بغداد / 14 أكتوبر / رويترز:تخيم أجواء الخراب بين واجهات المباني المحترقة بشارع الرشيد أقدم الشوارع التجارية في العاصمة العراقية بغداد حيث تتناثر أكوام القمامة والأنقاض.. ربما تراجعت أعمال العنف مقارنة بالأيام الحالكة للعنف الطائفي قبل عامين، وقد تحمل مجموعة من صفقات تطوير حقول النفط أبرمت بالفعل وجولة عطاءات لحقول غاز تجري هذا الأسبوع وعدا بالرخاء.. ولكن حياة العراقيين خلف جدران منازلهم المتداعية ما تزال معركة يومية.وبعد أعوام من الحرب والإهمال ما تزال المياه النظيفة والكهرباء أمرا نادر الوجود وغالبا ما تطفح شبكة الصرف الصحي لتغمر المياه الشوارع كما أن إمكانية الوصول لرعاية صحية جيدة محدودة. وأجج فشل قادة العراق في تشكيل حكومة جديدة رغم مرور سبعة أشهر على الانتخابات حالة من السخط العام في وقت ينتظر فيه كثيرون أن تقلل السلطات من تركيزها على الأمن وتهتم أكثر بالخدمات الأساسية. وذكر شهاب احمد خماس الذي يدير متجر حياكة بشارع الرشيد المزدحم أن الأهالي بدءوا يفقدون صبرهم. وقال “الحكومة منهمكة للغاية بأمور أخرى. انهارت بعض المباني بسبب الإهمال.” وأضاف وهو يتحسس بيده أكواما من الأقمشة الانجليزية داخل محله الصغير في قلب الحي التجاري الذي كان يوما حيا راقيا أن المياه الجوفية ما زالت تغمر قبو المبنى. وتابع انه لم يجر تجديد معظم مواسير الصرف الصحي في المنطقة التي تشتهر بمبانيها العالية منذ عام 1982. ومثل معظم الناس انحي باللائمة على الفساد. وقال خماس “حين يجني بلد عائدات نفط ضخمة ينبغي أن تكون للبنية التحتية أولوية ولكن...هذا لم يحدث. إنهم مشغولون بسرقة المال”. وأنفقت الولايات المتحدة 54 مليار دولار على جهود الإغاثة وإعادة البناء منذ الغزو عام 2003 . كما أنفقت هي والحكومة العراقية مليارات الدولارات الأخرى من أموال العراق ولكن المواطن العادي لم يشعر بأي تحسن يذكر. وتقول الحكومة العراقية التي تأتي اغلب ميزانيتها البالغة 72 مليار دولار من عائدات النفط أنها ملتزمة بتحسين الخدمات الأساسية ولكن التقدم بطيء جدا. ومن ناحيتها تقول الأمم المتحدة إن 83 في المائة من مياه الصرف الصحي تضخ دون معالجة في القنوات المائية بينما تقدر الحكومة العراقية أن ربع العراقيين لا تصلهم مياه نظيفة. ولم تخضع محطات معالجة مياه الصرف أو شبكاته لأي أعمال تطوير منذ 15 عاما. ولا تجمع القمامة بانتظام. وفي ميناء البصرة لتصدير النفط بجنوب البلاد تغمر مياه الصرف الصحي الشوارع خلال فصل الشتاء المطير. وقالت جالا رياني محللة الشرق الأوسط من شركة أي.اتش.اس جلوبل اينسايت للاستشارات “طالما لا يرى المواطن أن الحكومة تبذل جهدا أكبر للتعامل مع أوجه النقص الحالية ستظل حالة عدم الرضا تتصاعد. “رغم حصول العراق على تمويل كبير من الخارج فان المسؤولية ستقع في المستقبل على الحكومة العراقية ذاتها لتمويل إعادة البناء.” وأجج ضعف الخدمات العامة الإحباط من الساسة الذين ما زالوا يساومون بعضهم البعض لتشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات مارس آذار الماضي التي لم تسفر عن فائز واضح. وفي الصيف اندلعت احتجاجات بسبب انقطاع الكهرباء وهو مؤشر مثير للقلق فيما يكابد العراقيون لاستعادة حياتهم الطبيعية. وتعني المحادثات الدائرة منذ فترة طويلة لتشكيل حكومة جديدة أن العراقيين قد ينتظرون طويلا قبل أن يروا أي تحسن. وبعد تراخي الإدارة المالية إبان حكم الإدارة الأمريكية التي أدارت شؤون العراق عقب الغزو والفساد جزء من المشكلة. ودافع حكيم عبد الزهرة المتحدث باسم أمانة بغداد عن جهود المدينة وقال إنها تعمل بأقصى سرعة ممكنة في ظل الظروف الأمنية الصعبة. وأضاف “أنها خطط إستراتيجية لا يمكن تنفيذها في عام. لم يتأجل أي مشروع هذا العام.” وأحد الخطط الطموحة تجميل بغداد قبل القمة العربية التي تعقد في عام 2011 وهي أول حدث هام يستضيفه العراق منذ الغزو. ويشمل المشروع ترميم ستة فنادق كبرى والمناطق المتداعية في المدينة التي تحاصرها جدران إسمنتية لحمايتها من التفجيرات. ويأمل العراق أن يسهم تراجع أعمال العنف في تدفق استثمارات تساعد في إعادة البناء وحتى الآن قادت شركات النفط الركب بينما اتسم الاستثمار في القطاعات الأخرى بالبطء. وأشار باسم جميل انطون رئيس مجلس إدارة فندق بابل تحت التشييد إلى أن المحادثات مع سلسلة فنادق غربية كبرى انهارت هذا العام بعد هجوم على فندقه في يناير كانون الثاني الماضي أسفر عن إصابته. وأضاف مشيرا إلى ندبة في وجهه “نبحث عن مستثمرين. دمر هجوم يناير تلك الخطط.” وتابع وهو يمشي داخل بهو الفندق الواقع على نهر دجلة “إنها بلدي وأنا جزء منها. إصرارنا على القيام بهذا العمل جزء من ارتباطنا بوطننا.”