- الدولة والقبيلة في اليمن ما يزالان كيانين مستقلين عن بعضهما ولم تحقق الدولة في مسعاها لدمج القبيلة في الدولة سوى نتائج محدودة لم تقض على ذلك الاستقلال، ولأن العلاقة بين الدولة والقبائل هي في الغالب علاقة صراع، ولأن القبيلة تخلت عن أعرافها وتقاليدها المحترمة التي كانت تضبط عملية الصراع، وصارت تتصرف بلا ضوابط، ولأن ذلك التصرف صار يضر بالمواطنين أصبح من الضروري إيجاد مبادئ وقواعد تضبط تلك التصرفات، مبادئ وقواعد كتلك الواردة في القانون الدولي الإنساني التي تقول إذا كان الصراع أو كانت الحرب شراً لابد منه فلابد أن تكون لهما آداب.عندما دخلت القبائل عام 1948م لنهب بيوت صنعاء قال المناضل الخالدي لأفراد القبائل الذين مارسوا الفوضى أثناء نهب محتويات منزله، قال لهم: “بنظام.. بنظام”.. على الأقل للنهب آداب، ومنها النهب بنظام.- الأمر اليوم لا يتوقف على النهب.. ولذلك لابد من نظام أو قواعد ومبادئ تلتزم بها القبائل والدولة.. مثل أن تلتزم القبائل بعدم شن أي هجوم دون سابق إنذار.. ويحظر عليها الدخول إلى المدن لتصفية الثأرات ولـ (يتراموا) في الشوارع المكتظة بالمواطنين ولا يجوز لها المساس بالأعيان الثقافية كالمتاحف والمدارس، ولا يجوز مهاجمة محطات توليد الكهرباء، و(قنص) خطوط الضغط العالي وتفجير أنابيب النفط.. وفي حربها مع الدولة ليس من حق القبائل فرض حصار اقتصادي على سكان المدن ومنع وصول الغاز والديزل والبترول إلى المواطنين.. وعلى القبيلة التي تختطف مهندسين أجانب يعملون في المشاريع التربوية أو غيرها أو تختطف سياحاً أو جنوداً أو مواطنين من مناطق يمنية غير قبلية أن تضمن لهم أمنهم الشخصي وأن لا تساوم على حياتهم، وأن توفر لهم ملابس وغذاء جيداً وأن تسمح لهم بالتواصل مع أسرهم.. وفي كل الأحول لا يجوز لها التهديد بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة، ولا يجوز لها الاستعانة على الدولة بطرف ثالث كالإرهابيين بما في ذلك الذين ينتمون للقبائل نفسها ومن باب أولى الإرهابيون الأجانب.- وبمقابل ذلك تنص المبادئ والقواعد على أن من واجب الدولة إلغاء “مصلحة شؤون القبائل” وأن تضع تشريعاً يحرم على المشايخ تلقي أموال من أي طرف خارجي ويعتبر ذلك من جرائم الخيانة العظمى، وعلى الدولة أن تضع خطة طويلة الأمد لتنمية مناطق القبائل بما في ذلك إنشاء محاكم ونيابات عامة وأقسام شرطة ومدارس وإشغال القبائل بمشاريع تخدمهم، وأن تحملهم جزءاً من المسؤولية في تنمية أنفسهم بدلاً من حمل السلاح على عواتقهم.. وفي كل الأحوال يجب على الدولة أن تطبق القانون على الجميع تطبيقاً صارماً، وتطبيق مبدأ “المسؤولية الجنائية شخصية” فلا يرتهن أو يعاقب قبيلي بجريرة فعل ارتكبه أحد أقربائه أو شخص من قبيلته، وأن تعمل على المدى العملي والاستراتيجي معاً من أجل دمج القبيلة في الدولة وتحويل الولاء من ولاء للقبيلة إلى ولاء للدولة أو الوطن من خلال خطة ثقافية مقصودة وهادفة.
أخبار متعلقة