صباح الخير
الأول من مايو من كل عام، يوم عيد حقيقي ليس فقط للعمال والفلاحين والمثقفين المبدعين، بل للعلماء المخترعين والمبتكرين، والمفكرين الأفذاذ وغيرهم، أي لكل فئات الشعب الفاعلة والمنتجة وبدلاً من شعار "يا عمال أتحدوا" صار الشعار الأوسع اليوم "يا شعوب العالم أتحدوا" لمواجهة المجاعة والبطالة والفقر وسوء التغذية وعدم استمرار الأوضاع التي يجري فيها ابتزاز قيمة عمل الآخرين واستغلال قوة عملهم، لصالح حفنة من البشر.إن عصرنا هذا هو عصر الشعوب، والشعوب بدأت بالفعل تدير شؤونها بنفسها، وتقرر مصيرها بملء إرادتها، وترفض احتكار الثروات على حساب غالبية الشعب صانع تلك الثروات، وصانع كل الحضارات والثقافات، وهي قضية كل البشر باختلاف لغاتهم وأديانهم وأوطانهم وقومياتهم وأعراقهم وأيديولوجياتهم التي لم تعد تفرق بينهم، هذه هي قضية الإنسان المعاصر، سفي كل مكان من العالم، وهي القضية الأساسية والرئيسية، وما عداها شيء جانبي وثانوي، لا ينبغي الانشغال كثيراً به.إن مهمة الشعوب الملحة اليوم القضاء على مصانع الأسلحة ووقف سباق التسلح التدميري، بدءاً من أكبر الترسانات المسلحة الأمريكية والبريطانية ومن لف لفها، والتي باتت تهدد استقرار العالم عبر قواعدها المنتشرة على الأرض وبقية الكواكب الأخرى كما يدعون، لضمان التطور السلمي المتوازن في حياة البشر والتكامل في اقتصادياتها بعيداً عن الهيمنة والسيطرة والطغيان على الآخرين، وبعيداً عن الوصاية والإملاء وفرض الأمر الواقع بقوة التخريب والتدمير كما هو حاصل اليوم في فلسطين والعراق وأفغانستان.لم يعد عالمنا يستجيب لحرب عالمية ثالثة ورابعة، ومواجهات جزء من العالم بجزء آخر لم يعد هذا من معطيات اليوم، وثورة الشعوب مجتمعة على جلاديها ستأخذ أشكالاً وطرقاً ووسائل مختلفة لانتزاع الحقوق والحريات وفرض التحولات الديمقراطية بمعناها الشامل سلمياً وقوة الشعوب أقوى من كل العصابات والمافيات مهما كانت قوة قمعها وتدميرها للشعوب، فزمن الاستعباد والقهر آيل للزوال، وتزداد الشعوب وعياً وفاعلية، مهما كانت الضغوط الاشقتصادية والاجتماعية عليها ومهما بلغت درجة الإفقار والتجويع.ووسائل الاتصالات الحديثة، كفيلة بتقوية الروابط الإنسانية بين الشعوب، وستجعل التعاون والمساعدة المتبادلة بينها أقوى من أي وقت مضى وستتعزز روح التكافل والتضامن الإنساني بين كل شعوب الأرض، توحدهم أهدافهم ومصالحهم وحاجاتهم المشتركة في حياة أكثر سعادة وكرامة ليعيش الجميع بأمن وأمان وسلام أبدي، لا ينقصهم أي نوع من أنواع التعصبات الوهمية سواء كانت عقائدية أو أيديولوجية أو عرقية أو قبلية أو قطرية أو لغوية، فما يوحد الناس أو يفرقهم، هو أهدافهم ومصالحهم وحاجاتهم المشتركة فقط.وعالمنا صار عالماً بلا حدود، ويعيش البشر وكأنهم في مدينة مفتوحة واحدة، وكاد ينتهي زمن العنصرية ولن نفرط في ما تم إنجازه حتى الآن، ولكن بالإرادة والعزيمة والإصرار يمكن في قادم الأيام أن تنجز كثيراً من المهام التي من شأنها أن تخلص البشرية من آلامها وأحزانها من جراء التجويع والحروب التدميرية، والنزاعات المفتعلة بين بني البشر.وعلى الشعوب أن تتوحد وتقطع الطريق أمام من يريد تمزيقهم وتفتيتهم ليسهل ابتلاعهم مجزئين وكأفراد الواحد تلو الآخر ودولة تلو أخرى!!