جباليا / 14 أكتوبر / من نضال المغربي :محمود جنيد ليس موجودا من الناحية الرسمية. وكاد الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 25 عاما أن يحول هذا الأمر إلى حقيقة في وقت سابق من الشهر الجاري حين أغرق نفسه بالوقود وحاول أن يشعل النار في نفسه.وجنيد واحد من نحو 54 ألف نازح فلسطيني عادوا إلى غزة والضفة الغربية بعد توقيع معاهدة سلام مؤقتة عام 1993 لكنهم لم يتمكنوا بعد من استخراج بطاقات هوية لان إسرائيل ترفض الموافقة عليها.وبعد أعوام من الصمت بدأ النازحون ينظمون احتجاجات أسبوعية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة (حماس) للمطالبة بالوثائق التي يحتاجونها للسفر ولتلبية أساسيات يومية مثل فتح حساب مصرفي أو استخراج رخصة قيادة.وقال جنيد الذي قام خلال إحدى هذه الاحتجاجات بصب الوقود على جسده وحاول أن يشعل النار في نفسه قبل أن يمنعه أشخاص من ذلك "أنا لا أحد."وأضاف بينما كان جالسا إلى جانب زوجته وأطفاله "عندما سكبت الوقود على جسدي شعرت أن لا فارق بين الحياة والموت."وولد جنيد في الأردن بعد أن نزحت عائلته عن منزلها في القطاع الساحلي بعد حرب عام 1967 مع إسرائيل. وعاد إلى غزة عام 1995 وعمره 13 عاما لكنه لم يحصل بعد على بطاقة هوية.وفي مفارقة مريرة منح شقيقه أوراق الهوية بعد أسبوعين من مقتله خلال احتجاج ضد القوات الإسرائيلية في غزة.وقال "لا قيمة لها.. اعترفوا به فقط عندما مات."وأغلقت إسرائيل حدود غزة أمام كل شيء باستثناء الإمدادات الإنسانية منذ أن سيطرت حماس على القطاع الذي يعيش فيه نحو 1.5 مليون نسمة في يونيو حزيران وأطاحت بحركة فتح المنافسة. ويعاني اقتصاد القطاع من أزمة.وقال جنيد وهو نجار عاطل "ينبغي أن أعول ستة أطفال وأنا بلا عمل منذ ثلاثة أشهر."ومنحت إسرائيل بطاقات هوية لنحو 3500 فلسطيني في الضفة الغربية في وقت سابق هذا الشهر في إطار مساع لتعزيز الرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم حركة فتح قبل عقد مؤتمر ترعاه أمريكا بشأن إقامة الدولة الفلسطينية.لكن الأمل ضئيل في أن يمتد حسن النوايا إلى قطاع غزة الذي وصفته إسرائيل بأنه "كيان معاد" لان النشطاء في المنطقة كثيرا ما يطلقون صواريخ على الدولة اليهودية.وبموجب اتفاق السلام المؤقت الذي أبرم عام 1993 يتعين على إسرائيل أن توافق على جميع الوثائق الشخصية الفلسطينية بما في ذلك بطاقات الهوية.ويقول جنيد إن العيش في غزة بمثابة العيش في سجن. وتوفي عمه وشقيق أصغر قبل أشهر قليلة في مصر لكن جنيد لم يستطع حضور جنازتيهما.وعندما طلب تصريحا للسفر إلى إسرائيل أو مصر للخضوع لجراحة في العين رفض طلبه.وقال "من يقبعون في السجون الإسرائيلية يعيشون في زنزانات صغيرة. أنا أيضا سجين لكن في زنزانة كبيرة اسمها غزة."وذكر حسين الشيخ مدير مكتب الشؤون المدنية الحكومي في رام الله الذي يتفاوض مع إسرائيل بشأن مسألة بطاقات الهوية وتصاريح السفر إنه لا توجد أي دلائل على أن إسرائيل ستخفف موقفها بشأن منح الوثائق لسكان غزة.وقال جنيد إنه يشعر وكأنه شبح. وقال "لست شبحا فحسب. بل لست موجودا. في كل مكان أذهب إليه يطلب مني الناس بطاقة هوية ولا أملك واحدة."
أخبار متعلقة