الموروثات الشعبية ظلمت المرأة وكرست إهانتها
القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:لأن المرأة تمثل نصف المجتمع وهي محرك رئيسي لثقافته واتجاهاته بما تقوم به من دور فعال في المجتمع المحيط بها فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والجارة، والرجل يعلم جيدا ًدورها ولكنه في بعض الأحيان لا يعترف بذلك ..في هذا الإطار يرى مثقفون أن الموروثات الشعبية ظلمت المرأة ولم تعترف بدورها فكثير من الأمثال الشعبية جعلت المرأة مجالا للسخرية والاستهزاء بينما نصفتها بعض الأمثال الأخرى.وأجرت مؤسسة المرأة الجديدة دراسة حول المرأة المصرية في الأمثال الشعبية حيث رصدت الدراسة عددا من الأمثال الشعبية التي تناولت المرأة وعلاقاتها بغيرها ومنها ضرورة وجود الرجل في حياة حواء وكيف أنه هو الذي يكسبها الأهمية أو ينزعها عنها ومن هذه الأمثال:(اللي يقول لمراته يا عورة يلعب بيها الناس الكورة) ،( مرة من غير راجل زي الطربوش من غير زر).وركزت الأمثال أيضا علي فكرة إغراق المرأة في غياب مراقبة الرجل( الرجالة غابت والستات سابت ).وأظهرت الأمثال لهفة النساء على الزواج ( ظل راجل ولا ظل حيطة ) ( آخد الغندور ولو سكني وسط القبور)( نار جوزي ولاجنة أبويا)..وغيرها من الأمثال المتداولة بين الناس في المجتمع المصري.في استطلاع رأي نفذته نفس المؤسسة شمل 84 سيدة ورجلا من أعمار تتراوح بين 22 و55 عاما و77 % من نساء العينة رفضن فكرة انحراف المرأة في غياب الرجل كما رفضن الأمثال المتعلقة بالعنوسة (من كتر خطابها بارت).. إلا أن منهن رفضن الأمثال المتعلقة بالحموات لأنها تمس أمهاتهن.وشملت الأمثال الشعبية العربية بوجه عام والمصرية علي وجه الخصوص كل الجوانب الحياتية ولم تنس أية ناحية منها، وفيما يخص المرأة تقدمت نماذج نسائية كثيرة فوصفت المرأة الجميلة والقبيحة والمتزوجة والمطلقة والمجتهدة والكسولة ومن هذه النماذج المرأة النشيطة ( فالمرأة الشاطرة تقضي حاجتها والخايبة تنده جارتها) وعن المرأة خفيفة الروح المرحة يقول المثل:(اللي مراته مفرفشة يرجع البيت من العشاء) والمليحة التي تجمع بين جمال الشكل وجمال الطبع ( خد المليح واستريح). و لم تكن الأمثال الشعبية كلها سلبية وضد المرأة فهناك الكثير من الأمثال التي وصفت المرأة الجميلة ولكن وصفتها وكأنها دمية جميلة بلا روح ورغم ذلك حثت الرجال علي طلبها ( إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل )ويرادف هذا المعنى (اعشق غزال وإلا .. فضها). ولأن الجمال يسبق الغنى ( تغور العورة بفدانه) كما حثت هذه الأمثال على الزواج من المرأة الجميلة حتى ولو كان الزوج لا يملك قوت يومه فالجمال يغني عن الأكل والشرب ( خد الحلو واقعد قباله.. وإن جعت شاهد جماله) وفي مقارنة بين الجميلة والدميمة يقول المثل : (الحلوة حلوة ولو قامت من النوم والوحشة وحشة ولو استحمت كل يوم ) وفي وصف المرأة الدميمة التي تتمنى أن تكون جميلة وبيضاء ليرضى عنها الرجال باعتبار أن البياض نموذج للجمال عند الرجال يقول المثل :(يا ريتني يا أمة كنت بيضة وبضب، أصل البياض يا أمة عند الرجال يتحب).كثرت الأمثال في وصف المرأة الجميلة في مواطن مختلفة فقد يكون الجمال في المرأة القصيرة لأن كبر السن لا يظهر فيها فيقول:( وزوج القصيرة يحسبها صغيرة ) وتتغير المرأة بمرور السن فيقول مع العمر (البنات بسبع وجوه ) وليست القصيرة فقط هي الجميلة فيقول المثل في المرأة الطويلة (الطويلة تقضي حاجتها والقصيرة تنده جارتها).[c1]المرأة الدميمة[/c]لم تصف الأمثال المرأة الجميلة فحسب ولكن المرأة الدميمة ، ومتواضعة الجمال لم تنج من سياط الأمثال الشعبية ففي وصف النساء المتواضعات الجمال يقول : (إيش تعمل الماشطة في الوش العكر). ولكن رغم ذلك يدعوها للتجمل (لبس البوصة تبقى عروسة )وفي وصف للفتاة الدميمة يقول :(تبقى عورة وبنت عبد ودخلتها ليلة الحد)أو العورة القبيحة لا تحتاج إلى إعلان وفرح وتهاني بل الأفضل لها الزواج في صمت وكذلك (العرس بزوبعة والعروسة ضفدعة) وهناك أمثال وصفت المرأة بالعرجة وبالعمياء والوحشة والقرعة (سوق الحلاوة جبر وادلعوا الوحشين) (عمية وعرجة وكيعانها خارجة) (ادلعي يا عوجة في السنين السودة) ولكنه نصح المرأة أن تتحلي بصفات يمكن من خلالها أن تحول القبح إلى جمال (يا وحشة كوني نغشة ) في دعوة لجمال الروح للسيدة متواضعة الجمال(القرعة تتعايق بشعر بنت أختها)و(عمشة وعاملة مكحلة)و(على ما تتكحل العمشة يكون السوق خرب).تصف الأمثال معالم الحياة الاجتماعية وترصد أنماط السلوك الإنساني ولذلك تناولت الأمثال الشعبية المرأة باعتبارها محور الحياة في البيت وخارجه فقد تناولتها الأمثال في أدوارها المختلفة انطلاقا من التهنئة بعيد ميلادها غير المرغوب فيه سعيا إلى التخلص منها (آمنكم الله عارها وكفاكم مؤنتها وصاهرتم قبرها)وهي تعيش طفولتها كشيء مهمل تابع كليا للبيت إلى أن يجري التخلص منها عن طريق الزواج كعلاقة اجتماعية تضمن سترها وتريح أهلها من شرها (البنت إما رجلها وإما قبرها)وحذرت من الزواج من الأقارب (الأقارب عقارب) ولكن العائلة تسعي للتخلص منها بأي شكل (بعد أختي عني وخذ غلتها مني) ورغم ذلك يعترفون بسعة رزقها (أب البنات مرزوق )ولكنهم يخافون من رجوعها للمنزل بعد الزواج (زوج بنتك وبعد دارها ما يجيك غير خبارها) والأصل الطيب مطلوب في الزواج (يا واخد القرد على مالو يروح المال ويبقى القرد على حالو).[c1]الزوجة[/c] بعد الزواج تظهر المرأة في الأمثال الشعبية في صور مختلفة ومتنوعة فهي لا تؤتمن على سر( يا ويل من أعطى سره لمراته يا طول عذابه وشتاته ) والمرأة لا يوثق بها والرجل الذكي الذي لا يعطي لرأي زوجته أية أهمية (الراجل ابن الراجل اللي عمره ما يشاور مراته )وحذرت الأمثال المرأة من الزواج فيقول :(جت العازبة تشكي لقت المتجوزة بتبكي) (طلبوها اتعززت وفاتوها اتندمت) و (يا بخت من رضي عنها زوجها) و(اللي جوزها يقولها يا عورة يلعبوا الناس بيها الكورة ) (اللي يقولها يا هانم يلقفوها على السلالم)(وادي قاعدة ..راح النهار يا سعدة) ولكن رغم ذلك فإن الزواج يعطي المرأة مكانتها الاجتماعية (ظل راجل ولا ظل حيطة) و(حرمة من غير راجل زي الطربوش من غير زر) و(اسم الزوج ولا طعم الترمل) بل إن سعادتها مرتبطة بوجود الرجل إذ إن (اللي جوزها يحبها الشمس تطلع لها).كما حذرت الأمثال الشعبية الرجال من مكر النساء حتى يتجنب المشاكل الزوجية (إن حبوك يا ويلك وإن كرهوك يا ويلك) و(كانت قاعدة ومرتاحة ..جابت لها « حاحه») و(قبل ما تحبل حضرت الكمون ..وقبل ما تولد سمته مأمون)و( فتلة العويلة ممدودة وطويلة) ولم تسلم الحماة أيضا فيقول ( الحما عما ولو كانت ملاك)وللبعد عن شرها يقول (بوس إيد حماتك ولا تبوس إيد مراتك).هناك بعض الأمثال الشعبية التي سلبت من المرأة حريتها (اكسر للبت ضلع يطلعلها أربعة وعشرين ) كما شبه المثل البنت بأمها في التصرفات السيئة(اكفي القدرة على فمها تطلع البت لأمها)و( تكلم الفاجرة تلهيك وتدهيك وتجيب اللي فيها فيك )و( آخد ابن عمي وأتغطي بكمي).كما ركزت الأمثال على السمات السلبية في المرأة ونظرت نطرة إدانة وتقليل من شأنها (البنت تجيب العار والمعيار والعدو لباب الدار )..وقلل المثل الشعبي من شأن البنت عن الذكر (بيت البنات خراب ) ووصفها بالمكر ( احذر عناد الرهبان وكيد النسوان وغضب السلطان ) وهي بخيلة وطماعة (ترميه بالحارة ولا تعطيه للجارة) وعدوانية ( لا أنا منيحة ولا الناس بتعجبني ) وغيورة ( لولا الغيرة ما حبلت النسوان).[c1]الأم والابنة[/c]رغم ذلك نصفت الأمثال الشعبية المصرية الأم فوصفتها بأنها أم حنونة وعطوفة سعادتها من سعادة أولادها (من طعم صغيري بلحة نزلت حلاوتها في بطني) و( أسيادي وأسياد أجدادي اللي يعولوا همي وهم أولادي)وهي تفضل أبنائها على الآخرين إذ إن ( الخنفسة عند أمها عروسة)و(خنفسة شافت بنتها على الحيط قالت دي لولية في خيط ) كما تفرح الأم بالولد لأنه سندها عند الحاجة (ربنا يبعت للعويلة ولد جنبه وتتسند )وتتحمل مسؤولية البنات حتي الممات ( يا مخلفة البنات يا دايخة للممات) ولكنها لا تنكر دور البنات في مساعدة الأم في تدبير شؤون البيت ( من يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها) كما أن البنات أكثر حباً للآباء من الأولاد (اللي ما عندوش بنات ما يعرفش الناس إمتى مات).أظهرت الأمثال دور المرأة في حياة الرجل فهي مسؤولة عن الحياة الاقتصادية في المنزل فـ (الميه في الزير تحب التدبير)والزوجة تعتبر البيت قصرها فيقول :( قعدتي بين أعتابي ولا قعدتي بين أحبابي) كما أنها المسؤولة عن تربية الأولاد فـ (البنت سر أمها ) و( المرأة ما لها إلا بيتها )ويعترف الرجل بذلك فيقول:( اديني الحرة النقية اللي تزودني وقية).[c1]الأمثال العربية[/c] ظلت المرأة عنصراً رئيسياً في معظم الأمثال الشعبية العربية سواء كانت بالفصحى أم بالعامية ففي إحصائية عن الأمثال العربية القديمة التي يكون موضوعها المرأة في أبرز خمسة كتب الأمثال من فترات زمنية مختلفة وهي : ( أمثال العرب) للمفضل الضبي و( الأمثال) لأبي مفرج السدوسي و(جمهرة الأمثال)للعسكري و(مجمع الأمثال)للميداني و(المستقصي في أمثال العرب) للزمخشري لوحظ أن عدد هذه الأمثال عن المرأة يفوق عدد الأمثال التي تتناول موضوعات متصلة بشخصيات أخرى ذات هوية محددة فكانت الأمثال في الكتب السابقة التي يكون موضوعها شخصية المرأة بنسبة 32 % بينما تقسمت النسب الباقية على شخصية الكهل والطفل والشاعر والفارس والأحمق والحيوان والطير والنبات والشخصيات الغيبية كالغول والجن الأمر الذي يؤكد أهمية شخصية المرأة وارتباطها الظروف الحياتية على مر العصور. [c1]ثقافة موروثة[/c] ويلعب المجتمع دوراً مهماً في ترسيخ الثقافة الموروثة حيث يتم تناقلها عبر الأجيال ويبدو هذا الدور واضحاً من خلال الأمثال الشعبية المتداولة فحسب قول د. سامية الساعاتي -أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس-فإن الأمثال تعكس الصورة النمطية التي يرى المجتمع أنها الصحيحة للرجل والمرأة على السواء ولكن معظم هذه الأمثال لا تعبر عن حقائق ومسلمات ولكن الأجيال تتوارثها كما هي ولا يمكن تغييرها ورغم ذلك نجد الكثير من أفراد المجتمع لا يعترفون بها. تنقل الكثير من الأمثال المتواراثة أفكارا غير مرغوب فيها في المجتمع ومن هذه الأفكار أنها تظهر دور المرأة في المجتمع كربة بيت فقط وتعتبر الرجل رأس الأسرة والمكلف برعايتها وقيادتها والإنفاق عليها وهناك الكثير من الأمثال التي ظلمت المرأة مثل) البنات هم للممات) و(المرأة بنصف عقل) و( ظل راجل ولا ظل حيطة) و(البنت يا تسترها يتقبرها) و(البنت باللدح والولد بالمدح) واللدح بمعنى الضرب و( يا مشاور النسوان يا خسران) و(اللي تموت بنيته من صفا نيته ) وكلها أمثال تستخف بالمرأة وتحط من قدرها رغم أنها الأم والزوجة والأخت والابنة وتؤكد أن الموروث الاجتماعي الذي ينشأ عليه الرجل سواء كان أخاً أم أباً أم زوجاً يتبنى أفكارا يشحن الولد بها منذ الصغر كفكرة أن الرجل لا يعيبه شيء.في السياق ذاته أظهرت دراسة أجرتها جامعة الملك عبد العزيز في السعودية أن الأمثال الشعبية المتوارثة ساعدت على ترسيخ ثقافة ذكورية تظلم المرأة وتشير إلى أن الرجل عمل على مر العصور على تمييز نفسه عن المرأة واتخذ مكانة لا يسمح للمرأة بالوصول إليها ولم يترك صفة سيئة إلا وألحقها بها وأصبح المجتمع ينظر إلي الفتاة باعتبارها وعاء للإنجاب ومصدرا للفتنة والعذاب وموتها خير وبذلك تقيدت هذه المورثات حرية المرأة وحركتها وتحجر على عقلها لدرجة أنها ترى أن تعليمها لا يتعدى المسألة الكمالية.[c1]التراث العالمي[/c]نقل لنا التراث العالمي الكثير من الأمثال التي وصفت المرأة بالدونية فـ ( المرأة إنسان ناقص التكوين وكائن عرضي) كما قال توما، وأيضاً (المرأة آخر شيء يمكن أن تصل إليه الحضارة)جورج ميرديت، وهي (حيوان بليد أحمق ولكنه من بواعث الفرح والسرور) سقراط، كما ربط اسم النساء بالشيطان ففي الفرنسية (قلب المرأة يخدع الناس لأن الشيطان يموج فيه) وفي الألمانية (إذا حكمت المرأة في مكان كان الشيطان رئيساً للوزراء فيه) وفي الرومية (عندما يبلع الشيطان المرأة لا يستطيع هضمها) وربطت الأمثال بين المرأة والصفات السيئة ففي الفرنسية (مهما كان البحر خائنا فإن المرأة أكثر خيانة) و(عقيدة المرأة مثل النقش على الماء ) وفي الألمانية (صدق المرأة معجزة لا تصدقها )وفي الإيطالية (لا تجد امرأة تقول الصدق تماماً) و(اعتمد على كلبك أكثر مما تعتمد على امرأتك ) وفي الروسية (الكلب أكثر فهماً من الزوجة فهو لا ينبح على صاحبه ) وفي البرتغالية ( النساء والنعاج ينبغي أن تعود إلى المأوي قبل هبوط الليل) وفي التركية (النساء والخيول والكرمة تتطلب أسياداً أشداء) وفي الهندية ( تعليم المرأة مثل إعطاء السكين بيد القرد) وقال عنها شوبنهاور (المرأة كالحرباء فهي مجموعة من الألوان والعواطف والمشارب).ومن الأقوال:( المرأة عقرب حاذر منها وقت الغضب تمد اللسان والذنب وتريك العجب) و ( الزوجة الجيدة تكون سيدة أكثر كلما كانت أكثر عبودية للرجل).رغم ذلك نقل لنا التراث العالمي الكثير من الأمثال التي تثني على المرأة وتعظم دورها الإنساني والاجتماعي في الحياة فيقول المثل العالمي:( وراء كل عظيم امرأة) ويصفها نيتشه بأنها (منبع السعادة والأنس والسرور) وشكسبير قال عنها:(كوكب يستنير به الرجل ومن غيرها يبيت الرجل في الظلام) وهيردر اعتبرها (تاج الخليفة) بينما قال عنها نابليون:(شعر الخالق) وجون جراسي قال عنها:(حلقة الوصل بين الملائكة والرجال) وقال جويار:( أحلي هدية خص الله بها الرجل) وفولتير اعتبرها مثال الرقة والكمال.