كلام الليل .. أسرار العقل الباطن .. غرام وجرائم !
القاهرة/14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية : لكل منا عالمه الخاص المليء بالأسرار تماماً كالصندوق الأسود ، ولا يسمح لأي شخص مهما كانت درجة إرتباطه به أن يطلع عليها لكن فجأة تصبح هذه الأسرار متاحة أمام شخص ما من خلال كلمات يتفوه أو يهذي بها دون إرادته سواء كانت مفهومةأو غير مفهومة ، أو مزيجًا بينهما ربما أثناء النوم ليلاً أو عقب إجراء عمليات جراحية تحت تأثير (المخدر) أو أثناء المرض عند الإصابة بارتفاع شديد في درجة الحرارة ، أو في الغيبوبة ويصبح الأمر أكثر تعقيدًا ويسبب مشكلة كبيرة إذا كان من سمعها وعلمها هو شريك الحياة وأن صاحبها لم يكن يريده أن يعلم بأمرها خاصة إذا تعمد أيضا إخفاءها عنه فيصبح « كلام الليل .. عذاب وويل »بعد أن عاشت هذه الكلمات محبوسة طويلاً تنطلق لتهدم العش الهادئ وتكون سببا في كثير من حالات الطلاق والجرائم والأمراض في كل دول العالم ، لذلك قررنا أن نفتح ملفها باعتبارها كابوساً وهي دعوة كي نواجه مشكلاتنا بشكل أكثر جرأة حتى نصل لحلول بشأنها واكتشفنا مدى خطورة هذه الظاهرة عندما التقينا نماذج مأساوية لها (فضفضت) إلينا فكانت (كوكتيلاً) من الخيانة والعلاقات العاطفية الفاشلة والبريئة وبعضها جرائم .استطلعنا آراء بعض الحالات التي روت لنا نماذج درامية وإنسانية للمشكلات التي تسببها هذه الظاهرة التي لا تمتلك شجاعة كافية لبحثها والحديث عنها ، مثلما يحدث في مجتمعات أخري وهو ما أجمعت عليه زوجات وفتيات كثيرات التقيناهن وإليكم التفاصيل المثيرة .. تقول إحداهن ـ رفضت ذكر اسمها ـ : عانيت كثيراً مع زوجي الغيور جداً ذي الطباع الصعبة ومن كثرة مشكلاتي معه أصابتني بعض الأمراض النفسية التي انعكست على حالتي الجسمانية وتسببت في إصابتي بأمراض أخري كالقولون العصبي والصداع الدائم مما دفعني للذهاب إلى الطبيب نفسي وكانت أكثر المشكلات سخونة حينما كنت نائمة فمن عادتي أن أنام مبكرًا حتى أستطيع الاستيقاظ مبكرا لرعاية شئون أبنائي والذهاب لعملي بينما زوجي كعادته يسهر لساعات مبكرة من الصباح كل ليلة وفوجئت به ذات ليلة يوقظني بشدة وحينما أفقت سألته عن السبب فوجدته في حالة غضب شديد واتهمني بالخيانة لمجرد أنني تفوهت أثناء نومي باسمي زميلين لنا في العمل وهو يعرف أنهما على خلق ويشهد لهما الجميع بذلك فطلبت منه أن يروي ما تفوهت به بالضبط فلم يذكر سوى أنني نطقت اسميهما فقلت له إن هذا لايجب أن يقلقه فالمهم هو إخلاصي له وأن هذا شيء عادي لأنهم من بين الأشخاص الذين أتعامل معهم يوميا بحكم علاقة العمل التي تربطنا وزوجي يعلم ذلك لأنه زميلي أيضاً في العمل لكنه رفض بشدة وأصبح من لحظتها يتعامل معي بجفوة شديدة وبدأت طباعه معي وزميلينا هذين تتغير فآثرت في البداية عدم اختلاق المشكلات وتجنبت الحديث معهما إلا في حضوره وفي أضيق الحدود حتى وصلت التفاقم بيننا من شدة غيرته لطريق مسدود فانهرت وأصابتني الأمراض والهزال الجسماني وحتى الآن ما زالت هذه المشكلة معلقة بيننا![c1]اعترافات ساخنة ![/c]وتحكي ع.م ـ طالبة ـ تفاصيل أخرىأكثر إثارة وسخونة بقولها: بعد زواج أخي بإحدى فتيات الحي الذي نسكن به جمعتني بها صداقة قوية جدًا حتى أصبحنا مستودع أسرار لبعضنا وكان الجميع يحسدوننا على ذلك لدرجة أنني كنت أستأمنها على علاقة ارتباطي بزميل لي ورغم أنها تجربة فاشلة لكنها كانت الوحيدة التي تعلم بأمرها وذات يوم فوجئت بأخي يطلبنا تليفونيا في الرابعة صباحاً كي نلحق به في المستشفي لأن زوجته تعاني آلامًا شديدة في بطنها وهو ما شخصه الأطباء على أنه التهاب الزائدة الدودية وقرروا إدخالها غرفة العمليات وذهبنا فوجدنا أخي مرهقًا بشدة بعد خروجها من الجراحة الناجحة أخبرنا الطبيب المسئول أن ننصرف ولا يظل معها سوى شخص واحد بجوارها فاختارني أخي وأختها المتزوجة ورحبت بذلك وبعد انصرافهم كانت لا تزال في غيبوبة ( البنج ) وفوجئت بها تتفوه بكلمات وتهذي بتفاصيل غير مفهومة في البداية عن أسرار علاقتها بابن الجيران الذي أوضحت كلماتها فيما بعد أنها ما تزال تحبه فأصبت بالحيرة والدهشة وكتمت هذا الأمر عن الجميع حتى أصبحت في حالة جيدة فانتهزت فرصة وجودنا بمفردنا وواجهتها بالأمر فانهارت في بكاء وأقسمت لي أنها لا تخون أخي لكن الأمر ليس بيدها وتوسلت إلي ألا أخبر أحدًا لأن هذا الحب حبيس جدران صدرها ونفسها ومن ساعتها وأنا بين نارين وأتساءل هل أخبره فتنهار حياتهما الزوجية؟! أم لا أفعل فأشارك في ذنب؟ ومنذ هذه اللحظة قررت ألا أخبره لكنني أفهمتها إن لاحظت عليها أي شيء فسأكون أول من يشارك في طلاقها وعاهدتني على الأمانة لكنني لا أنكر أن علاقتي بها لم تصبح كعادتها وتغيرت للأسوأ فأصبحت أجتنبها.والتقينا في عيادة أحد الأطباء النفسيين إحدى الزوجات ـ رفضت ذكر اسمها ـ فقصت لنا حكايتها بقولها : لكل إنسان وخاصة المرأة طاقة وأظنني لا أستطيع تحمل المزيد لأن السر الذي ظل حبيس عقلي ونفسي ولا يعلم بأمره سوى الله أفصحت عنه كلمات سمعها زوجي حينما كنت نائمة وأعتقد في بداية الأمر أنني أهذي بكلمات غير مفهومه وقد تكرر هذا الموقف ليالي عديدة لكن زوجي لم يستطع فهم ما اختزنه في ذاكرتي ونفسي وهو ما كنت أخافه دائمًا ونصحتني إحدي صديقاتي بحاجتي للذهاب لأحد الأطباء النفسيين حتى أتخلص من هذه الظاهرة لأنني فعلا منذ صغري وأنا أتحدث اثناء نومي لكن المرض كان سريعاً فبعد ذهابي للطبيب أول مرة أصبت بنزلة برد شديدة تسببت في ارتفاع درجة حرارتي بشدة وبينما زوجي يسهر على تمريضي وراحتي أفصحت كلماتي المفهومة عن توسلي إليه ولزوجته السابقة أن يسامحاني لأنني دبرت الوقيعة بينهما وتسببت في طلاقها رغم إنجابها طفلاً وعندما أفقت مما أعانيه وجدته متجهم الوجه ويسبني ويتهمني أنني شيطانة فرقت بينه وبين ابنه وزوجته وأقسم لي بالله أنه لولا حملي في طفلنا لطلقني، ووجدته يراجع زوجته السابقة إلي عصمته فازدادت الضغوط على نفسي، خاصة حينما رأيته يعاملها برقةلأنه شعر بالذنب تجاههما على حسابي وأدركت أنه ليس من حقي أن أطالبه بأن يهتم بي وحتى إذا جلس معي كان الصمت شعارنا فأصبت باكتئاب شديد ومازلت أواصل علاجي النفسي بعد أن استدعي الطبيب زوجي وأخبره بما قد يصيبني والجنين الذي أحمله في أحشائي من أضرار زوجي وعاهده على حسن معاملتي وهو ما استشعرته فعلاً لكن علاقتي به ليست كسابق عهدها قبل ( اعترافاتي المكتومة ) !أما فاطمة صادق ـ طالبة ـ فتحكي مأساة إحدى جاراتها وصديقتها بعد زواج فاشل لم يدم أكثر من أربعة أشهر التي اعترفت لها بأقوالها : تعرضت أثناء ذهابي للعمل لحادث سيارة مسرعة تسبب في نقلي للمستشفي وكنت في حالة غيبوبة تامة وكسور وجراح عديدة أصابتني لكن الله كتب لي النجاة بعد أن أجريت لي عمليتان جراحيتان وظل زوجي بجواري طوال ليلة الحادث يرعي شئوني لأنه كان يحبني بشدة وبعد ثماني ساعات في ( البنج ) والغيبوبة أفقت على مشهد جلوسه بجانبي لكنه كان على غير عادته فرأيته شخصًا آخر ورغم ذلك يقوم على راحتي وبعد مرور أسبوعين على نجاتي من الحادثة وخروجي من المستشفى وجدت زوجي يعاملني بصورة أكثر جفاء وعندما سألته الصديقة أجابها، بأنه في الوقت المناسب سيخبرها بالتفاصيل وسيواجهها!وتضيف فاطمة: حتى علمت صديقتي السر في أنه حينما كان بجوارها أثناء غيبوبتها عقب إجرائها الجراحتين تفوهت ورددت اسم خطيبها السابق كثيرًا وزميلها في العمل حاليا وهو ما لم تصارح زوجها به فأقسمت له أن السبب في مجتمعنا الذي لا يقبل من الفتاة أن تتذكر لزوجها اسم شخص ارتبطت به في السابق، عن طريق خطوبة أو زواج سابقين وأنها لم تخبره بذلك لشدة حبها له وهو ما لم يقبله منها وأدركت أيضًا أن سبب تأجيله مواجهتها مراقبته لها ولخطيبها السابق الذي يعمل معها وعندما وصل لدرجة من عدم الاحتمال أصبح يشك في كل تصرفاتها رغم أنها مخلصة تمامًا له وانتهت حياتهما الزوجية بالطلاق الذي لا مفر منه![c1]اعترافات رجالية[/c]والتقينا سعيد أدهم ـ طالب بكلية الحقوق ـ فقال : هذه الأسرار والكلمات يمكن أن يهذي بها أيضًا الرجل كالمرأة تمامًا، وربما كانت المرأة أكثر تفوهًا بها لأنها لا تتحمل كثرة الضغوط فقد قرأت منذ شهرين عن حالة ضمن حالات بريد القراء أن أحد الأزواج ظل يهذي بكلمات غير مفهومة مع زوجته ليلاً حتى عرفت أنه يعاني من مشكلة كبيرة فأيقظته ذات مرة خوفًا عليه من الكابوس فسألها عما ردده فأخبرته أنه كان يردد شيئًا عن تعليمه وعمله ولم تفهم ما قال ورغم أن ذلك حدث ثلاث مرات أخرى لكنه لم يستطع أن يعيش هذه التجربة القاسية لآخرها فقد واجهها بعد صمت وتردد طويلين وأخبرها بالحقيقة المره بأنه لم يحصل على شهادة جامعية كما أوهمها وأسرتها حينما تقدم للزواج منها، وأن الذي دفعه لتزوير حصوله على هذه الشهادة حبه لها وأنها كانت أكثر منه تعليماً ورغم أن هذا الزوج ضميره أصبح أكثر ارتياحاً لكنه مازال يعيش حياة زوجية مع إيقاف التنفيذ أصابها البرود والفتور لأن زوجته أنجبت منه ثلاثة أطفال بعد زواج دام سبع سنوات!ومن خلال تجربته الذاتية في دراساته العليا وتخصصه العلمي يحكي عادل . خ ـ الذي يعد للدكتوراه في علم النفس أنه حينما كان يطبق دراسته ويلتقي حالات معينة أثناء رسالته للماجستير واجهته حالة غريبة فقد حكي له أحد الشباب أن أخاه الأكبر تزوج من إحدى الفتيات الجميلات التي كان يحبها ولم تكن تعلم هي أو أخوه أو أي شخص بأمر حبه لها وبعد زواجها من أخيه ازداد الأمر سوءًا وأنه كان يعيش كابوسا كل ليلة خشية أن يفتضح أمر حبه لها وذات يوم فوجئ بأخيه الأصغر وقد تغيرت علاقته تمامًا به وأصبح لا يطيق الجلوس معه ـ وكان قبلها قد داوم على الذهاب لأحد الأطباء حتى يتخلص من حبه لها ـ وعندما واجهه عرف أن هذه الأخ الأصغر حينما كان يذاكر ليلاً وبينما هو نائم سمعه يردد اسم زوجة أخيهما الأكبر ويردد مدى حبه الشديد لها وفوجىء أيضًا بثورة هذا الأخ عليه متهما إياه بالخيانة ،لم يصدق أن زوجته لا تعلم هذا الحب وأنها مجرد علاقة حب من طرف واحد وطلب منه أن يساعده في التخلص منها وازدادت ضغوطه خوفًا من إفصاح أخيه الأصغر عن أمر هذه العلاقة الفاشلة .[c1]اختلاف الآراء[/c]وعندما حاولنا معرفة آراء فتيات وشباب وأزواج حول هذه الظاهرة وجدنا الأمر أكثر سخونة وإثارة للجدل، فالتقينا نهلة حامد ـ طالبة بكلية الهندسة ـ التي دافعت عن الزوجات والفتيات بقولها : أرفض إدانة أية زوجة تتفوه بكلمات أثناء نومها أو مرضها إلا إذا كانت هذه الكلمات تمس الشرف في علاقة ما زالت قائمة ولا يعلم بها زوجها لأن ما حدث قبل الزواج أو الخطوبة ملك لها وليس من حق الرجل أو أي شخص أن يحاسبها عليه، خاصة إذا كانت زوجة مخلصة وذات أخلاق حميدة لأن لكل منا أسراره وحياته الخاصة والمهم هو الإخلاص بعد زواجهما،وأنا أرى مجتمعنا ما زال يتعامل بازدواجية غريبة إزاء هذه الظاهرة التي توضح بشكل كبير التفرقة في التعامل بين الرجل والمرأة وهو ما يعد نوعاً من الظلم الاجتماعي لأنه كما للرجل كرامته وغيرته على زوجته وحسابه الشديد فلماذا لا نعترف بهذا الحق أيضًا للمرأة! .ويتفق معها في الرأي محمود خليل على مندوب مبيعات ـ بقوله: العبرة فعلاً بمدى إخلاص الزوجة منذ ارتباطها بشريك الحياة، لأنه لا حساب على ماض ليس ملكي إلا إذا كان فيه ما يمس شرف الزوجة أو الفتاة وتخجل منه، وظاهرة تفوه أي شخص سواء كان امرأة أو رجلاً أثناء النوم أو المرض بكلمات قد تكشف عن تجارب سابقة شيء عادي ويجب عدم تضخيمه إلا إذا كان هناك داع لذلك .ويختلف معهما محمود حسين ـ موظف ـ بقوله : لا يمكن التهاون في مثل هذا الأمر مهما كانت المبررات لأن ذلك يعتبر من قبيل الخداع والغش وعدم الأمانة ودائمًا يفضل وجود صراحة وشفافية بين الفتاة وزوجها وخطيبها فإذا قبل أحدهما بما حكاه الآخر فليس من حقه فيما بعد أن يخلق منه مشكلات إلا إذا كان فيه ما لا يعلمه ويمس الشرف أو كيان الأسرة وأرى أن أي شخص يرى غير ذلك فهو بصراحة يتجمل ويقول كلمات لا يحكمها واقع فهي تضع نفسها محل شك واتهام بإرادتها وعليها أن تتحمل عواقب ذلك وإذا قالت غير ذلك فلا يجب تصديقها لأنها إن كانت كلمات بريئة فلماذا تخفيها عن زوجها؟!وتتفق معه أيضًا سميرة على موظفة بإحدى الشركات الخاصة ـ بقولها : دائمًا كلمات الليل أو المرض تكشف الكثير من الأسرار في حياة أي شخص ولذلك فإن القانون يحرم على الأطباء الإفصاح عن حقيقتها لأنه يعلم تمامًا مدى خطورتها على صاحبها وأري أن هذه الكلمات إذا مست شريك الحياة فهي من قبيل الخيانة التي لا يمكن التسامح معها في ظل عاداتنا وتقاليدنا القاسية خاصة مع المرأة أو الفتاة ورغم أن هذه الكلمات تخرج بدون وعي لكنها تعبر عن سلوكياتنا وخبراتنا وتجاربنا أي أشياء وقعت بإرادتنا لذلك فنحن مسئولون عنها تمامًا وأرى أنه إذا كان فيها ما يمثل جريمة فلماذا يجب السكوت عنها؟![c1]عالم أسرار[/c]وعن الأسباب النفسية لهذه المشكلة يقول د. أكرم محمود ـ أستاذ علم النفس ـ : لكل منا عالمه الخاص المليء بالأسرار والأحداث التي ربما لم يصارح بها أحدًا سواه أو أشخاصاً معدودين أو ربما يعلمها الكثيرون وقد خلق الإنسان ولديه ما يميزه بين باقي المخلوقات وهو العقل الذي به ذاكرة تتسع لتخزين الكثير من الأحداث والتجارب ويتوقف مدى الإحتفاظ بها على مدى قوتها ودلالتها لديه وعوامل أخرى كثيرة وتنقسم هذه الذاكرة إلي ثلاثة أنواع هي قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى وإذا فشلت إحدى التجارب يحاول الإنسان التخلص منها إما بالنسيان أو إيداعها في الذاكرة وتظل طي الكتمان خاصة إذا حدثت له تجربة متناقضة معها عندها تبدأ في الضغط عليه لكنه يظل لا يسمح لها بالخروج حتى لا تدمره أو تمس استقراره وتوازنه النفسي والاجتماعي لكنه في حالتي النوم والمرض مع بعض الأشخاص قد تخرج هذه التجارب إلى الوجود في شكل كلمات يتفوه بها دون وعي فتكشفها وهذه الظاهرة عملة ذات وجهين أحدهما إيجابي فمن خلالها يحاول الإنسان التفريج عن نفسه بالتخلص من ضغوطها عليه ويتساوى فيها الرجل والمرأة على السواء، والآخر سلبي لأنها قد تمس شريك الحياة فتتسبب في المساس باستقرار الحياة الزوجية وذلك كنتيجة لفقدان القدرة التامة في السيطرة على عملية استقرارها بالذاكرة دون خروج .ويضيف د. محمود : والنساء في هذه الظاهرة أكثر إفصاحًا عما لديهن لأنهن بطبيعتهن لا تحتملن ضغوطًا كالتي يتحملها الرجل في ظل مجتمعنا الذي عودها على ذلك، ورغم ذلك فهي أكثر تسامحًا مع الرجل إذا أخفى عنها ما إذا علمته أغضبها في مجتمعاتنا الشرقية التي تغرس فيها ضرورة حفاظها على حياتها الزوجية، لأنها إذا انهارت تظل محل اتهام وشك وتعاني الكثير وهو ما يمكن الإشارة إليه بظاهرة “جلد الذات” وهذه الكلمات كما اتفقنا عبارة عن إشارات تعبر عن خبرات وتجارب في طي الكتمان وقد تتسبب في إصابة صاحبها بكثير من الأمراض كالكبت أو الإحباط والاكتئاب أو الانفصام و(الشيزوفرينيا) سواء البسيطة أو المركبة، ولذلك نقترح وجود هامش كبير من الشفافية بين الزوجين وإذا كان الأمر لا يمس الثوابت الدينية والأخلاقية فلابد أن نكون أكثر تسامحًا.ويري د. مهدي القصاص أستاذ علم الاجتماع بالقاهرة أن هذه الكلمات تعبر عن خبرات اجتماعية مكتسبة في ظل نظام اجتماعي صارم لا يتسامح مع الحياة السرية الخاصة لا سيما للزوجة أو الفتاة، ويسلبها حقها في هذه الخبرات في أضيق الحدود في ظل ارتباطها بسياق وظروف اجتماعية معينة، وقد درج العرف الاجتماعي لدينا في مجتمعاتنا الشرقية ذات الثقافة الذكورية على وجود قدر من التسامح مع الرجل في هذا الشأن أكبر من مثيله المتاح للفتاة والمرأة، ومن الصعب الفصل بين الجانبين النفسي والاجتماعي لأنهما وجهان لعملة واحدة هي الإنسان الذي له عالمه السري، فإذا لم يتعامل معه بذكاء إجتماعي يضمن له استقراراً على مستويات ثلاثة: ذاتيا وأسريا ومجتمعيا أو بطريقة غير مباشرة بأنماط السلوك والعلاقات الاجتماعية خاصة مع الآخرين ـ ونقصد بهم الذين تمسهم هذه الخبرات في صورة كلمات سواء أثناء المرض أو النوم وتحديداً شركاء الحياة ـ وحتى لا يصبح كل منا جلادًا للآخر علينا أن نتفهم طبيعته وحدود ما تعبر عنه هذه الكلمات باعتبارها خبرات ماضية وأنها مادامت لا تخل بالسلام الاجتماعي للأسرة فلا ضرر منها.