من حقائق قضية الإرهاب أنها قضية عالمية إنسانية لا من حيث مصدرها ولا من حيث أهدافها، والمشاركين في عملياتها..ومن الحقائق أيضاً أن كافة الدول والشعوب تتفق في مواقفها الرافضة للإرهاب، وتعمل بكل ما تستطيع لمحاربته بالوقاية وبالحصار الأمني، والدعم الإعلامي والاجتماعي بحيث يتحول المجتمع بكافة مؤسساته إلى موقف عملي يرفض الإرهاب مهما كانت مبرراته ودوافعه وأدواته. وبالنظر إلى الخطاب الأمريكي الرسمي والإعلامي يلاحظ المراقب أن هذا الخطاب يريد أن يقول للشعب الأمريكي ان الإرهاب موجه ضد القيم الأمريكية، وضد نمط الحياة الأمريكية، ويشير الخطاب دائماً إلى الأخطار التي تهدد المجتمع الأمريكي فقط، وليس المجتمع العالمي. إن العالم وفقاً للخطاب الأمريكي يجب أن يتحد ويتكالف لحماية الأمن القومي لأمريكا، والعالم بالمعايير الأمريكية ليس مطلوباً منه دراسة أسباب الإرهاب، ولا النظر في تقييم ازدواجية المعايير في السياسات الخارجية، وقضايا حقوق الإنسان.. المطلوب دائماً في الثقافة الأمريكية استخدام منطق القوة، وحل الأزمات بالآلة العسكرية. إن الإرهاب بكافة أشكاله وألوانه مرفوض من قبل الجميع، وليس له مبررات دينية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، ولن نقول هنا عبارة "ولكن" فليس لها مكان منطقي، وإذا قلنا "ولكن" فكأننا نبحث عن مبرر للإرهاب. الذي نريد أن نقوله إن هذا الإجماع الدولي ضد الإرهاب قد لا يتفق في التناول الإعلامي مع الطرح الذي يتسم به الخطاب السياسي والإعلامي في أمريكا التي نصبت نفسها قائدة العالم في مكافحة الإرهاب. والقائد بحكم الصلاحيات التي خولها لنفسه يضع المعايير الخاصة التي يقيم بها جهود الآخرين أي جهود الدول الأخرى المشاركة في الحرب على الإرهاب لكن هذه المعايير لا تختلف عن معايير حقوق الإنسان في كونها تخضع للتيارات السياسية. ويبدو أن العالم سينتظر بشكل سنوي تقريراً أمريكياً يتضمن أسماء الناجحين والفاشلين والمقصرين في مكافحة الإرهاب دون أن يتضمن تقييم الأساليب الأمريكية، والخطاب الأمريكي، والسياسات الأمريكية في مناطق العالم المختلفة، ومنها وأهمها وآخرها ساحة العراق حيث تعددت أسباب الغزو، ومبررات الاحتلال، ومرّت بسلسلة من التقارير والروايات كأسلحة الدمار الشامل، والعلاقة بالقاعدة حتى انتهى الأمر بالخطاب الأمريكي إلى التعامل مع العراق كساحة حرب لمواجهة الإرهاب. فالقضية كلها تحولت إلى معركة مع الإرهاب والفشل في العراق - وفقاً للخطاب الأمريكي - خطر على أمريكا فقط وليس على الدول المجاورة أو على الشعب العراقي. إن ثقافة (الأنا) وثقافة الأقوى والأفضل في العالم هي بالتأكيد ثقافة لا تخدم تكاتف الجهود الدولية وتكاملها سواء في قضية الإرهاب أو القضايا الأخرى ولكل دولة سياستها وكرامتها وشخصيتها. [c1]*نقلاً عن / صحيفة "الرياض" السعودية[/c]
تقرير مكافحة الإرهاب
أخبار متعلقة