أضواء
«من يطيق الحديث عن الفقر أو الفقراء، فإن عليه أن يقلب الصفحة أو شيئاً آخر..»ليس أمام الفقير سوى أن يستسلم لأي مشيئة تأتي. نعم، فقراؤنا في متاهة بيروقراطية؛ يقيمون في نفق إداري مظلم، ولا يريد أحد أن يشعل مصباحاً يضيء لهم طريق مغادرته. من أتفه الأجوبة، تلك التي تأتي في قوالب مثلجة: الفقراء في كل مكان من العالم. نعم، هم يغطون الجغرافيا، والدول الناجحة هي التي تدفع المؤسسات الرسمية والأهلية إلى تخفيف وطأة الفقر في جغرافيتها، لكن ماذا فعلت البيروقراطية لهم في بلاد النفط، وهم لا يشكلون نسبة عظيمة في بلادنا؟ إلى يومنا هذا لم يخرج أي قرار وطني واضح؛ لمساعدة الفقراء على كيفية إطعام أنفسهم، من دون الحاجة إلى الدولة والناس وفتات الهبات. والشك مازال قائماً تجاه الرغبة الواضحة في تصويب المسار الرسمي، وتجاوز التلكؤ الإداري، المعثر لمشروعات عدة. ففي مطلع العام ألفين وثلاثة، أعلن عن تأسيس صندوق الفقر، لتتوه المعاملة في الممرات وفي المكاتب الوثيرة بين ثلاثة وزراء. على مدى 66شهراً لم يخرج «الصندوق العجيب»، وفق تسمية مواطن فقير التهمت الشمس جبينه، فهل هي البيروقراطية؟ أذكر أن مبلغاً ضخماً رصد لدراسة واقع الفقر في البلاد. أفترض أن الدراسة أنجزت والنتائج استخلصت، وتاه التطبيق. ولا يكفي أن تغير مسماه إلى شيء آخر، الأهم للمحتاج أن يجد مسكناً ودكاناً يشتغل فيه ويؤمن له القوت اليومي، الذي يغنيه عن التبرعات الحكومية من الضمان الاجتماعي أو الإنسانية من محبي الخير، وهم كثر. ومنذ الإعلان عن الصندوق وفتح الحديث عن الفقر مباشرة وبلا خجل، بصفته واقعاً لا أحد يملك قرار إخفائه، نشرت الصحف السعودية ما يفوق 1200مقالة صحافية. كل هذا الكم في أقل من 3سنوات. كمّ موجع في رقمه وقد مضى بلا أثر. كل هذا الكم سأل عن قرار واستراتيجية وطنية، عوضاً عن الثناء والتأييد للمكاشفة. ولا نغفل بعض المقالات الرافضة لتصنيف الفقر في إطار أزمة وطنية. لا حاجة هنا للحديث الإنشائي، فلدينا من الوقائع واليوميات والوعود ما يكفي. وليس هناك ما هو أكثر من الوعد القاطع، الذي أطلقته وزارة التخطيط قبل عامين، إذ قالت إن 2009سيكون عاماً نهائياً للقضاء على الفقر. هذا هو الوعد، الذي ورطت فيه الوزارة نفسها أمام ولي الأمر والناس والعالم، لعل من ذلك كلمة المملكة في الملتقى السنوي للأمم المتحدة في نيويورك. التاريخ ليس بعيداً. لقد تبقى نصف عام ونكون في حاضرة2009.الأكيد أن البيروقراطية لا تشعر بمودة تجاه الفقير. فها هي تقف أمام شمس الفقر تحول دون غروبها. انتهى المقال ولم أجد اسماً يتناسب والموقف البيروقراطي من معضلة وطنية تزداد نمواً.[c1]*عن صحيفة «الرياض» السعودية[/c]