أيها السادة :
أن يقتل الفلسطيني على أيدي جنود الصهاينة ويغتال فهو شهيد ، وأن يعتقل فهو أسير ، ولكن قولوا لنا ماذا نسمى من يقتل بسلاح أخيه ويعتقل من رفاقه في نضال ، ألا ترون أيها السادة أنكم تحققون اليوم أحلام الحركة الصهيونية ، طالما سعت كل الحكومات الصهيونية المتعاقبة على شق الساحة الفلسطينية وإيصالها إلى حالة الاقتتال الداخلي ، ولكن الوعي السياسي والحس الوطني كان الحائل دون ذلك .هل فقدنا هذا الوعي وهذا الحس ؟ أم ماذا ؟ قولوا لنا ؟ .. كانت الفصائل الوطنية وفي كل المراحل تحتكم للحوار الوطني الذي يجري في داخل مؤسسة منظمة التحرير وتحتكم لقرار الأغلبية ، وتحافظ على وحدتها الوطنية وفي أصعب الظروف ، هل لأننا فقدنا المنظمة والمؤسسات ؟في دورة المجلس الوطني الفلسطيني وقبيل توقيع اتفاق أوسلو ، حصلت خلافات كبيرة في الصف الوطني الفلسطيني لدرجة أن البعض تصور أن منظمة التحرير ستصبح منظمتان ، وهناك من دفع بهذا الاتجاه من الفلسطينيين والعرب ، وكانوا يراهنون على جورج حبش بإعلان ولادة منظمة تحرير فلسطينية جديدة ردا على أوسلو ، ولكن ماذا كان الجواب في الخطاب الذي القاه جورج حبش في المجلس الوطني الفلسطيني ، حيث قال : منظمة التحرير الفلسطينية ملك لكل الشعب الفلسطيني ، وليست لفصيل معين ، وهي تجسد الهوية الوطنية الفلسطينية ، وإذا كنا نرفض أوسلو ونتحفظ عليه فهذا لايعني شق منظمة التحرير . في أصعب الظروف حافظ جورج حبش على وحدة الصف الفلسطيني في الوقت الذي حذر فيه من أوسلو . لماذا لا نعالج قضايانا وخلافاتنا بهذه الروحية وبعيداً عن السلاح ولغة التخاطب فيه ، وهل لغة السلاح ستحل المشكلة ، بالتأكيد لا ، راهنت حكومة الكيان الصهوني كثيراً على شق الساحة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو ولكنها خسرت هذا الرهان ، وبالعكس هي التي ذهبت إلى اغتيال رئيس وزرائها رابين الذي وقع اتفاق أوسلو لأنها لا تريد سلاما مع الفلسطينيين والعرب ، ولم نفهم الدرس منذ ذلك الحين لم يعد مقبولاً ولا بأي شكل من الأشكال أن يوجه الرصاص الفلسطيني إلى صدر أخيه الفلسطيني بدلاً من توجيه هذا السلاح إلى صدر العدو الصهيوني ، لم يعد مقبول أن نتوصل إلى اتفاق بالليل ونلغيه بالاقتتال في النهار لم يعد مقبولاً أن يرمي كل طرف بالتهم على الآخر ويحاول أن يبرى نفسه ، لم يعد مقبول التحدث عن طرف ثالث يوتر الأجواء الأمنية ، وإذا كان هذا صحيحاً لماذا لا يتحمل الطرفان كشف هذا الطرف الثالث ، وهل هذا الطرف نزل من السماء ، أم هو من صفوفنا ، ونحن أبناء غزة ، ونعرف بعضنا البعض فرداً – فرداً ، وحتى العملاء لم يعودوا سراً على الحكومة والرئاسة ولمصلحة فتح وحماس أن يكشفوا عن كل مخل بالأمن والاستقرار وزرع الفتنة في صفوف الشعب الفلسطيني ، لم يعد مقبول استمرار الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وأن يترك الناس بالجوع وبالعراء في ظروف حياتية يصعب وصفها ، منذ متى يوجد في غزة متسولين ؟ اليوم المتسولون بالشوارع في غزة ، مشاهد لم نعهدها من قبل حتى في هجرة 1948م ، الفلسطيني ليس متسولاً أيها السادة – من المسؤول ؟ عودوا إلى العقل ، تحملوا مسؤولياتكم أو ارحلوا .