أعلن في مكة بعد انتهاء موسم حج هذا العام أن السلطات الأمنية استطاعت إحباط عمليات إرهابية كان أعضاء من القاعدة يخططون لتنفيذها، تهدف إلى استغلال موسم الحج لإثارة الفوضى عبر عمليات تفجيرية في مواكب الحجيج، وإرباك الأجهزة الأمنية وإفشال خطط الحج. يقول جل وعلا {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، وجاء في الصحيحين عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: (إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها) فقال العباس: يارسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال: (إلا الإذخر). والسؤال: كيف استطاع دعاة الخوارج تجنيد ضحاياهم لتنفيذ مثل هذه المهام الإجرامية التي تخالف أول ما تخالف هذه النصوص قطعية الدلالة التي ذكرت بعضها آنفاً؟ يقول المتخصصون في هذا الشأن: تتجاذب العمليات الإرهابية ثلاثة أقطاب: (المخطط) والقطب الثاني (المنفذ) والقطب الثالث (الأيديولوجيا). المنظر يكون في الغالب (مؤدلجا) سياسياً لا يهمه الدين، ولا يلتفت غالباً إلى نصوصه، إلا تلك النصوص التي تواكب أهدافه، وتحقق غاياته السياسية، وعندما يتعامل مع النصوص (ينتقي) منها ما يريد ويهمل ما لا يريد، فلديه (الغاية تبرر الوسيلة)، لذلك فعندما تصطدم بعض النصوص بغاياته يعمد إلى اختلاق (الذرائع)، والتحايل عليها ب(التأويل)، لتخدم أهدافه السياسية (أيديولوجيته) في النتيجة. أما (المنفذون) للعمليات الإرهابية فيعمد المخطط إلى اختيارهم من (مضطربي) الصحة نفسياً، حيث يسهل عليه تجنيدهم، وشحنهم، ومن ثم توجيههم حسب المهمة التي يريدها. يقول رياض عبد في بحثه عن (سيكولوجية الإرهاب) والذي يصف فيه كيفية تحويل الإنسان الطبيعي إلى إرهابي: (تبدأ عملية التغيير هذه باختزال هوية الآخر إلى هوية أحادية مسطحة (خائن، عميل، كافر.. الخ) تليها اختزال هوية الذات إلى هوية أحادية بسيطة (مجاهد، مقاتل، شهيد.. الخ) وبعد ذلك يتم انتزاع صفة الآدمية عن العدو ليصبح بعدها العدو في نظر الشخص كأن لا قيمة له لا يستحق الشفقة ولا يستحق الحياة. والمرحلة الأخيرة هي إضفاء صفة الشر المطلق على الضحية أو الضحايا، وإنكار أية صفات خيرة أو حميدة لها). لذلك فإن الإرهابي عندما تتكرس في ذهنيته (العدوانية) تجاه الآخر و(الطهورية) تجاه الأنا، يكون قد وصل إلى مرحلة الجاهزية الكاملة لتوجيهه إلى الهدف المطلوب، بغض النظر عن كون العملية مخالفة أو موافقة لقواعد الدين ونصوصه، ولعل استهداف الإرهابيين للحجاج، وفي أطهر بقعة يراها المسلم كذلك، يؤكد بشكل قطعي ما أقول. كل ما أريد أن أقوله إن الإرهاب هنا، لا علاقة له بالدين نفسه، قدر علاقته بذات مريضة، نخرتها العلل النفسية، واستغلها المؤدلجون، لتنفيذ مآربهم، فأنا ممن يميلون إلى أن (التشدد) بشكل عام، والإرهاب كمنتج من منتجات التشدد، هو (مرض نفسي) في المقام الأول يجب علاجه لدى (الأطباء النفسيين) وليس لدى لجان المناصحة. [c1]نقلاً عن/ صحيفة الجزيرة السعودية[/c]
.. وماذا بعد؟
أخبار متعلقة