في رد سريع وخاطف للاديب الاستاذ مصطفى صادق الرافعي ، بعنوان ( القديم والجديد ) نشره حين شبت المعركة الادبية بينه وبين طه حسين حول كتابية ( رسائل الاحزان ) و ( السجاب الاحمر ) ، وكان للدكتور طه فيهما وفي اسلوبهما رأي في رده هذا يشيد الرافعي ، في ختامة ، بشيخة وشيخ جيل قرن من الادباء والشعراء والكتاب ، الامام محمد عبده في كلام طويل نقتبس منه : ( ... ولكن ماذا يقول الدكتور في الاستاذ الامام الكبير الشيخ محمد عبده ) أكان يدعو الى مذهب جديد في اللغة والادب ويفتتن بالروايات الغرامية وبأسلوب ( أميل زولا ) في روابته المعروفة ، ويمثل رواية ( الاجرسون ) ؟ان كان الناس عند الدكتور في بعض الحجج ، فاإن الشيخ وحدة بأمة كاملة ممن يعنيهم ) خطرت في بالي هذه الكلمات للرافعي - وهو من هو في دنيا الادب - كيف يتصل بنبعه ويزكي شيخة واستاذ الجيل وامام الامة ، الذي اشع وسط الظلمة الحالكة التي عاشها العالم العربي والاسلامي في القرن التاسع عشر ، بعقل متفتح وبصيرة نافذة ، كرائد عظيم للاصلاح الديني والاجتماعي ، لينير الطريق امام دعاة الاصلاح للسير قدماً نحو استعادة المجد الضائع للحضارة الاسلامية . نعم لقد استرجعت كلام الرافعي لاستبين وادلل على العلاقة بين الاجيال .. وكيف كانت حميمة ، فأهم اثار الشيخ الامام محمد عبده ، الى جانب مؤلفاته ، تلامذته ومريدوه ، اولئك الاعلام الذين تأثروا بعلمه ، وساروا على هدى نصائحة وارشاداته ، حيث استمع له حكمة وعلماً .. معظمهم من اقطاب مصر واعلامها وشعرائها وزعمائها . كل ذلك اليوم واسترجعة حين ارى العلاقة بين جيل الادباء الشباب وبين الجيل السابق الذين يتربعون على قمم الادب - فهي علاقة واهية او مفقودة .. كأننا جيل بلا اباء . هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق جيل الكتاب من الادباء ، لابد أن تكون هناك وشائج الابوة ، عملية الاحتضان بالرأي والنقد .. رسالة المعلم بما فيها من عطاء للخبرة والتجربة الادبية والتوجيه .ان جيل الادباء المتربع على القمة ، والاخذ بمجرى النهر تعلم وافاد الجيل الذي سبقة ، فقد اخذ بأيديهم ولم ينجل عليهم بشيء ، فكان جيلاً بصدق جيلاً معلماً باراً بأبنائه ، لقد كان طه حسين والعقاد والرافعي والمازني ومحمد فريد ابو حديد وغيرهم من قممنا الادبية الشامخة ، مدارس لهذا الجيل .. وكثيراً مانسمع ( هذا ) من مدرسة طه حسين و ( فلان ) من مدرسة العقاد وهكذا .. بالاضافة الى الصالونات الادبية والندوات كلها مدارس فكرية تتلمذ فيها معظم ادبائنا الكبار . وعوداً على بدء يقول الرافعي عن مدرسة الشيخ الامام واثرها على شاعر النيل حافظ ابراهيم .. وهذا الامام رحمة الله - كان من كل نواحيه رجلاً فذاً ، وكأنه نبي تأخر عن زمنه ، فأعطى الشريعة ولكن في عزيمته ، ووهب الوحي ولكن في عقلة ، واتصل بالسر القدسي ولكن من قلبه ، ولانه بهذه الخصائص لكان حافظ شاعراً من الطبقة الثانية فإنه من الشيخ وحدة كانت له هذه القوة التي جعلته يصيب الالهام من كل عظيم يعرفه ، وكان له من اثرها هذا الشعر المتين في وصف العظماء والعظائم وهو احسن شعره . لقد حضر دروسه في المنطق واسرار البلاغة ودلائل الاعجاز ، وخرج منها بذوقة الدقيق واسلوبه المتمكن وحضر مجالسة كما خرج منها بمواضيعة الاجتماعية واغراضة الوثابة .. وحضر نظرت عينية وخرج منها بروحانية قوية هي تتضرم في شعره الى الابد ، فحافظ احدى حسنات الشيخ على العالم العربي ، وهو خطة من خططه في عمله للاصلاح الشرقي الاسلامي والنهضة المصرية الوطنية واحياء العربية وآدابها ، واذا ذكرى حسنات الشيخ اوعدت للتاريخ ، وجب ان يقال : اصلح وفعل وفعل وفسّر القرآن وانشأ حافظ ابراهيم . نجوى عبدالقادر
|
ثقافة
المرجعية الأدبية
أخبار متعلقة