لا شيء أسوأ من التحريض إلا تلفيق التهم ، أي الكذب على القارئ الذي لم ير الحدث ، وعادة ما يقوم بهذا أفراد يقدمون أنفسهم على أنهم مناضلون من أجل الحفاظ على الأخلاق ، كما فعل الحزب اليميني المتطرف ضد الرئيس السابق لأمريكيا "كلينتون" ، حين لفقت عليه التهم اللاأخلاقية من أجل حماية الأخلاق .كتب أحد الدكاترة مقالا يروي ما حدث في معرض الكتاب بالرياض من تجاوزات ، وعن الكتب التي عرضت للبيع ، والتي ستدمر أخلاقنا وبراءتنا وعقيدتنا ، لِما حملته من كفر كما يقول : "وأنا أمر أمام أرفف بعض المكتبات المروجة للفكر اللاديني اللعين ، والإباحية الليبرالية القذرة" .لست أدري لماذا يعتقد الدكتور والبعض معه أن الإسلام يمكن ابتلاعه من قبل أي إيديلوجيا أو من قبل مجموعة قواعد يرى البعض أنها تساعد على حياة أفضل ، والتي يسمونها "ليبرالية" ؟الإسلام أكبر من أن تحتويه أي إيديلوجيا ، وليس ضعيفا للدرجة التي يحاول الدكتور إيهامنا بها ، فالإسلام عبر التاريخ كان دائما قادرا على احتواء أي فكر وهضمه ، إن لم أقل ابتلاعه .أحيانا يُهيأ لي أن الدكتور وبعضا ممن يفكرون على طريقته لديهم اعتقاد أن الإنسان السعودي ، ساذج وبليد ولا يستطيع الفهم ، ويحتاج لمن يرعاه كي لا يضل .ترى متى سيكف الدكتور والبعض معه عن ممارسة الوصاية على الإنسان السعودي ، وتقديمه على أنه ساذج وبليد ولا يستطيع الفهم ، وأنه يحتاج دائما لراعٍ يرعى فكره ؟ألم ير الدكتور ما الذي فعلته الوصاية بالأفراد ، وكيف هم تخلوا عن مسؤولياتهم لأن هناك من يفكر نيابة عنهم ، ويحدد لهم ما الذي يفيدهم وما الذي يضرهم ؟ثم ألا يكفي أنهم صنعوا مجتمعا متناقضا ومنقسما على نفسه ، فئة كفرت بالحياة وراحت تدمر وتهدد المجتمعات والآمنين بحثا عن الجنة على جثث الأبرياء ، فيما الفئة الأخرى من المجتمع كفروا بكل شيء ، وراحوا يقلدون الغرب بالأمور التافهة والبليدة ، فيرتدون ملابسهم ظنا منهم أنهم وبهذه الطريقة ستتطور العقول ، فيما العقل يتطور بالمعرفة .هذه المعرفة التي يريد الدكتور مصادرتها ، أو يريدنا أن نستقي المعرفة من خلاله هو ليتحكم بعقولنا .فيخبرنا أن الليبرالية ضد الإسلام ، فنصدقه ، ولن نعرف أن الليبرالية لا دخل لها بالدين ، فهي مجموعة من المبادئ متمثلة في : "الفرد على أنه أهم من أي جماعة ـ الحرية على ألا يساء للآخر ـ العقل أو العقلانية مرجع نهائي للإنسان ـ العدالة وهي قائمة على المساواة بين الجميع ـ التسامح مع الآخر أو التعددية" .ما يثير الحنق ، ذاك التأليب الذي مارسه الدكتور حين قال : "في هذا المعرض كتب تنتقد حكومتنا بلغة المعارض للشريعة ، وتشوه تاريخ دولتنا بلغة الخائن والحاقد" .وبعد أن مارس التأليب على الوزير ، راح يعطي مبررا للفكر التكفيري بأن يعمل ما يريد حين قال : "إن رفع الرقابة الذي رأيناه رأي العين في معرض الكتاب ، قد أوجد للفكر التكفيري ـ الذي لازلنا نعاني من آثاره السيئة على أمتنا ، وسمعة ديننا ، وصحة نهجنا الوسطي ـ ذرائع جديدة لوصم مؤسساتنا بالتكفير ، وهو أمر في غاية الخطورة" .هكذا وبسهولة أصبحت المعرفة هي المبرر ليقوم التكفيريون بضربنا من جديد ، والدكتور يقدم لهم الأعذار ، وكأننا نستحق هذا لأننا قررنا أن نقرأ ، وألا نصبح ببغاءات نردد خلف الدكتور : آمين .أحيانا أتساءل : متى أصبحت المعرفة حراما ومضرة للمجتمع ؟مع أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ومنذ 14 قرنا قال لنا : "أطلبوا العلم ولو بالصين" .[c1]* نقلا عن صحيفة (شمس) السعودية[/c]
متى أصبحت المعرفة حراما ؟
أخبار متعلقة