كلنا في المعركة .. أنا الشاب الفقير.. وأنت العامل الكادح او الموظف البسيط او الطالب الحائر.. وهي الأم الحانية على أطفالها الساهرة على مستقبلهم.كلنا .. والأجيال التي مازالت في رحم المجهول وضمير الغيب.. والأجيال الناشئة، والنابتة كالزهور المنطلقة كالقذائف..في المعركة ضد المضللين والمتاجرين بحرية الشعوب، وأعداء الحياة والتقدم الإنساني..إنهم يتكاثرون ويزحمون الجو يسممون كل شيء جميل وضروري في حياتنا .. الهواء ... النور.. الوعي!إنهم يسفرون عن وجوههم الكالحة الشائحة.. واحدا واحدا وخائناً خائناً!لقد أصبحت لهم ألسنة تنطق.. وأقلام ترصد.. وتتعقب.. وتطارد الوعي الزاحف .. وتجوس خلال سطور الأحرار.ولقد وجد الآن- كما وجد من قبل- من يقول للشعب في قحة وصفاقة:إن مطالبة جرح للشعور وخروج على المألوف.. وان أمانيه غليان الى انطفاء وفوران الى همود.وما أعجبها وأطرفها معركة، معركة غير متكافئة او متوازنة القوى.هم الأكثر عدداً وإمكانيات ووراءهم مراكزهم وأعمدة ثرائهم والقوى التي خلقتهم وأطلقتهم كالكلاب ينبحون الشعب ويعضون مكامن الحس والنبض من كيانه الحي.ونحن الفقراء الذين لا نملك شيئاً.. ماذا أقول؟ بل نحن نملك كل شيء.. نملك ضمائرنا وأقلامنا.. ونملك كلماتنا وحواسنا.. ونملك الغد والمصير!وسنكتب .. وسنكتب - كما ينصحنا احد أبطال رواية “ الأم” - سنكتب “ من اجل ان يكون للأحرف ضجيج” .. ونار تذيب جليد الرجعية ونور يفجر ظلام الخيانة.من اجل ان نثبت لهم ان كلمتنا الجديدة التي أذهلتهم ومزقت أنسجة إحساسهم المرهف ليست حماساً غائماً او انفعالاً موقوتاً او تمتمات طفولية وإنما هي وعي جديد وتفكير علمي معمق وطاقة نضالية لا تنفد.من اجل ان يعرفوا إننا لا نلعب بالنار ونصيد الذباب. وإننا نعني كل كلمة قلناها وسنقولها ونعرف نتائجها وآثارها.. وإننا نقدر المسؤولية.ولكننا مسؤولون فقط أمام الشعب.. والتاريخ.ولن يغرينا مال او يفتننا بريق مركز او سحر ثروة.ولم يثنينا عن طريقنا تهديد او وعيد او إرهاب.واخيراً.. من اجل ان يرسخ في أذهان الجميع إننا طراز، من الناس، جديد.ولقد بدأت المعركة منذ أمد بعيد.. ولن تنتهي قبل ان يدخلها الشعب بجميع أسلحته.[c1]*عبدالله باذيب / النهضة ، العدد 264، 25 أغسطس 1955م.[/c]
في المعركة
أخبار متعلقة