جدة/ متابعات:قاد المسرحي السعودي عمر الجاسر مسرحية (جسور في حب الوطن) إلى بر الأمان في القيم التربوية من عرضها على مئات الأطفال في حضرة أبائهم وأولياء أمورهم، ونالت إعجاب الحاضرين كونها قدمت قيم تهم الفرد في قالب مسرحي يجمع ما بين الكوميديا والجدية في العرض وكيف أن السلوك السلبي يقود صاحبه إلى ما لا يحمد عقباه وما يتبعه من إرهاق بدني وفكري وعقلي قد يقوده إلى الانحراف السلوكي ويقع في الممنوع، على عكس من ينمي غرس القيمة التربوية في نفسه مثل قيمة التسامح وما إلى ذلك وكيف أن ذلك يجعل من صاحب القول والعمل والتصرف الصحيح والسليم في راحة نفسية وبدنية إلى جانب أنه يساهم في بناء أسرته ومجتمعه الذي يكون المجتمع الحقيقي لبلده.في المقابل على الناضج كيف ينمي فكر الأبناء وفق معايير وآداب وثقافة صحيحة، وعدم التفرقة بين عقول الأطفال ونطق العبارات التي تميز فريق وتجرح فريق أخر منهم، والسعي إلى استثمار عقول الأطفال كافة كون كل عقل مبدع في مجال معين.عرضت المسرحية في مدينة جدة وحذرت من تهميش الفكر وإقصاء الآخر واندثار روح التسامح وسيطرة الأنانية، مشيرة إلى أن هذه السلوكيات مجتمعة تسبب ضعف الانتماء للمجتمع، وتبعثر الجهود في سبيل التنمية.المسرحية التي وجهت إلى الأطفال أمل المستقبل استطاعت أن تؤكد أهمية التسامح ونبذ الأسباب المؤدية إلى الفرقة، متخذة من نهج (العفو عند المقدرة) واحتواء المسيء مهما عظم ذنبه أسلوبا لمخاطبة جمهورها الذي امتلأ به مسرح نادي اتحاد جدة.لوحات المسرحية التسع شكلت أهمية لترسيخ القيم الإيجابية، وتعويد النشء على التسامح والتعاون والتكاتف من أجل غد مشرق بعيدا عن الأنانية، في الوقت الذي أكدت فيه على أهمية احترام الآخر مهما كانت مكانته ووضعه الاجتماعي.[c1]اللوحة الأولى بدأت بأغنية: هيا نتعلم حب الوطن مع جسور من أجيال سبقتنا عاشت في أقدم العصور[/c]قدمت لوحة درامية عن شريحة أنانية متمثلة في شخصية (غضب) التي جسدها الفنان عبد الله اليامي، حيث حاول السيطرة على بئر الماء في القرية للتسويق لبئره الخاصة، مستخدما أسلوب الإشاعة لإقناع الأهالي بعدم صلاحية ماء البئر، وأنها مسحورة، ووظف لأجل ذلك أحد المهمشين في القرية (درويش) الذي جسد دوره الفنان فهد العمر لتنفيذ مخططاته الشريرة.هذه اللوحة ذات رمزية للوجه الآخر من شخصية البشر الساعية إلى التحكم والسيطرة والأنانية. واستطاع مؤلف المسرحية ومخرجها عمر الجاسر أن يقدم حلا رمزيا لمناهضة هذا الفكر الأناني بالدعوة إلى التسامح والتكاتف في اللوحة الثانية (النظافة) التي أراد من خلالها الدعوة إلى تنظيف العقل من هذه الأفكار من خلال مشهد جماعي لأهل القرية (عبد الرحمن القايدي، محمد الشمراني، فيصل الزيات، يوسف صلاح القرشي، ومهند الجاسر) الذين قدموا مشهدا مسرحيا جماعيا صامتا يصاحبه أغنية جاء فيها:[c1]النظافة من الإيمان .. يالله معانا يا أخوان..[/c]ولأن النفوس الشريرة عندما توصد الأبواب في وجهها تبحث عن نوافذ أخرى جسدها المؤلف في فئة المهمشين اجتماعيا الذين لم يجدوا فرصة مناسبة لإبراز مواهبهم، مؤكدا أنهم أكثر عرضة للتأثر بأفكار الآخر الشريرة بغية إثبات مواهبهم وإن كان ذلك على حساب المبدأ والمعتقد، وهذا ما اتضح جليا من خلال استخدام (غضب) لـ (درويش) لتنفيذ مآربه ومخططاته بعد وعود المال والجاه والسلطة والحياة الكريمة والزواج من بنات أرقى العائلات اجتماعيا.مشهد صامت وفي اختزال لإحداث الشر في الأسلوب الحكواتي، قدم المخرج مشهدا صامتا يجسد حال أهل القرية بعد دفن البئر من قبل الفئة الشريرة، في رمزية لحقبة زمنية تعطل فيها كل شيء، ليكرس هذا المفهوم «الصراع على الماء» في اللوحة الخامسة التي تتسيد فيها الأنانية والصراع الفكري، ليقدم بعد ذلك لوحة مسرحية سادسة يدعو فيها إلى التخلص من الهيمنة والخوف ودحض الإشاعة التي تسللت إلى الأذهان فاستقرت معتقدا لا يمكن تجاوزه، ليبرز في هذه اللحظات شخصية (جسور) التي أداها الفنان عمر الجاسر، لتنهض الهمم وتدعو إلى التخلص من ذلك المعتقد الذي تمكن من العقول بالدعوة إلى التعاون ودحض الأفكار الغريبة بمصاحبة مسمع غنائي يقول مطلعه:[c1]ما أجمل التعاونلنتخطى المصاعبالكسل لا يطعم عسلاواليأس لا يبقي أملاعودا عودا نبني عشا[/c]هذه الدعوة إلى التخلص من الإرهاب الفكري الذي يمثل عقدة (حبكة) المسرحية كشفت سر لعبة الهيمنة المتمثلة في السيطرة على أهالي القرية، ومدى تهمشيهم لأصحاب العقول والمواهب المتمثلة في شخصية (درويش) الذي استخدمه (غضب)، ليغني الجميع أغنية:[c1] فينا العزم.. وفينا القوةهيا نعمل.. هيا نعملونبني الحاضر والمستقبلفي أيدينا نحمي وطنا [/c]
مسرحية (جسور في حب الوطن) تحذر من تهميش الأنانية لروح التسامح والإبداع
أخبار متعلقة