قصة
انتظر مطولاً مرور أية حافلة لتقله إلى شارع رئيسي أو محطة ، مضت أكثر من ساعة وكافة محاولاته باءت بالفشل ، كانت تعبر من أمامه سيارات فارهة ،ملونة ،في منطقة سياحية بمدينة اعتبرها حلم حياته .كان حريصاً طوال عمره على الوصول إليها ، وبعد مشقة وعناء وصراع مرير ،حظيت قدماه بأن تطآ أرض هذه المدينة التي اعتقد أنها وردية اللون ناعمة الملمس مثل صبية عذراء لم تطأها أيادي أية ذئاب بشرية.ظل يحلم مطولا ً وهو ينظر هنا وهناك ، ويرفع يده للسيارات العابرة لكنها لم تكترث له ،كل مشغول بشأنه ،وكل يغني على ليلاه .. لم يلحظ أن سيارة كان سائقها يتبعه عن بعد ، يعبر من جانبه دون أن يكترث لها ،ذلك بأنها سيارة عادية ،ليست حديثة أو فارهة أو ملونة . كان يضع يده في جيبه ليجد كم يملك من النقود ،هي بعض دنانير لا تكفي لأن تقله لهدفه ،بقي يراوح مكانه ،يمشي هنا ،يلتفت هناك لعل وعسى ،معدته تؤلمه ،منذ الصباح لم يتناول شيئاً ،حتى شربة الماء لم تتوفر له .إنه في مدينة ظنها حلمه ،لكنه اكتشف أن مسقط رأسه بالقرية أفضل بكثير مما اعتقده ،عاوده المشهد وهو عائد من المدرسة في حر الصيف ،كان يعبر بطريقه إلى بيته في أزقة مختلفة (هنا ماء سبيل) عبارة مازالت ترتسم في ذهنه .سمع أم أحمد تناديه يا بني خذ هذا خبز ساخن ،سلك به معدتك قبل أن تصل البيت ،تبسم تلقائياً لقد لاحظ أنه يلعق لسانه مثل ضائع في صحراء ،جائع ،رأى كل أقرانه يودعونه و جيرانه يسلمون عليه يوصونه بجلب الهدايا لهم ،تبسم وقال في نفسه : لو أنهم يروني الآن ألهث كي أعود إلى مسكني مع 12شاباً في بيت مزدحم .. لماذا ؟ كي أحقق حلمي.صمت قليلاً ثم تيقظ أنه في الشارع ،يقف على قارعة الطريق ،لم ينتبه للسيارة وراءه .. أطلق السائق (زاموراً) عالياً ،،فتحت النافذة فإذا بها فتاة رائعة الجمال صبية،تتحدث بنفس لغته قالت له :إلى أين تسير ؟؟قال : إلى حي الأيوبيين .قالت :أنا متجهة لهناك هل تستقل سيارتي ؟تردد ثم نظر حوله ،،وسرعان ما قفز إلى السيارة ،،وجلس بجانبها ،،كانت تسمع أغاني من أيام زمان ،،أغاني ليست شبابية .صمت مطولاً ثم قطعت صمته قائلة :منذ متى وأنت هنا،،لا يوجد محطة باص كيف وصلت ؟ قال : جئت لأقابل شخصاً من أجل العمل هنا؟؟قالت :هل أنت جديد في البلد ؟قال : نعم فقد حلمت بهذه المدينة وحلمت بالعمل فيها ،وأنهيت متطلبات دراستي ونجحت وحضرت لأبحث عن فرصة ؟؟قالت له :هل وجدتها ؟؟قال : مازلت أحلم ؟؟فجأة توقفت بالسيارة وقالت:ها نحن قد وصلنا أكمل الطريق على قدميك وتابع الطريق المقابل تكن في المنطقة التي تريدها .قال لها:هل تعودت على ذلك ؟؟قالت : لا ؟؟لكني في يوم من الأيام وقفت مثلك مطولاً وقد ساعدني شخص غريب واضطررت للركوب معه ،،فحقق لي أحلامي ووجد لي عملاً؟؟وها أنا ذا كما ترى،،تحقق حلمي لكني فقدت طريق العودة لأهلي لذلك احذر أن تضيع الطريق .. ثم مضت..