صفاء نعمانيمر عالمنا العربي ومنذ فترة ليست بالقصيرة في نكسات متتالية، لأتخرج الأمة من نكبة الا وتدخل في أخرى. وكأن هذا المخاض الطويل والمرير قد أصبح ملمحاً من ملامح هذه الأمة العربية.وتتلقى الأمة الطعنات تلو الطعنات منها من أبناء الأمة نفسها الذين كان من المفروض ان يحملوا مشاعل النور لها، ومنها من أعداء الأمة الصريحين منها ممن ترى الامة فيهم أصدقاءها وكلهم يذهبون في الطريق نفسه لتدمير ذات الأمة العربية.ولقد أصبح اغتيال هذه الأمة وكأنه مشروع قادم.فاعتبار هذه الأمة ليس فقط يتم من خلال الآلات العشرية بل ومن خلال اغتيال الثقافة والفكر والمبادئ العربية الأصيلة والإسلامية ويأتينا كل ذلك باسم الثقافة والتحديث.نعم نريد الثقافة ولكن تلك الثقافة التي هي طموح نحو الأفضل والأحسن.لاثقافة تنخر في عظام هذه الأمة.فنحن نعيش في عالم تحكمه قوة عظمى هي الأقوى عشرياً وسياسياً واقتصادياً وهذا ليسمح لهذه القوة ان تفرض ثقافتها.ونكرها علينا ان نحن تملكنا اليأس من مشروعنا الخاص بنا، واذا نحن استسلمنا للآتي الينا من هذا النظام العالمي الذي يفرض سمات المرحلة التي نعيشها تحت سيطرته وهذه القوى العظمى تسعى دائماً لاستغلال نفوذها لانتزاع الحق لها وفرض ثقافتها وفكرها وحتى طريقة عيشها اليومي ان وجدت أرضية تقبل منها ذلك وتخضع لها.وعندنا توجد هذه الأرضية الخصبة فكثرة النزاعات والتمزقت في الأمة العربية والتي تتوالى تبدو وكأنها تجد قبولاً ولاتجد معارضة.. وكأننا قد فقدنا السيطرة والقدوة على التحكم بمسار الأمور بل قل اننا فقدنا السيطرة والتحكم على مصيرنا في حضارة ومستقبله ولا أريد ان أقول اننا نتدافع على مشارف الهاوية.وان هويتنا العربية تدق حولها اجراس الخطر.ومفكرونا ومثقفونا يتحملون جزءاً مما يحصل لوحدة الأمة من شتات وتمزق فكما نعلم بأن مشاعل النهضة وترسيخ المبادئ واستحداث التجدد والتجديد في حياة الشعوب لاينهض به اولاً الا المفكرون والمثقفون.فهم حملة التنوير، وهم الذين يهيئون البيئة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وكل اسباب هذا التنوير وترسيخ مبادئ العدل والحرية والمساواة وتوحيد الامة.ولكن هناك اهداراً لهذا الدور التنويري الذي يقوم به هؤلاء المفكرون والمثقفون فبعض المفكرين والمثقفين انحدروا الى ان يكونوا حملة تضليل وهدم، انبهروا وارتهنوا بحضارة وثقافة وفكر الغرب حتى نسوا انفسهم ونسوا هويتهم وثقافتهم فأصبحوا حملة ترويج لفكر الغرب وثقافته انهم يساهمون في تضليل هذه الامة وتمزيق اوصالها.انهم يقدمون ثقافة الغرب وفكره كنموذج مثالي علينا ان نتبعه " ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" حتى ان بعضهم وصل به الامر الى التشكيك بل والتنصل من موروث هذه الامة الحضاري الثقافي والفكري.هؤلاء اصبحوا معاول هدم في مجتمعهم وأمتهم.ياسادة ان المجتمع العربي والأمة العربية هما أقدم المجتمعات والأمم لهذه الأمة تاريخ يمتد الى ألاف السنين وكانت لهذه الأمة سلسلة من التجارب المتنوعة والكثيرة في مختلف الميادين ان التحديث يتطلب تأصيل هويتنا ولايكون هذا بالاغتراب عن فكرنا وثقافتنا.في الكلمة التي ألقاها جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عند افتتاحه للقمة العربية السابعة عشرة المنعقدة في رياض السعودية.أكد ان الوحدة في هذه الأمة تكون وحدة الجيوش والاقتصاد والاهداف وقبل ذلك وحدة القلوب والعقول.ويستطرد الملك عبدالله بن عبدالعزيز (ان التدهور الذي يحصل للأمة انما نتحمله " نحن القادة) نعم ياسادة، ويدل هذا القول على حنكة الرجل وحكمته وصدقه صراحة الملك أصابت كبد الحقيقة ولا تعليق اكثر من هذا عندي.دعوتنا ليس لصراع الحضارات كما يقولون صراع الحضارات او صراع الثقافات ان شئتم مقوله باطلة يراد بها باطل.نحن بصدد تعايش وتكامل الثقافات والحضارات.نحن بصدد حضارة وثقافة إنسانية كأمة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ الإنساني.
|
ثقافة
هويتنا الثقافية
أخبار متعلقة