سطور
نجمي عبدالمجيدتميزت مباني عدن القديمة بأشكال هندسية متعددة جعلت لكل منها خاصية وهوية تاريخية وفنية للمراحل الزمنية التي أوجدتها وبالذات في فترة الحكم البريطاني الذي فتح عدن أمام الهجرات من دول مختلفة من العالم حيث تعددت فيها الأديان والمذاهب والأجناس التي سعت إلى وضع تصورها لشكل الفن المعماري الخاص بها. ولكن هذا الجانب من تاريخ عدن تغير كثيراً منذ عقود وغابت ملامح تلك الصور الهندسية التي عرفت بها عدن منذ حقب زمنية عديدة من أشكال البناء التي وجدت في عدن ، الفارسي والهندي والإسلامي والغربي والمنازل الشعبية التي كانت تعتمد على الأسلوب البسيط في إقامتها ومنها منازل الشرطة في الشيخ عثمان التي عرفت باسم ( لين العسكر) وقد بنيت في عام 1914م من الحجر بعكس منازل المنطقة التي كانت تبنى من الطين( اللبن) وهذا من الأسباب التي جعلت هذه المنازل باقية حتى الوقت الحاضر وإن تبدلت أشكالها بشكل واضح. ومن مباني عدن التي تم هدمها ، مقر المحفل الماسوني العدني الذي افتتح في عام 1850م في المعلا حيث يقع حالياً مكتب محافظة عدن. وقد عرف هذا المكان عند أهل عدن باسم ( بنجلة الشيطان) وكان يتكون من المدخل وست درجات ، الباب مع واجهة المبنى وعمود في الجانب الأيسر وآخر في الأيمن وقوس مع ارتفاع يصل إلى سقف المكان على شكل مثلث يقع في وسطه شعار الفرجال والمنقلة من الحجر ، وهو رمز من رموز الماسونية ويشير إلى البناء الحر، والممر الذي يقود إلى الداخل ويتفرع إلى ممرات تصل بقاعات عديدة وغرف ، ومنها القاعة الكبرى حيث تعقد الاجتماعات وبها كراسي من الخشب ومكان القائد الذي يعرف باسم ( الأستاذ الموقر رئيس المحفل الماسوني) حيث توجد طاولة من الخشب عليها المطرقة الخشبية التي تفتح بها جلسات المحفل عبر ثلاث دقات يقوم بها الأستاذ ، والكتاب المقدس ، وكل غرفة ترمز إلى مرحلة في التدرج وعلى ارض القاعة الكبرى فرش بساط لونه اسود وابيض على شكل مربعات ، وذلك ما توضحه الصور التي تعود إلى الأعوام 1926م، 1927م، 1931م، 1936م، 1937م، 1940م.كما كانت توجد أحجار من الرخام الأبيض عليها رسم لنجمة داؤود في الأعلى ، وشعار الفرجال والمنقلة في الأسفل وهي منحوتة، تحمل معلومات عن محفل عدن وأسماء الذين كانوا في إطاره . كما كان يوجد مجسم صغير لمعبد سليمان( الهيكل) ، وفي الغرف الداخلية رفعت صور ورسوم كلها ترمز الى الماسون مثل العين الواحدة ، الهرم المشطور من القمة وصورة لعدن قديمة تعود إلى زمن الرحالة نيبور الذي زار عدن عام 1774م. بعض منازل عدن كانت تحمل من الخارج عدة أشكال مثل الأقواس : تماثيل لطيور جارحة أو أسود أو مخلوقات خرافية ، وقد قيل إن الغرض من هذه الإشكال طرد الأرواح الشريرة بعيداً عن المنازل ، ومعظم من سكنوا هذه الأماكن غير أهل الإسلام ، وهذه الأشياء جعلت لتلك المباني صفات معروفة لأهل عدن ، أما مقبرة الفرس فقد شيدت في جبل عدن عام 1854م . وفي عام 1922م فتحت حكومة عدن مدرسة صناعية للنجارة ، أما ملاحات عدن فيعود تاريخها إلى عام 1887م وعرفت باسم ملاحات الطلياني وصدرت أول إنتاج لها عام 1893م وفي عام 1922م أسست ملاحات المتحدة وفي عام 1923م أسست ملاحات البريقة. في عام 19035م أسس أول مقر لجمعية النجارين في عدن ، ومابين عام 1918 - 1924م تم بناء قصر السلطان عبدالكريم فضل في عدن ، أما متحف العدات والتقاليد فقد أسس في صهاريج عدن عام 1938م ، وأما كنيسة رأس مربط فقد تم افتتاحها عام 1863م من قبل الملكة اليزابث وكانت ميزانية المشروع ما يعادل 2000 جنيه إسترليني . أما مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية فقد افتتحت عام 1919م في التواهي ، وفي عام 1929م أسس مصنع أواني الطبخ المعدنية في عدن لصاحبه الهندي جيوان لال. هذه المباني وغيرها من هوية عدن التاريخية ، غابت معالمها ومحيت صورتها عن الذاكرة ، ولم يبق إلا القليل منها الذي يصارع الزمن ليبقى شاهداً على عصور مرت على هذه المدينة وما مر عليها من صروف الدهر وأحداث الزمان وما زالت الدراسات في هذا الجانب قليلة ولم تعط هذه الحقب حقها من البحث لعمق هوية وتاريخ عدن المعماري وكيف أسهمت كل فئة في تشكيل صورة عدن الحضارية.