الرياض / متابعات:شهد الاقتصاد السعودي خلال الثلاثة عقود الماضية تحولاً كبيراً في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية. وقد ساهم في ذلك بشكل أساسي قيام الدولة ضمن إطار خطط التنمية، باستثمارات واسعة النطاق لإرساء التجهيزات والبني الأساسية المادية والاجتماعية والمرافق الصناعية شملت إنشاء شبكة واسعة من الطرق والجسور والسدود والمطارات والموانئ والأرصفة البحرية ومرافق الكهرباء والتحلية ونظم الاتصالات. كما تم إنفاق مبالغ كبيرة على برامج التعليم والتدريب والصحة بما في ذلك إنشاء المدارس والكليات والجامعات وكذلك المستشفيات العامة والتخصصية للقطاعين المدني والعسكري. وفي القطاع الصناعي، استثمرت الدولة موارد كبيرة في إنشاء المدن الصناعية في المدن الرئيسية وكذلك المدينتين الصناعيتين الكبيرتين في الجبيل وينبع المزودتين بمرافق متطورة لاحتواء الصناعات الثقيلة مثل الصناعات البتروكيماوية الأساسية وصناعة الحديد والصلب ومصافي النفط العملاقة التي أنشأتها الدولة بمشاركة عدد من الشركات العالمية، والقطاع الخاص. كما تم تمديد شبكة أنابيب ضخمة شرق المملكة ووسطها ومن الشرق إلى الغرب لنقل النفط الخام والغاز لتزويد مصافي النفط ومصانع البتروكيماويات بالجبيل وينبع باحتياجاتها من النفط والغاز وكذلك محطات التصدير بالمدينتين لتصدير النفط الخام والغاز ومشتقاتهما. ووفرت الدولة، أيضاً، قروضاً ومنحاً كبيرة لدعم الصناعات التحويلية والمشروعات الزراعية ومشروعات الإسكان للمواطنين.وقد حققت جهود التنمية تغيرات ملحوظة في هيكل الاقتصاد السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية تمثلت في الآتي:- سجل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 1414/1415هـ (1994م) معدل نمو سنوي يقدر بنحو 4.7 % في المتوسط خلال الفترة (2000-1970).- حقق القطاع النفطي معدل نمو سنوي يقارب 4.1 % في المتوسط خلال الفترة غير أن متوسط نصيبه في الناتج المحلي الإجمالي أنخفض إلى ما بين 29.0 إلى 32.0 % خلال سنوات الخطة السادسة مقابل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي (55.5 %) خلال خطة التنمية الأولى، نتيجة لتوسع وتنوع النشاط الاقتصادي غير المرتبط مباشرة بالقطاع النفطي.- حقق القطاع غير النفطي معدل نمو سنوي أعلى يقدر بنحو 5.8 % في المتوسط وارتفع متوسط نصيبه في الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 45 % خلال الخطة الأولى إلى حوالي 68 % خلال الخطة السادسة.- سجل القطاع الخاص معدل نمو سنوي يقارب 6% في المتوسط وارتفع متوسط نصيبه في الناتج المحلي غير النفطي إلى حوالي 73% في حين بلغ متوسط نصيب القطاع الحكومي حوالي 27%.- ارتفع متوسط دخل الفرد السعودي السنوي (نصيبه في الناتج المحلي الإجمالي) خلال الفترة بنحو ستة أمثال ونصف من حوالي 3750 ريالاً إلى حوالي 24150 ريالاً.- ارتفع تقدير حجم العمالة السعودية من نحو 1.2 مليون شخص عام 1969م إلى نحو 3.2 ملايين شخص عام 1999م، بمعدل نمو سنوي يقارب 3.3 % في المتوسط.- ارتفعت أعداد العمالة الأجنبية من حوالي 0.5 مليون عام 1975م إلى حوالي 4.0 مليون عام 1999م، ممثلة حوالي 55.5 % من إجمالي القوى العاملة.- زاد عدد الملتحقين بالمؤسسات التعليمية من نحو 0.6 مليون طالب وطالبة عام 1969م إلى حوالي 4.7 مليون طالب وطالبة عام 1999م بمعدل نمو سنوي مقداره 7% في المتوسط.فقد تأثر أداء الاقتصاد السعودي خلال عام 2001م بالتراجع في أسعار النفط عندما تباطأ معدل النمو الاقتصاد العالمي وخاصة في البلدان الصناعية، مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط وانخفاض أسعاره بنسبة 14.0 في المئة. فقد تراجع متوسط سعر النفط العربي الخفيف إلى حوالي 23.1 دولاراً للبرميل مقارنة بنحو 26.8 دولاراً للبرميل في عام 2000م*، وانخفضت قيمة الصادرات النفطية بنسبة 8.8 في المئة، مما انعكس سلباً على وضع الميزانية العامة في المملكة التي سجلت عجزاً يقدر بنحو 27 مليار ريال. وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط والكميات المنتجة منه في عام 2001م إلا أن الاقتصاد السعودي سجل تطورات إيجابية بارزة تمثلت في محافظته على معدل تضخم منخفض واستمرار النمو المرتفع للقطاع الخاص غير النفطي، وزيادة الكفاءة في أداء القطاع المصرفي وفقاً للمعايير الدولية، وتواصل الإصلاحات الهيكلية، والتنظيمية، وتعزيز دور التخصيص.
مدينة الرياض السعودية
أما خلال العام 1423/1422هـ(2002م) فقد واصل الاقتصاد السعودي تحقيق معدلات نمو ملحوظة، وسجل الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو إيجابي، وسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضاً للعام الرابع على التوالي، واتسم وضع الأسعار بالاستقرار بشكل ملحوظ، وسجل عرض النقود نمواً مرتفعاً واكبه معدل نمو مرتفع في الناتج المحلي الاجمالي للقطاع الخاص غير النفطي، وحقق النظام المصرفي تقدماً مطرداً محافظاً على معدلات كفاءة حسب المعايير الدولية، واستمرت عملية التخصيص والهيكلة الاقتصادية لجوانب عديدة من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.وتشير البيانات الأولية لمصلحة الإحصاءات العامة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي "بالأسعار الجارية" في عام 2002م قد سجل نمواً نسبته 2.8% ليبلغ 705.8 بلايين ريال (188.2 بليون دولار)،كما سجل الناتج المحلي للقطاع غير النفطي نمواً نسبته 3.1% ليبلغ 436.7 بليون ريال (116.5 بليون دولار) ومشكلاً نسبة62.5% من إجمالي الناتج المحلي، وقد ارتفع معدل نمو ناتج القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 4% ليبلغ 286.1 بليون ريال (76.3 بليون دولار)، في حين ارتفع ناتج القطاع الحكومي غير النفطي بنسبة 1.4% ليبلغ 150.6 بليون ريال (40.2 بليون دولار) ، أما ناتج القطاع النفطي فقد ارتفع بنسبة 2.5% في عام 2002م مقارنة بإنخفاض نسبته 11.6% في عام 2001م.ومن جهة أخرى تشير مؤشرات النظام المصرفي في المملكة إلى متانته وقوة أداءه، حيث لا يزال يسجل أعلى معدلات الأداء وفقاً للمعايير الدولية، كذلك زادت المصارف من إدخال التقنية المصرفية في أعمالها فارتفع عدد أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع وإصدار البطاقات، مما رسخ الوعي المصرفي لدى الجمهور وساهم في انخفاض النقد المتداول خارج المصارف إلى أدنى مستوى له حتى بلغ 13.8 % من إجمالي عرض النقود. وشهد عام 2002م انخفاض أسعار الفائدة على الودائع بالعملة المحلية لمدة 3 أشهر وبلغت أدنى مستوى لها لتبلغ 2.23 %.ومن أهم الإجراءات والقرارات التي كان لها دور في إستمرار تعزيز الثقة في الإقتصاد الوطني ما يلي :- صدور التصنيف الإئتماني للمملكة حيث حصلت على درجة (A) بالنسبة للعملة المحلية ودرجة (A) بالنسبة للعملة الأجنبية من وكالة ستاندرد آند بورز (S&P). وتعد نتائج هذا التصنيف ممتازة في ظل الأوضاع الإقتصادية الدولية والأمنية، مما يعكس مدى الثقة في متانة الإقتصاد السعودي ، وستعزز هذه النتائج ، بإذن الله، المكانة الاقتصادية للمملكة خصوصاً أنه أول تصنيف تحصل عليه من واحدة من أكبر مؤسسات التصنيف الدولية. وقد أرجعت شركة ستاندرد آند بورز أسباب منحها هذه الدرجة المتقدمة من التصنيف إلى الاستقرار الإقتصادي الكلي (المالي والنقدي) على الرغم من التذبذب الكبير في أسعار البترول والنزاعات الإقليمية، إضافة لإستقرار أسعار الصرف، وإنخفاض معدل التضخم، ووجود قطاع مصرفي قوي، والجهود الطموحة لدعم الإنفتاح الإقتصادي وجهود القطاع الخاص.- تم في بداية هذا العام تطبيق الإتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي يعتبر مرحلة مهمة من مراحل التكامل الإقتصادي وسيتم خلال الفترة القادمة استكمال إجراءات أخرى تعزز هذا التكامل.- في مجال الإستثمار الأجنبي في قطاع الغاز تم مؤخراً توقيع إتفاقية بين كل من شركة شل الهولندية وشركة توتال الفرنسية وشركة أرامكو السعودية للتنقيب عن الغاز غير المصاحب وتطويره وإنتاجه في منطقة جنوب الربع الخالي، كما تم طرح مناطق أخرى للإستثمار ستظهر نتائجها قريباً.- ومن أبرز التطورات في مجال مساهمة القطاع الخاص في الإستثمار في البنية الأساسية ما توصلت إليه شركة أرامكو السعودية مع مستثمرين من القطاع الخاص لإنتاج المياه لمعاملها في رابغ وإقامة أربع محطات لإنتاج الكهرباء والبخار بطاقة كهربائية إجمالية تبلغ (1050) ميجاوات لإستخدامات الشركة وفقاً لأسلوب البناء والتملك والتشغيل والتحويل (BOOT) .- طَرح 30 % من أسهم شركة الإتصالات السعودية للإكتتاب، وكان الإقبال كبيراً على الإكتتاب حيث بلغت التغطية ما يقارب أربع أضعاف، وكان لذلك أثرٌّ إيجابيٌّ على نشاط وحجم التداول في سوق الأسهم. وقد بلغ المؤشر العام للأسهم بنهاية يوم 10/17/ 1424هـ الموافق 12/11 /2003م (4384) نقطة مقابل (2518) نقطة في بداية السنة المالية 1423/1424 (2003م) بنسبة زيادة بلغت 74 % ، كما بلغت قيمة الأسهم المتداولة في نهاية الشهر الحادي عشر من العام الحالي 537 بليون ريال مقارنة بــ 134 بليون ريال لكامل العام الماضي.- تم خلال عامي 2002م ، 2003م الموافقة على العديد من الأنظمة التي من شأنها تعزيز البيئة الإستثمارية من أهمها نظام السوق المالية، ونظام ضريبة إستثمار الغاز الطبيعي، ونظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، ونظام تبادل المنافع بين نظامي التقاعد والتأمينات الإجتماعية ، ونظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. وينتظر أن يُقر قريباً نظام الضريبة على المستثمرين الأجانب والذي سيكون له ــ بإذن الله ــ تأثير إيجابي في جذب الإستثمار .ويوضح جدول المؤشرات الاقتصادية المختارة عدداً من المؤشرات التي تلخص التطورات التي شهدتها بعض المتغيرات في الاقتصاد السعودي في عام 2002م بالمقارنة مع عام 2001م، والتي منها: ارتفاع عدد السكان بنسبة 3 %، وارتفاع حجم قوة العمل بنسبة 1.37 %، وإرتفاع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 2.86 % وبالأسعار الثابتة لعام 1999 بنسبة 1.03 %، وارتفاع عرض النقود بنسبة 15.2 %، والارتفاع في قيم كل من الصادرات السلعية والواردات، والارتفاع في مؤشر أسعار الأسهم المحلية.