سطور
كمال محمود علي اليمانيطالعتنا الصفحة الثقافية في صحيفة 14 أكتوبر بمقال للباحث الجاد نجمي عبدالمجيد وذلك في يوم الجمعة الموافق السابع والعشرين من شهر مارس المنصرم ، وما لفت نظري في المقال أن أخانا نجمي قد أورد فيه أن وفاة رائد التنوير في عدن المرحوم محمد علي لقمان المحامي قد كانت في الثاني والعشرين من شهر مارس العام السادس والستين بعد المئة التاسعة عشرة من القرن الفائت وبلغة الأرقام فهي في عام 1966م ، وهو التاريخ نفسه الذي دوّنه في كتابه ((عدن 1839م-1976م)) والذي تحدث فيه عن تاريخ عدن السياسي والإقتصادي والثقافي والإجتماعي في مقالات متنوعة , وكنت قد تناولت هذا الكتاب في قراءة إنطباعية نشرت سلفا ، وأثنيت على صاحبه، المهم أنه في ص 357 في ختام مقال بعنوان ((محمد علي إبراهيم لقمان ... عميد النهضة الثقافية)) ـ وهو المقال الذي استعرض الباحث فيه بعضا من أوجه الريادة لدى لقمان ـ أورد في ختام المقال مؤلفات لقمان ثم قال : وغير هذه المؤلفات ترك الكثير من المقالات الصحفية وفي 22 مارس 1966م رحل هذا العلم الخالد عن عالمنا في المملكة العربية السعودية وهو يؤدي فريضة الحج .وهذا يعني أنه أكد في المقال المشار إليه آنفا ماقد أورده في كتابه ذاك ، على الرغم من أن المقال قد تمت كتابته بعد نحو ثلاث سنوات من ظهور الكتاب الصادر في عام 2007م .والعجيب أن الأستاذ جعفر مرشد كان قد كتب مقالا في الذكرى الثالثة لوفاة رائد الصحافة اليمنية كما ورد في عنوان مقاله ، وقد دوّن في مقدمة مقاله مايلي: يصادف اليوم الجمعة الثاني والعشرين من مارس 1996م مرور 30عاماً على وفاة فقيد الصحافة اليمنية بشكل خاص والوطنية والثقافية بشكل عام عن عمر ناهز الثامنة والستين .وهذا يعني أنه يتفق مع الباحث نجمي في أن الثاني والعشرين من مارس هو يوم رحيل لقمان عن عالمنا وانتقاله إلى جوار ربه.ومقال الأستاذ جعفر وجدته منشورا في كتاب (( المجاهد محمد علي لقمان المحامي .. الأعمال المختارة )) والصادر في طبعته الأولى في عام 2005م ، والأعجب أن هذا الكتاب نفسه قد ضم قصيدة للراحل الشاعر علي محمد لقمان ، إبن لقمان المحامي يرثي فيها أباه ، وفي التوطئة نجد بين قوسين العبارة «في طريقه إلى أداء فريضة الحج بعد زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، توفي والد الشاعر الأستاذ محمد علي لقمان المحامي ، صاحب صحيفة فتاة الجزيرة اليومية وإيدن كرونيكل الأسبوعية في 24 مارس 1966م،» ولاحظوا معي هنا أن تاريخ الوفاة قد تغير ، وأنه تأخر يومين عن التاريخ الأول . أما الأكثر عجبا فهو مانجده في الصفحة الأولى من ذلكم الكتاب مدوناً بالخط العريض ... المجاهد محمد علي لقمان المحامي (6نوفمبر 1898م -22 مارس 1966م ) والكتاب إضمامة من أعمالمختارة للأستاذ لقمان المحامي جمعها وأعدها وقام بدراستها الدكتور أحمد علي الهمداني ، بيد أن الدكتور الهمداني عاد فاستدرك في كتاب ((المجاهد محمد علي لقمان المحامي ... فتاة الجزيرة ... إفتتاحيات ومقالات )) وهو كسابقه للدكتور الهمداني جمعا وإعداداً ودراسة ـ إذ نوه في استدراكه إلى الخطأ في تاريخ الوفاة فقال : ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى أننا أدخلنا بعض التعديلات في هذا المدخل - الدراسة وهي تتعلق بتاريخ وفاة لقمان ، فقد كانت وفاته في 24 مارس 1966م لا في 22 مارس 1966 ، كما جاء في الكتاب الأول الذي نشر في 2005م .ولا تتبدد الحيرة بل تزداد ، إذ أصدر مؤخرا الباحث جبران شمسان كتاب (( لقمان رمز الوطن الحي ... سيرة رجل وتاريخ شعب )) فذكر في الفصل الخامس عشر بعنوان (( لقمان تواريخ واحداث ووثائق )) 22 مارس 1966م يوم وفاة رائد النهضة الفكرية محمد علي لقمان . ويزداد الطين بلة حينما يحوي الكتاب نفسه نبذة عن حياة الصحافي الكبير فاروق لقمان إبن لقمان المحامي ، ويجيء في خاتمتها ( إستمر فاروق بإصدار الصحيفتين خلال العامين 1966م-1967م بعد وفاة والده في 24 مارس 1966رحمه الله).وهكذا نجد أنفسنا مذبذبين بين تاريخين ، ننوس بينهما فلا نثبت عند هذا ولانقف عند ذاك .والخلاصة أن الباحثين جميعا قد اتفقوا على أن وفاة رائد النهضة التنويرية في عدن قد كانت في المملكة العربية السعودية أثناء تأديته لفريضة الحج ، إلا أنهم إختلفوا في تحديد تاريخ وفاته .ولأن لقمان كان شخصية عدنية ويمنية وعربية ذات صيت وعراقة ، فإنه من غير المبرر على الإطلاق أن يظل تاريخ وفاته متأرجحا لاسيما وأنه قد توفي قبل نحو نصف قرن من الزمان وليس قبل قرون .أليس هناك من مستند ما كشهادة الوفاة ، أو إجراءات الدفن أو إعلان حصر الورثة ، أو إي مستند آخر ، يمكن له أن ينهي هذا التذبذب بشكل نهائي وقاطع ؟ سؤال هو الآخر يبحث عن إجابة .