العودة إلى عدن بدون (ميتش ) المجنون
برايان بارون :منذ حوالي 41 عاما خرج البريطانيون من عدن لينهوا بذلك احتلالا استمر 129 عاما، وفي ذلك الوقت قاد عسكري بريطاني اشتهر باسم «ميتش المجنون» عملية قمع تمرد في المنطقة. فما حدث في فوكلند يعتبر أمرا هينا مقارنة بأحداث عدن. كانت النهاية في عدن هي الأكثر حزنا ومأساوية بالمقارنة بالنهايات التي شهدتها بنفسي في حوالي 6 مستعمرات بريطانية أخرى. فقد شهد هذا المكان الصغير حالة من الفوضى العارمة قبل ظهور كلمة النهاية التي تمثل آخر عمل قامت به القوات البريطانية في هذا المكان. كما كانت «ستيمر بوينت» في عدن في شهرة البيكاديلي سيركس حيث عرفها المسافرون بين الشرق والغرب خلال ما يزيد على قرن من التفوق البريطاني الذي لم يتحداه أحد. وبعد 40 عاما أعود إلى هذه المدينة لأعيش تلك الأجواء. إن المشهد العام في «ستيمر بوينت» يبدو وكأنه لم يتغير كثيرا عما كان عليه الحال عام 1967 وإن لم يبق من المتاجر التي كانت موجودة في أيام البريطانيين سوى مكتبة عزيز الذي رحل فيما يجلس حفيده الآن على أعتاب المكتبة يلعب الورق مع أصدقائه ويمضغون القات كما يفعل الملايين بعد الظهر في هذا البلد. وفي مكتبة عزيز توجد بطاقات معايدة بالكريسماس تعود إلى الأربعينيات وصور بانورامية لعدن التي كانت أكثر ثالث ميناء من حيث الحركة في العالم. [c1]ضرب السياحة [/c]ويقول حفيد عزيز، وهو ينظر إلى الميناء الذي تعرض لهجمات القاعدة، «لا يوجد اليوم الكثير من السياح»، وتوجد بصمات الاستعمار البريطاني في كل مكان فهناك مقر قيادة الحاكم البريطاني يطل على خليج عدن والذي أصبح مقرا لرئيس الجمهورية لدى زيارته للمدينة، فضلا عن المنارة البحرية، التي كانت موجودة فوق ستيمر بوينت، والتي ضربت بصاروخ خلال نزاع داخلي عام 1986 والتي لم يتم إصلاحها منذ ذلك الحين رغم أنها واحدة من أبرز المعالم التاريخية للمدينة. وربما تكون الروح التجارية قد فارقت مع مغادرة الأسطول البريطاني وما تبقى تكفل النظام الثوري بتدميره. [c1]تمرد [/c]وخلال فترة التمرد أعطيت قطعة سلاح لكل مواطن بريطاني بسبب المخاوف من تعرضهم للاغتيال. وكانت منطقة كريتر هي قلب التمرد، وتعني كريتر فوهة البركان وتمتد كرأس صخري في مياه خليج عدن. قمعت مظاهرات 1967 بعنف وقاد هذا التمرد شرطة عدن، التي دربها البريطانيون، في منتصف عام 1967 ما أدى إلى مجزرة للقوات البريطانية. وفيما كانت الحكومة البريطانية والقيادة العسكرية العليا مترددين في اتخاذ موقف، أخذ المبادرة كولونيل بريطاني مثير للجدل اسمه كولن ميتشيل، وشهرته «ميتش المجنون»، والذي أعاد احتلال كريتر. كان عسكريا جريئا لا يعرف الخوف، كان لابد وأن يكون في زمن مضى، يسبقه لسانه دائما. وقفت إلى جانبه في كريتر وأمامنا أربعة من العرب قتلوا للتو بالرصاص حيث قال «إن الأمر مثل صيد الطيور». وكريتر اليوم هادئة، ذهب التأثير الغربي، والنساء يرتدين الحجاب، وتنتشر المقاهي التي تقدم الشاي العربي، والبنك الذي استخدمه ميتش المجنون مقرا لقيادته وكان قناصته يطلقون الرصاص من سطحه عاد ليوزع النقود. ولم يعد للكنيسة الانجليكانية القديمة وجود، وكذلك مقر الاستجواب التابع للشرطة السرية. [c1]الحساب [/c]وبالنظر إلى الوراء نجد أن المؤسسة السياسة الدبلوماسية والعسكرية أساءت تقدير قوة القومية العربية حيث أتمت بناء قاعدة عسكرية هناك رغم الأجواء العدائية المحلية.(.........)