يجسد الملف النووي طموح إيران إلى لعب دور إقليمي في مرحلة من تاريخ المنطقة الحديث، وبدت طموحاتها النووية وأصبحت القضية الأكثر سخونة في الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية .. وكان هناك إجماع يرى ضرورة مواجهة إيران بالقوة واحتوائها وإجبارها على تقليل طموحاتها. وقد جعلت إيران من المشروع النووي مشروعاً قومياً لا رجعة فيه ، وأنه أصبح يمثل أحد ركائز التنمية والتقدم لإيران بغض النظر عن الضغوط الخارجية والظروف الاقتصادية .. مما سبب ذلك هو انزعاج واشنطن لهذه الإنجازات العلمية المتطورة التي حققتها إيران في السنوات الأخيرة .. وليس خافياً إن انزعاج واشنطن يأتي بالتزامن مع جهد ما زالت تبذله التكنولوجيا المتقدمة عن دول ما يوصف بالعالم الثالث وتحديداً تلك التي تعارض سياستها .وكان لإعلان إيران دخولها نادي الدول المنتجة للوقود النووي وأيضاً دخولها بعد إطلاق صاروخها الفضائي (الأمل) قريباً إلى نادي الدول الفضائية لتصبح البلد الحادي عشر الحائزة تقنية إطلاق الأقمار الصناعية رد فعل كبير على المستوى الإقليمي والعالمي ، وتبادلت ردود الأفعال إزاء ذلك ،حيث قللت بعض المصادر الدولية من شأنه مؤكدة أن الإيرانيين يبالغون كعادتهم ، في حين أكدت بعض المصادر أن إيران في سبيلها لإنتاج القنبلة النووية ، واستبعدت بعض المصادر ذلك .ولا شك أن إعلان إيران لتصنيع الوقود النووي بعد أن توفر لها وسائل تحقيق هذا الأمر، يمثل نقلة نوعية في البرنامج النووي الإيراني ،وهو على المستوى الرسمي يقدم مبررات لالتقاط المسؤولين الإيرانيين أنفاسهم ، بعد أن لهثوا كثيراً في حل المشكلة.وهي مشكلة تأمين الوقود النووي لمفاعلاتهم دون انقطاع نتيجة للحصار الغربي المفروض عليهم ، وهو على المستوى الشعبي دليل على مصداقية النظام في سيره قدماً من أجل تحقيق الأماني القومية .ومن هنا يبدو أن الإدارة الأمريكية (واشنطن) المندفعة في عدائها لإيران والمتحفزة ضد برنامجها النووي سوف تضطر إلى مراجعة أوراقها مرة أخرى بسبب أخطاء كثيرة أوقعت فيها الإدارة الأمريكية (واشنطن) نفسها فهي لم تدرك العامل الزمني بين الاندفاع الإيراني في إنجاز المشروع النووي وبين سرعة التورط الأمريكي في أوحال المستنقع العراقي .. فلولا هذا التورط الأمريكي في العراق لما تجرأت على التعامل بهذه الثقة ، التي تتعامل بها مع ملفها ، حيث تدرك إيران أن الحل العسكري الأمريكي لأزمة برنامجهم النووي قابل للتوظيف طالما ظل الأمريكيون على ورطتهم في العراق ولم تدرك واشنطن أيضاً خطورة خلط الأوراق في إدارة أزمة الملف النووي الإيراني ، وبالذات في تعاملها مع روسيا ولم تقيم الموقف الإستراتيجي الروسي التقييم الصحيح الذي يستحقه الأمريكيون مدى حساسية روسيا لامتلاك إيران برنامجاً نووياً عسكرياً وهم الذي يقومون ببناء محطة “بوشهر النووية” وهم الأقرب لإيران في هذا المجال وهم الأكثر حساسية في الخوف من أي تطور في البرنامج النووي.. فالروس هم أكثر المتضررين من حدوث مثل هذا التحول، كذلك فإن موقفهم من أزمة البرنامج النووي الإيراني مبني على تقديرات حقيقية وعلمية وجادة غير مشوهة بدوافع سياسية .هذا ما حدث عندما ضغطت واشنطن أكثر من اللازم على روسيا للموافقة على فرض عقوبات اقتصادية ضد إيران دون مراعاة للمصالح الروسية مع إيران ولا للمكانة الروسية في النظام العالمي في وقت تتطلع فيه روسيا لاستعادة القدر الأكبر من الهيبة لهذه المكانة التي تداعت مع سقوط الاتحاد السوفيتي .
|
آراء حرة
إيران ترفض انزعاج واشنطن
أخبار متعلقة