بغداد/14 أكتوبر/مريم قرعوني وبيتر جراف: طلب العراق أمس الثلاثاء إدخال تعديلات على مسودة اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة بعدما لم تنل دعم الزعماء السياسيين للبلاد رغم شهور من المفاوضات المضنية مع واشنطن. ويعيد هذا عمليا فتح باب المفاوضات التي أفضت الأسبوع الماضي إلى الكشف عن مسودة تنص على انسحاب القوات الأمريكية من العراق بنهاية عام 2011. وتتعلق الاعتراضات فيما يبدو بالتفاصيل لا الاتجاه العام للاتفاقية. وأبلغ علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة رويترز عقب اجتماع لمجلس الوزراء أن المجلس «أجمع على أن تعديلات ضرورية على الاتفاقية يمكن أن يجعلها بمستوى القبول الوطني» .وأضاف أن مجلس الوزراء «سيواصل اجتماعاته لتحديد هذه التعديلات المطلوبة وسيبدي الوزراء آراءهم في الأيام القادمة للتشاور وتقديم التعديلات المقترحة ثم تنقل هذه التعديلات الى الوفد المفاوض» .ويبدو الإعلان انقلابا في موقف بغداد التي وصفت من قبل مسودة الأسبوع الماضي بأنها نص نهائي وقالت يوم السبت إن من المستبعد إعادة التفاوض عليها. وأحجم الزعماء السياسيون من معظم الأحزاب عن تأييد النص في اجتماع عقد يوم الأحد. وتنص المسودة على مغادرة القوات الأمريكية العراق بعد عام 2011 ما لم تطلب بغداد بقاءها. وتسمح أيضا للمحاكم العراقية بمحاكمة الجنود الأمريكيين المتهمين بجرائم خطيرة خارج الخدمة. وهي تعني أن القوات الأجنبية التي تعمل الآن بموجب تفويض من الأمم المتحدة ستعمل للمرة الأولى تحت سلطة الحكومة المنتخبة في بغداد. ويقول الجانبان إنها خطوة رئيسية باتجاه السيادة العراقية. لكن بعض الساسة العراقيين أبدوا تحفظات بشأن تفاصيل مثل آلية اجراء محاكمات لجنود أمريكيين. وحدها الكتل الكردية منحت النص دعمها الكامل. وقال همام حمودي العضو البرلماني البارز من الائتلاف الشيعي إن أحد من عبروا عن شكوك في الأيام الأخيرة هو رئيس الوزراء نوري المالكي الذي لم يدل بعد بتصريح علني عن الاتفاقية. وأبلغ حمودي مؤتمرا صحفيا «رئيس الوزراء يقول أن ما أعطوه (الأمريكيون) باليد اليمنى أخذوه باليد اليسرى» وضرب مثلا فيما يتعلق بانسحاب القوات الأمريكية قائلا « الاتفاقية تقول إن الأمريكان ينسحبون من المدن والقرى العراقية في (يونيو) حزيران 2009 إذا كان الوضع الأمني يساعد على ذلك .. لكن من يحدد هذا الأمر؟» ويعارض منافسو المالكي من الشيعة - أتباع رجل الدين مقتدى الصدر - الاتفاقية بقوة وكذلك القيادة في إيران الشيعية التي لها نفوذ بين شيعة العراق والتي تقول إن الاتفاقية تمنح القوات الأمريكية موطئ قدم طويل الأجل في المنطقة. وقال مصدر حكومي كبير غير شيعي إن الساسة الشيعة يدعون إلى التأجيل تحت ضغط إيراني. وقال «يبدو أن هناك قرارا للائتلاف (الشيعي) برفضها .. لا أستطيع تفسير أساليب التأخير الشيعية هذه إلا بالضغط الإيراني. لا يوجد تفسير آخر لاسيما وأن الشيعة هم من تفاوضوا عليها في المقام الأول» .ويقول المسئولون الأمريكيون إنهم راضون عن المسودة الحالية ولم يذكروا ما إذا كانوا مستعدين لإعادة التفاوض بشأنها. وقالت سوزان زيادة المتحدثة باسم السفارة الأمريكية إن العراقيين «يراجعون النص ويجرون مناقشات بشأنه وهذا جزء من العملية» .وكان مسئولون بإدارة الرئيس جورج بوش قد أطلعوا يوم الجمعة أعضاء بالكونجرس - بمن فيهم المرشحان الرئاسيان باراك أوباما وجون مكين - على مضمون المسودة. ولا تحتاج الاتفاقية إلى موافقة الكونجرس لكن الإدارة تسعى إلى حشد دعم سياسي عريض لها. وأقر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عضو إحدى الكتل الكردية التي تساند الاتفاقية بتعثرها أمس الاثنين واستبعد إقرارها قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في الرابع من نوفمبر.