فن تشكيلي
د/ زينب حزاملبنى أحمد فنانة تشكيلية تمتلك الإبداع والخلق والابتكار المسلح بالوعي والإدراك، وفي 8 مارس قدمت أجمل لوحاتها في معرضها الشخصي، وذلك بمناسبة يوم المرأة العالمي، حيث قدمت تجاربها الإبداعية متحدية الصعاب والعراقيل .. يجد المشاهد لأعمال الفنانة التشكيلية لبنى أحمد مزيجا من سحر الشرق وطبيعته الجميلة واللمسات الغريبة المبدعة في معرضها الثاني الذي أقيم في عدن في دار الثقافة الألماني. وذلك المزيج مابين القديم والجديد في التراث اليمني، وقد تعلمت الفنانة التشكيلية لبنى أحمد الرسم في فترة الطفولة، ثم درست العلوم النفسية والأدبية وفنون الديكور والنحت في معهد جميل غانم للفنون الجميلة، قد امتلكت أدوات وطبائع وتقنيات غربية وجسدت بذلك شيئاَ من سحر الطبيعة الشرقية، حتى أنها في إحدى لوحاتها تبدو معجبة بقصور ألف ليلة وليلة فرسمتها بما فيها من قباب وأقواس ومآذن، إضافة إلى تقديمها الفن المعماري اليمني في العصر الإسلامي وحتى وقتنا الحاضر.لقد تنوع معرض الفنانة لبنى أحمد ليجمع بين الطبيعة والإنسان، بين القديم الكلاسيكي والحديث المتمرد، وفي كل الأحوال كان الحس الجمالي هو القاسم المشترك بين لوحاتها التي نقلت للزائر واقعية الفنانة حتى أن لوحة الفتاة الصغيرة المتمردة على الزواج المبكر - هذه القضية الراهنة التي تشغل الرأي العام اليمني اليوم - تجعل الفنانة التشكيلية لبنى أحمد من أوائل الفنانين الذين ناقشوا هذه القضية على مستوى الفن التشكيلي.أن الفنانة التشكيلية لبنى أحمد قد تمردت على التقاليد البالية ، لتظهر حماس المرأة اليمنية ونضالها من بناء اليمن الحديث الخالي من الفقر والمرض والجهل، فحاولت أن تقتص الحركة الأنثوية في أكثر لحظاتها جمالاً ومن لوحاتها المعبرة عن هموم المرأة اليمنية، الزهور النادرة في اليمن التي أظهرت مدى تأثر هذه الفنانة بالرسام العالمي سيزان، وتقول الفنانة لبنى أحمد أنها تأثرت بأعمال الفنان العالمي رامبرانت وبإبداعاته المدهشة وبالنتاج الخالد للفنان ليوناردو دافنشي، كما أنها تفضل الرسم بالأوراق الذهبية وهو ما تجلى في بعض لوحاتها.وفيما تعددت اتجاهات لوحات المعرض فإن معظمها كان واقعياً فيما أتخذ بعضها منحى رمزياً وآثرت فيه أن تمزج بين الألوان الزيتية والصورة الفوتوغرافية فنتج عن ذلك لوحات غاية في الجمال أبرزها اللوحة التي جمعت صورة فتاة على إحدى إذنيها زهرة الياسمين وعلى الأخرى حلق طويل يبرز جمال الفنانة، وتأثرها بمشاعر الأمومة في لوحة أخرى ايضاً، كما حرصت على أن تعبر عن إحساسها الفني وبداهتها في اختيار اللفظة واقتناص المشهد ايضاً في لوحة العمارة اليمنية.ويكشف المعرض عن تذوقها للموسيقى، فقد حملت بعض لوحاتها الآلات الموسيقية كآلتي العود والطبل، وبررت ذلك بقولها إن كل الفنون مرتبطة فكل منها يؤدي الى آخر.[c1]التأثير الجمالي[/c]إن اللون الذي يتذبذب كالموجة الصوتية عندها، وكذلك عناصر الزخرفة المضاءة بالقوانين والموسيقى قادرة على إيصال المكنون الإنساني التصوفي عندها، بإيحائية وشمولية كل القلوب، وهي قادرة على الوصول لجوهر القوة الداخلية المؤثرة، القابعة في العمق من الروح البشرية، وبانعكاسها ـ تهللاً وتفاعلاً ـ على الوجوه المستقلة لإبداعاتها وتصبح المكنونات الرحبة القادمة من نبض هذه الاستجابات للناس المتلقين، دافعاً قوياً لاستمرار البحث عن وسيلة يمكن لها من خلالها التمتع لحد البكاء بشعور القوة والتمكن والتفوق والتأثير الجمالي في التعامل مع الأشياء والعناصر والناس والمشاعر، وهنا يكمن سر التطور الدائم الذي أتوقع له أن يصل في تجربة لبنى أحمد حتى حدود نضج النضج.لذلك نؤكد أن تغليف الفنانة التشكيلية لبنى أحمد لمساحات كبيرة من (جدران) وجوهها وشخوصها وأشيائها بالنقوش والزخارف خلق ما يمكن أن يوصف بجو التصوف الشعبي الراقي المنعكس اصلاً عن تصوفها الروحي ملتبس المعاني الذي أشرنا إليه آنفاً حقيقة يوافق عليها أي شخص وقف أمام إبداع شعبي أو تراثي فطري ساذج غزل فيه اختراع التاريخ والتراث والسيكولوجية الشعبية.[c1]صدق الوجدان[/c]وهذا الأساس من أسس الإنتاج في المرحلة الجديدة للفنانة التشكيلية لبنى أحمد، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الثاني، وهو مبدأ الصدق، والصدق هنا، ليس هو الصدق العقلاني المتفق عليه .. لكنه نوع من الصدق الوجداني الذي يساعد على الوصول إلى لحظة الكشف، القريبة من لحظة الإبداع الحقيقي عند الفنان وصدق يسعى به إلى استجلاء مكونات دعاء اللاشعور الجماعي، واقتناص مكونات لطرحها عن صفحة اللوحة. وكلما توصل الفنان عن طريق التأمل الصادق إلى درجة أكمل من الصدق انعكس هذا على لوحتها وراحت تترجم وعيها الجديد في شكل إضافات إلى العمل القديم.وكان نتيجة التزامها بهذه الأسس أن زرع الجمهور المتذوق لفنها التشكيلي الحماس في قلبها لتقدم كل جديد ومفيد في مجال الفن التشكيلي، فتضاعف سعادتها بذلك وتحقق رؤيتها في عالم فن الزخرفة والرسوم.وهكذا نجحت الفنانة التشكيلية لبنى أحمد في تقديم فن أصيل صادق يستجيب له الجمهور