نعمان الحكيم :عندما نتذكر الزمن الجميل ، يطوف بخيالاتنا تلك الأيام الخالدة التي خلدها رجال أوفياء ، سواء بالمواقف النضالية والبطولية حتى نيل الاستقلال الوطني المجيد ، أم بالمواقف الأدبية المخلدة لتلك البطولات من شعر وأناشيد وأغانٍ صارت من خلودها تمتزج بدمائنا .. وحال سماعها نتذكر بفخر واعتزاز تلك الكواكب التي أستشهدت أو توفيت إلى رحمة الله .. وهي أمور تجعلنا نسبح في خيالات بعيدة محلقين منتشيين وبغبطة تتمايل رؤوسنا مع تلك الالحان وفي ذاتنا نردد العبارات ومعها تعود بنا الذاكرة إلى زمن العظماء .. ( قحطان ـ سالمين ـ فتاح ـ مقبل ـ جاعم ـ لعور ـ فيصل ـ هيثم ـ مطيع ـ عبد العزيز ـ وكوكبة لايتسع المجال لذكرها باستثناء قادة خبرهم الزمن : ( عنتر ـ مصلح ـ شائع ) لكننا نقف مع إحدى تلك القامات التي تذكرناها يوم الأحد الثالث من فبراير ونحن في قاعة كلية التربية بعدن تذكرنا أحد صناع فجر استقلالنا المجيد .. ونحن نستقبل نجله الأوحد الذي عين وكيلاً لمحافظة عدن .. استقبلناه بحب وترحاب ورنت الوجوه إليه ناظرة وفاحصة .. هل يشبه أباه .. أم يشبه أحد أخواله / أعمامه .. الخ.وظهر الشاب ودخل إلى قاعة الحفل .. ولم يعلم أحد به إلا القليلون جداً .. الدكتور عبدالله النهاري ومعه الأستاذ / حسين بافخسوس كانا مرافقين للشاب حتى القاعة وأخذوا مقاعدهم وبدأت فقرات الحفل .. وأعلنت كمقدم بكلمات مقتضبة ترحيباً بالوكيل الجديد : أحمد سالم ربيع علي .. وعندما كررت كلمات أهلاً أبن الزعيم سالمين علت التصفيقات وابتهجت القاعة تكريماً وتخليداً لزعيم الكادحين ( سالمين ) الرجل البسيط الذي دخل عقول وقلوب الناس وأنصفهم وبادلوه الوفاء بالوفاء ، حتى صار هاجساً لكل ذي عقل وبصيرة ، رغم انطواء السنين!ثلاثون عاماً مرت على أستشهاده والمجال هنا ليس لشرح الموقف لأننا في ذكرى تخليد وتمجيد لهذا البطل الذي ظهر بصورة ابنه ( أحمد ) الذي أكد لنا أن من خلف رجلاً ، لم يمت ابداً ، فما بالنا من خلف فكراً ونهجاً ودولة جعلت من الناس سواسية .. وتركنا وهو خالي الوفاض ، برغم كونه رئيس دولة ذاع صيتها الآفاق وكسبت احتراماً بقياداتها ومنهم ( سالمين ) في كافة أنحاء العالم .. فأمثال سالمين لايموتون الا أجساداً ، أما أعمالهم ومواقفهم وسلوكهم وإخلاصهم فهي باقية فينا ماحيينا..ما أن بدأ حفل الأطفال البهيج بحضور ( ماما عفيفة ) مديرة رياض الأطفال ومعها قيادات المحافظة من مديرات ومربيات وتربويين آخرين حتى بدأت الذكريات تحلق بنا وتعيدنا الى ثلاثين سنة وأكثر :((والله بلدنا نورت في عيد ثورتنا المجيد الفرحة عمت وانجلت مبروك علينا كل عيد))هكذا كان لسان حال الأطفال وأهاليهم .. لكن الموقف الفريد كان تلك الكلمات الملتهبة حماساً وذكرىً وخلودآً:(( ياسلام ياتلال ياسلام ياجبال ياسلام يارجال ياسلام ياحلاوة أراضينا من بعد كفاح ونضال بسلاح إحنا اللي بنينا وعلينا وياسلام ..كنا نيران كنا صواريخ أكتوبر يشهد والتاريخ.. ))إلى آخر كلمات الانشودة الخالدة التي صاغ كلماتها الشاعر / المذيع الوكيل المقتدر / أحمد ناصر الحماطي ـ الذي أشتهر ببرنامجه الجماهيري (( إطلع درجة ))الذي كان جوكر البرامج في تلفزيون عدن .. كما صدحت بالكلمات حنجرة الخالد الرقيق الرومنسي : محمد عبده زيدي رحمة الله عليه .. وكانت أفراحاً غامرة في مناسبة عابرة ، هي ختام دورة تخصصية لمربيات رياض الأطفال التي رعاها مكتب التربية ودعمها مكتب اليونسيف بعدن كعادته في هذه المناشط الحيوية .. هنا فقط كان التذكار والإكبار ، وكان ظهور ( أحمد سالمين ) على مسرح الحياة بعدن يؤكد أن ( سالمين ) حي بيننا وسيظل نبراساً لنا على مدى الدهر .. فهل أوفيناه حقه .. أعتقد لا وألف لا .. فهو ديدننا أن نفعل ذلك الوفاء والتخليد إن شاء الله تعالى .. ولأحمد سالمين .. عدن تفتح ذراعيها .. أملي أن يكون خير خلف لخير وأفضل وأنبل وأعظم سلف .. آمين اللهم آمين.
أفراح غامرة في مناسبة عابرة!
أخبار متعلقة