زيد مطيع دماج وأدبه يبدأ ولا ينتهي من خلال أسلوبه الجميل في بساطته والعميق بصوره ومعانيه. من جانبها أكدت أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين هدى ابلان عظمة تجربة المحتفى به ، وقالت “ أنه الخالد دوماً زيد مطيع دماج من سلالة تمرست على النضال والتواجد في قلب العمل الوطني وفي عمق الحياة المدنية والديمقراطية المنشودة، ولها إشتغالاتها الفائضة في حقل الإبداع والكلمة التي وجدت لكي نحيا “. وأضافت: “ ان زيد مطيع دماج وصورته تحتل جداراً هاماً في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين جدار التأسيس والتأثير والنضال الوطني والثقافة وصولاً إلى قيم الخير والجمال والعدل وصورة تضاف إلى رصيد العمالقة الذين أسسوا الاتحاد والوطن والثورة والوحدة والحياة الديمقراطية والحريات” ، وأكدت أن الراحل دماج كاتب وسارد من طراز رفيع مع أشباهه من أدباء العالم النوعيين هم الذين يشكلون هوية أي بلد وفسيفساء أية حياة.وعن الجهة المنظمة (جماعة الغد الأدبية) ألقى رئيس الجماعة الشاعر والروائي عبد الناصر مجلي كلمة تناول فيها أهمية الندوة التي رأت جماعة الغد الأدبية أن تكون عن أحد ابرز مثالات السردية اليمنية الحديثة والمعاصرة بإرث وثراء تنويعات مختبرها السردي واشتغال صاحبها القاص والروائي الكبير والرائد المناضل الراحل زيد مطيع دماج. ونوه بالدور النضالي والفكري لكل الأدباء والمثقفين ممن أعطوا الكثير للوطن ومازالوا يواصلون عطاءهم من برازخهم ، وقال:” وحدهم الرجال العظام الذين لا تتوقف مهمتهم في الدفاع عن أوطانهم بالحياة ومن خلالها بل أيضا لا يستطيع الموت نفسه أن يوقف هذا الدفاع ونراهم من برازخهم يواصلون تلك المهمة المقدسة بما خلفوه وراءهم من أعمال ومواقف لا يستطيع الزمان محوها ولن تكتمل مهمة أولئك الفرسان إلا في أمم حية تدرك وتعلم جيداَ أن الموت بالنسبة لها حياة أخرى تواصل عطاءها من خلال من بقوا مؤمنين بإرث الأسلاف العظام”.واشار الى خصوصية الندوة في تناولها لتجربة هذا الأديب والمناضل الكبير من خلال فعاليات تستمر يومين وتتناول بعمق تجربة الروائي اليمني الراحل زيد مطيع دماج، من خلال مجموعة من الشهادات والقراءات التي يتخللها معرض للصور من اعداد الفنان عبدالرحمن الغابري بالاضافة الى التناول المختلف للتجربة من خلال مجموعة من الدراسات الأدبية والنقدية يقف امامها المشاركون في اعمال الندوة اليوم غد في مركز الدراسات والبحوث اليمني .الأديب الدكتور همدان زيد مطيع دماج القى كلمة عن اسرة الراحل استعرض فيها شذرات من مسيرة الراحل وحياته الحافلة بالعطاء في جميع الجوانب الإنسانية والأدبية والإبداعية ..وقال “ لقد كانت حياة زيد مطيع دماج في جميع جوانبها حافلة بالعطاء عطاء انساني لا محدود في أدق تفاصيل الحياة اليومية .. وعطاء أدبي ما نزال نكتشف روعته وعمقه وغزارته يوماً بعد يوم، وعطاءٌ وطني اقترن دائماً وأبدا بأخلاقيات رفيعة لم تهزها الأنواء أو تضعف عزيمتها الأقدار. ولفت الى المحطات والظروف الصعبة التي ولد فيها الراحل وعاش كغيره من ابناء جيله طفولة بائسة مليئة بالمخاطر .. و ذكر أنه أي الراحل في خضم الهم الوطني والسياسي تشكلت شخصيته ووعيه الثقافي الذي ارتبط على الدوام بالقضايا الكبرى وبالحلم العظيم الذي كان يراود كل الأحرار من ابناء الوطن آنذاك . واكد أن الدراسات النقدية العديدة المحلية والعربية لا تزال تكشف لنا يوماً بعد آخر جوانب جديدة من إبداعاته السردية اللغوية والرمزية المتقدمة، وقال” وكأن تلك الدراسات ومنها الدراسات المقدمة لهذه الندوة تحضنا على قراءات مستمرة لأدب زيد مطيع دماج ففي كل قراءة ستكتشفون كنزاً جديداً ورموزاً سردية مبهرة”. وعلى هامش حفل الافتتاح كان رئيس مجلس الشورى ومعه المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية قد افتتح معرض الصور الفوتوغرافية الذي أعده الفنان عبدالرحمن الغابري ووثق من خلاله لبعض محطات من حياة وتجربة الراحل الوطنية والإبداعية . كما اشتمل برنامج اليوم الأول للندوة على شهادات قدمها بعض أصدقاء الراحل بالإضافة إلى أمسية قصصية. وتشهد قاعة الزبيري بمركز الدراسات والبحوث اليمني اليوم قراءة ومناقشة الأوراق التي تقرب من عشرين دراسة ومقاربة منهجية يتضمنها كتاب الندوة الخاص كتوثيق وإصدار يمثل مرجعية للباحث والمتلقي ويوزع على الحضور في أجواء يتزامن معها إعلان موقعه على شبكة الانترنت بالعربية والإنجليزية http://dammaj.net.يذكر أن هذه الندوة تأتي بعد تسعة أعوام على رحيل الأديب الكبير والشخصية الوطنية والاجتماعية البارزة زيد مطيع دماج والذي عرف بثراء تجربته وأسلوبه النوعي في الكتابة وقدرة موهبته المبكرة في إيصال عطائه السردي بتأثير ساحر إلى ذائقة القارئ العربي والعالمي عبر ترجمات منتخبة لبعض أعماله وأهمها روايته( الرهينة ) التي تعد أشهر رواية في اليمن وواحدة من أهم مائة رواية عربية خلال القرن العشرين.