أضواء
بالأمس كان العالم يحتفل باليوم العالمي للمرأة، ففي كل يوم يصادف الثامن من مارس (آذار) من كل عام، يحتفل العالم بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، بل إن المرأة تُمنح إجازة في هذا اليوم. هل كانت مفارقة أننا كنا نقف باتجاه معاكس من المرأة عشية يوم الاحتفال بإنجازاتها؟!ليل الجمعة كان اليوم مخصصاً للعوائل في معرض الكتاب الدولي في الرياض. كنتُ أوقّع كتابي الجديد “كنتُ في أفغانستان”، وبطبيعة الحال، فجزء من الذين يطلبون التوقيع كنّ من النساء، من مختلف الأعمار.بعد بداية التوقيع بساعات، مرّ علي ممثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المعرض، وقد أصبحت أعرفه فهذه هي الدورة الثالثة للمعرض التي أشارك فيها من خلال توقيع كتبي، وهو رجل دمث الأخلاق، مبتسم، مع الدكتور عبدالعزيز العقيل من وزارة الإعلام، وعضو آخر في الهيئة، فسلموا عليّ، وقال لي الدكتور العقيل: إن الإخوان يطلبون منك ألا تصوّر مع النساء! عندما شاهد الدكتور العقيل استغرابي، قال لي: أعرف أن هذا ليس صحيحاً، تركي لن يصور مع النساء يا جماعة.قلتُ لهم: لن ألبي طلب امرأة بالتصوير معي، لكني لا أستطيع أن أمنع أحداً أن يصورني، فالناس كثر، وهذا ليس منطقاً.تبادلنا الابتسامات، وخرجوا من الجناح. بعد المغرب دخل صاحبنا وهو يرتدي مشلحه، فقال لي بصوت مرتفع أمام الناس: ألم أقل لك يا أخ تركي جزاك الله خيراً بألا توقع للنساء؟!قلت له: هذا ليس صحيحاً، لم تقل لي ذلك، قلت لي لا تصوّر مع النساء.قال: بل قلتُ لك. توقف عن التوقيع للنساء الله يهديك.وضعت قلمي وقمت من مكتب التوقيع باتجاه الخروج. وكانت بعض السيدات يتناقشن معهم بأنكم تحرموننا من الحصول على توقيع على كتبنا، مع أن التوقيع ليس تصويراً!تبعني عضو الهيئة إلى أحد الممرات، فأعاد بسمته الأولى، وقال لي: أتمنى أن تأتي معي إلى المكتب لدقائق. رفضت طلبه، وقلت له: لن أفعل. قال: والله إني أقدرك. قلت: وهل من التقدير أن تظهر نفسك أمام الناس قد منعتني من شيء وأنا أعود إليه وهذا ليس صحيحاً؟ بأي حق ترفع صوتك علي، مع أنك لم تأمرني بشيء سوى بعدم التصوير مع النساء؟!قال صدقني لقد قلت لك. قلت له يا عزيزي اذهب واطلب الدكتور عبدالعزيز واسأله، وأنا مستعد لأن يتم حديثنا كله أمام الناس، ليكشف لك أن المنع من التوقيع للنساء لم يبلغني إلا وأنت ترفع صوتك أمام الناس ناهراً لي!خرجت من المعرض، وقد امتلأت حسرة، على نظرتنا للمرأة بتصويرها مستودعاً للفتنة، ومجمعاً للفساد، ولذلك نمنعها من الحصول على توقيع كتاب، وكأن المؤلف سيكتب لها على طرة الكتاب غزلاً وهي تقف إلى جانب زوجها أو أخيها أو والدها! [c1]- عن / جريدة “الوطن” السعودية .[/c]