يومان وأنا وحاضرة الذاكرة التي أنعم بها الله علي، رغم دخولي العقد الخامس من العمر، في صراع أشعر في ساعات منه أنني انهزمت.. غير أنني أعود مرة أخرى لأخوض الصراع، حتى كان صباح أمس (الأربعاء) لتحسم الذاكرة الصراع، وأجد نفسي حاملاً القلم لأسطر هذه الكلمات التي ما كنت أتوقع أن أسطرها يوماً، لأنني -وهذه حقيقة لا أبالغ فيها - لم أصدق حتى اليوم وبعد مرور عام كامل أن عصام سعيد سالم اليافعي قد رحل عن الدنيا.. وتقول نفسي الصادقة معي، وليس باستمرار مع الآخرين، أن "السبب هو كون عصام لم يكن صديقاً أو زميلاً عادياً عرفته على مدى ثلاثة عقود، بل كان و لا يزال في دواخلي .. أباً وأخاً أكبر، وصديقاً سمحت له بكل رضا أن يفتش في دواخلي، ويقلب صفحات حياتي دون أن أقول له يوماً لا تفعل ذلك!!".. كان و(لا يزال) رغم تعصبه وغضبه مني في الكثير من سنوات ارتباطي به؛ حافظة أمينة لأسراري الخاصة جداً.. والكهف الذي ألجأ إلى قلبه ومساعدته كلما أشعر ببرد الحياة وبرداءة الطقس .. فكان و(لا يزال) أباً وأخاً وصديقاً للجميع ممن عرفوه، واستطاعوا فك رموز ضحكاته (الجميلة) وغضبه (اللذيذ).. لذلك وأكثر فأنا ما زلت حتى اليوم رغم قرب إحياء الذكرى الأولى لرحيله في الثالث عشر من يناير العام المنصرم، أي في يومنا هذا لم أستطع إقناع نفسي بأنه رحل، وأننا لن نراه ثانية ولن نسمع ضحكاته ونتخضب بغضبه!! زاد من تمسكي بأنه لم يرحل، ولا يعني ذلك أنني لا أؤمن بقضاء الله وقدره، على العكس والحمد لله على ذلك، إنني من أكثر الناس إيماناً بأن الموت حق، بل وجميل في زماننا هذا الذي فقدنا فيه الكثير من معاني الوفاء والحب الصادق، والصداقة البريئة .. أقول إن ما زاد تمسكي بأن (عصام) لم يرحل، وأنه سيأتي يوماً للجلوس معنا كعادته كل يوم، هو ارتباطي بمن كانوا قريبين جداً منه، زملاء وزميلات، ومنهم الأستاذ الصديق الوفي أحمد محمد الحبيشي، والزميل فراس اليافعي، والزميلة الوفية جميلة شبيلي، والصديق الأخ الذي كان هواء الارتباط في صداقتنا مع (عصام).. الزميل أحمد علي مسرع .. منهم وفي كل يوم تزداد قناعتي بأن (عصام) لم يرحل، وأنه قادم!! وأنا كما أشرت في صراع مع نفسي حول ماذا أكتب عن (عصام) الراحل / القادم، إذا صدمة قبل بفاجعة رحيل نجله الأكبر (إياد عصام سعيد سالم)، ومعه زميل عزيز دائماً يخلق البسمة في حياتي كلما أراه (محمد أبوبكر الميوني) وزميلة أخرى في حادثة سير مؤلمة .. وقع الخبر كالصاعقة .. أنا أستعد وألملم الذكريات الجميلة للكتابة عن (عصام) في الذكرى الأولى لـ (رحيله) اليوم(السبت) أجد أن القدر – ولا اعتراض عليه – قد خطف من كان (عصام) يحمل اسمه (أبو إياد) .. مصيبة .. كارثة .. لا أدري كيف ستكون الواقعة على (أم إياد)!! قبل عام رحل الحبيب، وقبل أن ينتهي العام ويرحل فلذة الكبد .. العنوان الأول للارتباط المقدس بينهما (أبو أياد، وأم أإياد).. ولكني أؤمن بأن الله سبحانه وتعالى وحده القادر على إنزال السكينة والهدوء في قلب هذه المرأة العظيمة .. لأننا جميعاً راحلون عن هذه الدنيا الفانية.عمن أكتب اليوم؟ّ! عن (عصام) الذي ما زلت اعتقد أنه سيأتي يوماً - فليسامحني الله على ذلك - أم عن نجله الشاب الخلوق (إياد) الذي قبلته قبل أيام في مكتب الأستاذ ( نجيب مقبل - مدير التحرير)؟!.. عمن أكتب؟!"إنا لله وإنا إليه راجعون"
عمّن أكتب؟
أخبار متعلقة