مثلت قضية الإفراج المزعومة عن جمال البدوي المحكوم بالسجن 15 عاماً والتي تسببت في تعكير صفو العلاقات اليمنية الأمريكية نوعاً ما قبل أن تعود المياه إلى مجاريها وفقا لتأكيدات رسمية يمنية أمريكية خصوصا بعد تأكد الجانب الأمريكي من "كذبة الإفراج عن البدوي " مثلت بكيفية تناولها في وسائل إعلام المعارضة في اليمن صورة غلبة الموقف السياسي وحالة التشفي الذي تظهره أحزاب المعارضة حول هذه القضية وغيرها واعتبارها دليلا على فشل السلطة.فعلى ذات النمط وبنفس الاليه احتفلت صحافة المعارضة اليمنية ومواقعها الرسمية والموالية بنجاح تسريبات صحفية لمعلومات خاطئة هدفها الإضرار بمصالح اليمن مع الولايات المتحدة الأمريكية وبتأجيل زيارة رئيس صندوق تحدى الألفية جون دينالوفيتش لليمن والتي كانت مقررة نهاية الشهر الماضي.ولم يقف الأمر عند ذلك فحسب بل ذهبت صحف المعارضة للتأكيد بأنه تم حرمان اليمن من مساعدات مؤسسة تحدي الألفية رغم تأكيدات الأخيرة ومسؤولين يمنيين - أنها برنامج التأهيل لانضمام اليمن إلى صندوق تحدى الألفية والمتضمن منح اليمن منحة قيمتها 20.6 مليون دولار لم يلغ وان التشاور اليمنى الأمريكي حول برنامج الألفية مستمر وما حدث هو تأجيل لزيارة مسئول المؤسسة لأسباب فنيه.خبر الإفراج المزعوم عن جمال البدوي المتهم بتفجير المدمرة كول والذي اتضح وبتأكيدات يمنية أمريكية أن لا أساس له من الصحة وان البدوي قابع في السجن ولم يطلق جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات اليمنية الأمريكية وعلى أعلى المستويات أوج تقدمها وبعد أيام قلائل من رسالة خطية بعثها الرئيس الأمريكي للرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية سلمتها مساعدة الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب " فرانسيس تاونسند " .وأشار فيها الرئيس بوش أن امن اليمن واستقراره ووحدته عنصر مهم لخدمة الاستقرار في المنطقة ، مجددا تأكيد بلاده في مواصلة دعم أمن ووحدة اليمن ومسيرته الديمقراطية والتنموية وحرص الولايات المتحدة على زيادة التعاون مع اليمن في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والأمنية وإقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين، مشيدا بالنجاحات التي حققتها اليمن في مجال مكافحة الإرهاب. وقال الرئيس الأمريكي في رسالته: إن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستمر في دعمها للشعب اليمني وحكومته في السعي لبناء مستقبل أفضل وفي الجهود المبذولة لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب، مشيراً إلى مسيرة الديمقراطية والإصلاحات في اليمن، و الدعم المقدم من الولايات المتحدة لليمن سواء في المجال التنموي أو التعليم أو في المجال العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب واختيار اليمن ضمن الدول المستفيدة من برنامج صندوق الألفية ,بالإضافة إلى اختيارها ضمن 6 دول للاستفادة من برنامج لدعم التعليم وعلى مدى خمس سنوات قادمة ولم تغفل الرسالة التنويه بالنتائج الايجابية لزيارة الرئيس علي عبدالله صالح الأخيرة إلى واشنطن والقضايا التي تم مناقشتها خلالها وما شهدته العلاقات اليمنية - الأمريكية من تطور مضطرد وعلى مختلف الأصعدة .وينظر العديد من المراقبين إلى أن المستوى المتقدم من العلاقات اليمنية الأمريكية بتأكيد رسالة بوش الأخيرة أزعج الكثير من المتطرفين في أفراد وأحزاب معارضة لاسيما الإسلامية منها، الأمر الذي دفع أولئك المتضررين إلى محاولة تعكير تلك العلاقة وهو ما باء بالفشل بتأكيدات المسؤولين اليمنيين والأمريكيين.وتكشف حقيقة تلك المعلومات الخاطئة التي روجها المتطرفون إلى جانب محاولة تعكير العلاقات اليمنية الأمريكية امتدادا مفضوحا ومكررا يستهدف حرمان اليمن من مساعدات الألفية التي اقر مؤخراً إدراجها فيها وهو ما يؤكده الخطاب المتطرف لبعض صحافة المعارضة والتي اعتبرت تأجيل زيارة مسؤول المؤسسة إلى اليمن ،ضربة قوية للنظام والسلطة مبشرة بحرمان اليمن من تلك المساعدات من منطلق تصفية حساباتها السياسية حتى وان كان على مصلحة الوطن.ويمثل القرار الذي اتخذه صندوق تحدي الألفية مؤخراً، بإعادة إدراج اليمن ضمن الدول المستفيدة من برنامج مساعدات الصندوق، مكسبا كبيرا لليمن ، نظرا لما يتيحه ذلك من فرص للحصول على مساعدات الصندوق لدعم خطط وبرامج التنمية المستندة إلى أهداف الألفية, غير أن الأهمية الأبعد مدى من ذلك القرار تكمن أساسا في انه يعتبر بمثابة شهادة من الصندوق على صدق التوجهات وجدية الخطوات التي قطعتها اليمن حتى الآن في تنفيذ الأجندة الوطنية للإصلاحات، والتي تتم على محاور عدة تشمل الحكم الجيد .وبحسب جون دينالوفيتش رئيس المؤسسة فإن اليمن منذ تعليق عضويتها في نوفمبر قبل الماضي تعهدت بسلسلة من الإصلاحات الرائعة الموثوق بها ( حسب تعبيره) وعملت بوضوح لتحسين أدائها وفقاً للمعايير العالمية وتواصل إظهار جديتها في تنفيذ التزاماتها التي قطعتها لشعبها بشأن مزيد من الديمقراطية والإصلاح بما يتوافق ومعايير الألفية . ومما عده الصندوق لصالح اليمن في جانب الإصلاحات القضائية تخلي الرئيس علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية عن رئاسة مجلس القضاء الأعلى والتغييرات في مجلس القضاء الأعلى إلى جانب الإحالة للتقاعد وفرض العقوبات وتعليق وعزل أكثر من 30 قاضياً ، والاهتمام بالقضاء التجاري وتعيين قاضية ولأول مرة في المحكمة العليا وأخريات في السلك القضائي. وقبول أخريات في المعهد العالي للقضاء إضافة إلى إصدار قانون مكافحة الفساد والحملة الإعلامية ضد الفساد وإنشاء هيئة لمكافحة الفساد وقانون المناقصات والمزايدات وقانون الذمة المالية وبدء المرحلة الأولى من إصلاح الإدارة المالية والتخطيط للموازنة وتحديث الخدمة المدنية.الخ.واعتبر ذلك القرار الأمريكي دعما سياسيا لليمن تجاه المنظمات والدول المانحة المختلفة ومن المتوقع رفع الدعم الأمريكي لليمن وفقاً لقرار الصندوق إلى مائة مليون دولار (تدعم أمريكا اليمن للحصول على تمويلات مضاعفة لمشاريع كبرى).وتنظر اليمن إلى قضية تنفيذ الإصلاحات المختلفة ليس كونها مجرد وسيلة للحصول على المساعدات ، بل هي جزء لا يتجزأ من أهداف الألفية التنموية.ورغم ذلك الجهد الكبير الذي بذله اليمن على شتى المستويات لتصحيح المعلومات الخاطئة التي روجت لها في السابق وسائل إعلام المعارضة وبعض القوى المتطرفة مستغلة مناخات الحرية والديمقراطية للإساءة إلى صورة وسمعة اليمن وتسببت في إخراج اليمن لمرتين من قائمة الدول المستفيدة من برنامج الألفية ، إلا أنها وبذات الخطاب والممارسات حاولت إعادة الكرة من جديد تدفعها نزعة عدائية شديدة وغير مبررة إلى تسخير كل جهودها باتجاه تشويه صورة اليمن في الخارج والتقليل من شأن إنجازاته في محاولة لإظهاره أمام الآخرين على نحو يخالف الحقائق.و لم تتوقف تلك العناصر المأزومة والمتطرفة بممارستها الدور الذي تسعى من خلاله إلى تلطيخ سمعة وطنها والإساءة إليه بل عمدت في الآونة الأخيرة إلى الترويج لكل ما يظهر اليمن وكأنها تعيش حالة من القلاقل وعدم الاستقرار بعد أن قاموا في الفترات السابقة باستخدام منابرهم السياسية والإعلامية لزرع عوامل الإحباط واليأس في نفوس أبناء الوطن ونزع التفاؤل بالمستقبل من عقول الشباب، إما عبر ترديد الشائعات السخيفة أو الأخبار المغرضة أو نفث السموم التي تعكر مناخ الاستقرار والسلم الاجتماعي وتعطل حركة التطور والتنمية والاستثمار.وتشكل تلك التناولات الكاذبة عن الإفراج عن البدوي إلى حد التبشير بحرمان اليمن من مساعدات الألفية للمرة الثالثة واحدة من مسلسلات أولئك المتطرفين الذين يستغلون مفردات الديمقراطية بشكل سيئ مما أفقدهم التوازن والتمييز بين معارضة السلطة ومعارضة الوطن.
|
فكر
المعارضة وتشويه صورة اليمن خارجياً (البدوي نموذجا)
أخبار متعلقة