د/ داليا عقيل العبادي عدن المدينة الساحرة على ضفاف بحارها الهائجة عانت ومازالت تعاني جبالها من القضم والبناء العشوائي فالعين لم تعد تجرؤ على النظر الى أعلى فلقد احتلت الجبال بالعشوائية وسدت البحار بالمباني فهذه القرى المعلقة في أهم وأجمل المناطق في عدن هي كارثة ومصيبة على مدينة عدن.. العشوائيون اقتحموا جبال عدن بعشوائيتهم وبفوضويتهم لينقلوا ريفهم وبداوتهم لسفوح جبال عدن العظيمة ناقلين تخلفهم وبداوتهم بشكل قهري ومتسلط ليصبح واقعاً لابد أن نتقبله بحجة أنه لا مأوى لهم إلا تلك السفوح من جبال عدن وبأنهم صرفوا مبالغ في بناء منازلهم. والحقيقة، هم فعلاً صرفوا مبالغ ولكن مبالغ لتشويه مدينة عدن وطعنها في صميم تمدنها ولجعلها قرية كبيرة بل مجموعة قرى متناثرة بشكل مؤذ فبدلاً من تزيين جبال عدن بالخضرة بما يتناسب وطبيعة عدن واستغلال تلك الجبال لتكون هناك استراحات ومتنفسات للعامة وشق الطرق في جبالها لتضفي روعة وجمالاً على مدينة عدن التي شوهت بالعشوائية بما يتناسب وخلقيتهم الهمجية ليصبح سرطاناً قاتلاً لمدنية عدن لابد أن يبتر فكيف يعقل أن مدينة يأمل منها أن تساهم برفع اقتصاد اليمن اكتسحت جبالها مجموعة من المتطفلين على حساب بلد بأكمله فلا حل لهذه المعضلة إلا أن تهدم تلك العشش الاسمنتية فمن غير المعقول أن نتقبل أن مدن العالم تتنافس بالحداثة ونحن نتنافس بالبداوة فطالما تلك القرى في جبال عدن قائمة ستظل هذه الجريمة قائمة وستبقى هذه القرى خزيا في وجه عدن ما لم تستأصل من جذورها فلا مسكنات للسرطان الذي يزداد يوماً بعد يوم لأن هؤلاء العشوائيين لابد أن يكون لهم أخوان وأشباه لهم سيحذون حذوهم ما لم تهدم تلك البيوت التي تطل على أجمل مناظر عدن حيث شواطئ عدن تصبح شيئاً فشيئاً من ملامح الماضي لنجد أنفسنا في نهاية المطاف في مدينة صحراوية تطل على مبان وعشش اسمنتية من كل حدب وصوب لتغلق أمام أعيننا كل منظر جميل لمدينة عدن أو كل فسحة تمكننا من رؤية الشاطئ فهذه سابقة لاتحدث إلا في أرض السعيدة وفي البلدان المشابهة لها فالعادة تقضي أن الشارع يتوسط البحر والبناء بحيث يكون في مقدور الجميع رؤية البحر والتمتع كذلك برؤية المباني المطلة على البحار أما أن يستأثر رب المبنى هو وحده برؤية البحر فهذه جريمة أخرى تضاف إلى جريمته الأولى في الاستحواذ على أرض ليست ملكاً له وأملنا في الأخ المحافظ محمد الكحلاني كل خير بأن يقف بقوة من أجل وضع حلول ناجعة فعدن ماهي إلا بحار وجبال فإن ضاعت جبال عدن وبحارها ضاع جمال عدن وبهاؤها.
العشوائية في جبال عدن
أخبار متعلقة