[c1]مجتمعنا يعاني خواءً فكرياً وثقافياً[/c]لا يختلف اثنان على أننا - اليمنيين والعرب عموماً ـ مجتمعات استهلاكية وسطحية في كثير من حيثيات الحياة باستثناء النخبة المثقفة التي تجاوزت هذه المساحة بحكم موقعها في دوائر العلم والمعرفة، وأفقها السياسي والاجتماعي، وتأثيرها الدائم والمستمر بالخطوط العريضة لحركة التطور الحضاري والإنساني في العالم، وتفاصيل أبعادها الدقيقة والمحورية وإن كانت هذه النخبة هي الأخرى تعيش حالة (تكلس) وتقوقع رهيبة جعلتها بعيدة كلياً عن المسرح الاجتماعي لتكون سبباً رئيسياً ومباشراً في هذا الخواء الفكري والثقافي الذي يعاني منه المجتمع، ذلك أنها أوجدت لنفسها وبشكل غريب مجتمعاً خاصاً بها داخل المجتمع، وأفرطت في هذا الاغتراب غير المبرر.ولكن يبقى الأمل معقوداً ببعض فرسان النخبة المثقفة الذين يسهمون في حركة تطور المجتمع ونمائه الحضاري بشكل إنساني خلاق وعظيم، مؤكدين من خلال هذه الإسهامات أنهم فعلاً قادة فكر المجتمع وبوابة نمائه وتطوره وازدهاره وبنائه الحضاري ولهؤلاء ننحني ونثمن هذا التوهج الإنساني الخلاق منهم، وهذه الجهود الفكرية والإبداعية التي تسهم بشكل أو بآخر في تنمية وعي الجماهير وتنقيته من شوائب العولمة وحركات التصادم العنيف بين مكونات ثقافتنا بأبعادها وخصوصيتها والثقافة الغربية التي تحاول اختراقنا وفرض هيمنتها ولغتها علينا، وتعميم ألوان موروثاتها وثقافتها على حساب مكونات تاريخنا الحضاري وموروثنا الإنساني ودورنا في حركة تطور الإنسانية.لا يمكن أن نخرج من مساحة الخواء الفكري والثقافي التي وصلت إلى حد الثمالة وبهذا الشكل المخيف الا إذا تم تفعيل وتحريك الآليات الطبيعية والمفاعيل العصرية التي تعتمد عليها معظم الشعوب والأمم للتواصل مع معاني التطور وأدوات البناء الفكري والثقافي وخيوط نسيجها الإبداعي ويتمثل ذلك في الآتي:- فتح دور للمسرح ودور للعرض السينمائي في كل مديرية، على الأقل في المدن الرئيسية. وهو نصف الطريق في تنمية وعي الجماهير ورسم ابتسامة على وجه المجتمع.- فتح مكتبة وطنية في كل مديرية على الأقل لدفع الشباب والناس عموماً إلى القراءة والإتصال بأدوات العلم والمعرفة لترسيخ البنية الثقافية والمعرفية الإبداعية للمجتمع، والانطلاق نحو آفاق الإلهام والابتكار والتجديد الفكرية والحسية المرتبطة بحركة تطور الإنسانية وعلى كافة الأصعدة والمحاور.- الاهتمام بأوضاع التربية والتعليم لأنه المدخل الأساسي لأي تطور أو تقدم الذي يؤدي إلى إحداث تغيير حقيقي، ووثبه فاعلة في الارتقاء بهذا المحور الأساسي لعملية تطور المجتمع.- الاهتمام بالمسرح المدرسي والإذاعة المدرسية ومسرح الطفل والوسيلة الحائطية وكل أشكال التعليم، وصقل مواهب المبدعين الناشئين كأداة رئيسية لحركة التطور المجتمعي في ما بعد.- غرس مفاهيم وأدبيات الوسطية الدينية بآفاقها السمحة كمحور أساسي في تشكل (الشخصية الوطنية المعتزلة).- دعم الفنانين والمثقفين والمرتبطين بحركة الإبداع وتذليل الصعوبات التي تعترضهم لتحويل أفكارهم إلى أعمال على ارض الواقع وتعاونهم في تنمية وعي المجتمع وتقنيته من شوائب الجهل وآلياته الرجعية.خلق فرص تشجيعية للاستثمار في المجالين الفني والإبداعي، وتبادل الأفكار مع الشعوب المتطورة لإحداث التغيير الذي نرجوه بالدخول إلى مساحات ثقافية جديدة ومتجددة ترسم نهضة جديدة وحقيقية في حياة الإنسان اليمني المعاصر الذي أنهكته الأفكار المتخلفة والمعقدة (المخيطة بصميل)، لترسم هذا المشهد الضبابي الذي يدمي القلب حقاً، ويزرع الحسرة في كل ركن وزاوية، في القلب والعقل والوجدان.إشراك المرأة المبدعة في الجوانب الإبداعية والتنموية كافة، حتى تتمكن من ممارسة دورها الطبيعي المحوري في عملية تطوير المجتمع. وهو حق من حقوقها الروحية والإنسانية ولأن تلقي قصيدة أو تغني أغنية جميلة أفضل لها من أن تموت كمداً وقهراً وحرماناً أو تنحرف لا سمح الله لأن المجتمع أراد منها كل شيء وحرم عليها كل شيء ولم يحترم مشاعرها وأحاسيسها وخفقات قلبها المتوثبة في مساحات إبداع.- الاهتمام بتدريس مادتي الموسيقى والرسم في المدارس وخاصة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، لما لهذا من تأثير كبير، وكبير جداً في صياغة القيم الجمالية وتهذيب وتنمية المشاعر الإنسانية الطبيعية، ونبذ أفكار العنف والتطرف والغلو والتزمت المقيتة التي أعادتنا عشرات الأعوام إلى الوراء فالموسيقى والرسم والفنون الجميلة عموماً تلعب دوراً كبيراً في تنقية القلب والروح من أفكار العصور السحيقة برؤاها المظلمة، وتسهم بشكل كبير في خلق (الشخصية الوطنية المعتدلة) وهي غايتنا وهدفنا الأساسي كاتجاهات مسؤولة.- الاهتمام بالشباب، لكونهم المستهدفين اساساً في عملية تنمية وعي الجماهير وتطوير المجتمع وبنائه بناءً سليماً يخرجه من دائرة الخواء الفكري والإبداعي ويضعه على قمة الارتقاء الإنساني الحضاري بآفاقه العصري .- دعم المنتديات والمراكز الثقافية وترسيخ آلياتها لإخراجها من مساحات (التكلس)، وإحياء دورها الوطني والإنساني الأساسي في الارتقاء بالمجتمع ثقافياً وفكريا ً وتنموياً وما يسهم في نضوجه نضوجاً متكاملاً.- ضرورة اهتمام وسائل الإعلام المختلفة رسمية وأهلية بالمسابقات الثقافية والفكرية والعلمية، وتحريك وتنشيط عقول وأذهان الناس وتفعيل هذا الجانب تفعيلاً حقيقياً باعتباره مدخلاً أساسياً لقيادة العملية التنويرية والتثقيفية في المجتمع.محاربة الفساد والفقر والجهل والإرهاب لأنها عوامل أساسية في إيقاف عجلة التطور الثقافي والفكري الإنساني المعاصر، وهي بحق السبب الرئيسي والمباشر في هذا الخواء الثقافي والفكري والإبداعي ولابد أن نتحمل جميعنا مسؤولياتنا للقضاء على هذه الآفة التي أحرقت أفكارنا ومزقت قلوبنا وعقولنا وجعلتنا كمن يحرث في البحر.- تكريم المثقفين والمبدعين لترتفع وتيرة العمل الإبداعي وتتسع دائرة العطاء الثقافي بوهجه الإنساني المنير.ضرورة اهتمام المثقفين والمبدعين بالعمل النقابي كبوابة رئيسية لتفعيل الأنشطة الثقافية والفكرية.[c1]رسائلنا في الحياة[/c]كل واحد منا لديه رسالة معينة في الحياة ينبغي أن يكافح بشرف ونزاهة لغرسها في أعماق المجتمع لتستمر مسيرة حياة الناس في إطار متوازن وشفاف يرتقي بقيم القوانين السماوية والوضعية، ويرسخها في حياة الناس، لينعموا من خلالها بالعدل والمساواة والتعايش الإنساني الخلاق.عندما ينحرف المرء منا عن طريقه الطبيعي ولا يحترم قيمة ومعنى رسالته يفقد احترامه لنفسه وبالتالي ومع الأسف الشديد يصبح فاسداً ينشر سموم فساده اللعين معطلاً حركة المجتمع الطبيعية نتيجة لهذا الشذوذ المريب في حياته التي تصبح أشبه بالوباء او الفيروس القاتل الذي يتهدد المجتمع في كل المجالات.فالجندي مثلاً عندما يخون بندقيته ويهرب من أرض المعركة يهوي في مزبلة التاريخ، ويفقد كل معاني الأخلاق والوفاء، لأنه يتسبب في ضياع أرضه وكرامته وسيادته الوطنية.والطبيب عندما لا يخلص في رسالته فيفحص المرضى دون اهتمام حقيقي وملموس متسبباً في وفاة الكثير من الأبرياء يسقط هو الآخر في مزبلة التاريخ سقوطاً مزرياً ليكون عاراً ونقطة سوداء في حقل الطب والإنسانية.لذا ينبغي أن نكون أوفياء لرسائلنا في الحياة حتى تكون أناساً صالحين ونافعين لأوطاننا ومجتمعاتنا، ونسهم مع الآخرين في الارتقاء ببلدنا وشعبنا إلى مصاف الدول المتقدمة علمياً وثقافياً وإجتماعياً وسياسياً والأصعدة والمحاور كافة، لكي نحترم ذواتنا ونحظى بحب وتقدير الآخرين ممن وضعوا ثقتهم فينا.[c1]الفنان اليمني يغرق في بحر (المخادر)[/c]ليس عيباً أن تغني في الأعراس (والمخادر) لكن العيب أن تبقى في هذه المساحة بهدف تذليل صعابك المادية والأسرية، ولا تتوسع إلى مساحات النجاح الأوسع لتكون فناناً كبيراً يشار إليه بالبنان، وتسهم من خلال هذا التطور الشخصي في تطوير واقع الأغنية الذي أصبح مزرياً ومضمحلاً حتى الثمالة.لكن الفنان (المطرب) لا يمكن أن يكتب له التطور والنجاح والارتقاء نحو ذرى الألق والتوهج إذا بقي طويلاً في فلك (الأفراح) و (المخادر) والليالي الملاح .. لابد من رحلة بحث في مكنونات الذات لاكتشاف منابع جديدة ومتجددة ترسم الحداثة والتغيير وبألوان الطيف السبعة.
أخبار متعلقة