الإرهاب لا يحارب بأجهزة الأمن وبيانات رجال الدين ولا يعالج بالحوار والمناصحة ( 2 ــ 2 )
تأسيساً على ما تقدم في الحلقة الأولى من هذا المقال سأحيل القارئ الكريم إلى بعض الصحف السعودية التي درجت على نشر آراء كوكبة من الأكاديميين والمثقفين والمفكرين بشأن حال الفكر المتطرف في السعودية وحال لجان ( المناصحة ) التي ظهرت في المملكة العربية السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ثم أعاد القاضي حمود الهتار إنتاجها في اليمن !!بوسعي القول استناداً الى معطيات نشرتها الصحف السعودية ، إن حملة ( المناصحة ) ظلت مقصورة على الموقوفين في السجون بتهمة اعتناق الفكر المتشدد. وكان هدفها يتلخص في تغيير قناعاتهم الناشئة عن بعض التأويلات لبعض النصوص الدينية التي يسوّغون بها الأفكار التي يعتقدون بها ، والجرائم الأرهابية التي ينفذونها. وقد لفت هذا التزايد في أعداد معتنقي هذا الفكر أنظار المسؤولين السعوديين في وزارة الداخلية ما جعلهم يدركون حقيقة أن وقف انتشار هذا الفكر الضال لا يتطلب « مناصحة » مَن وقع في الشَّرَك فقط ، أو الحوار معه على الطريقة (اليمنية) ، بل لابد من تجفيف المنابع الحاضنة التي تغذيه وتنميه وتنشره بين صغار السن خاصة. في هذا السياق أشار كثير من الكتّاب والباحثين السعوديين منذ سنوات إلى بعض تلك المنابع وفي مقدمتها المدارسُ وبعض النشاطات التي تقام في المساجد و (مخيمات صيفية) تتغطى بشعار الواجبات الدينية وتنظمها في المملكة السعودية بعض الجمعيات والواجهات غير الرسمية، بالإضافة إلى استغلال حلقات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم والجمعيات الخيرية لأغراض التعبئة والتحريض!!.المثير للدهشة أن بعض التقارير التي صدرت عن المؤسسة الدينية غير الرسمية في السعودية كانت توحي بنجاح حملة المناصحة ـــ التي لاتزال مستمرة هناك منذ ست سنوات ــ في إقناع بعض الموقوفين بخطأ تأويلاتهم، وخطورة وما يقومون به من أعمال العنف ، ما سمح بخروجهم من السجون لاستئناف حياتهم الطبيعية. . لكن ما يلفت النظر أن أعداد معتنقي الفكر المتشدد لا تزال تتزايد في السعودية بحسب ماكتبه في صحيفة ( الوطن ) السعودية الأكاديمي السعودي الدكتور حمزة المزيني الذي قال إنه على الرغم من الجهود الواضحة التي تُبذل في مكافحة الفكر المتشدد، فإن بعض معتنقي هذا الفكر يصلون إلى الطرف الأقصى فيخرجون من المملكة للمشاركة في بعض الفتن الداخلية في بلدان متعددة بحجة (الجهاد) ونصرة المسلمين، فيما يُقتل أكثرهم في هجمات انتحارية ربما يكونون مرغمين عليها ، كما يقبع كثير منهم في سجون البلدان المختلفة مهددين بفترات سجن طويلة أو بما هو أسوأ. ويرى حمزة المزيني أن بعض المتأثرين بالفكر المتطرف يظلون على مستوى أقل من العنف فلم يخرجوا الى الجهاد خارج السعودية ، لكن كثيرا من هؤلاء يُفرِغون طاقاتهم الملتهبة في بعض أعمال تصب في مسار العنف، وليس أقلها التشغيب على المناسبات الثقافية والاجتماعية والمهرجانات الفنية واستخدام أيديهم والتهديد بالعنف في تغيير ما يرونه منكرا.لعل ما تفعله وزارة الداخلية السعودية ممثلة في ( لجان المناصحة ) الآن يشهد بصحة موقف أولئك الكتاب والباحثين الذين لم يكونوا يتحدثون من فراغ، بل من معرفة حقيقية بخطر ما كان يمارس من تلك النشاطات التي يحاول المدافعون عنها تبرئتها. ومما يشهد بتحقق وزارة الداخلية من خطر تلك المنابع ما نشرته بعض الصحف السعودية عن قيام لجان « المناصحة « بنشاطات اجتماعية ذات طابع ديني متشدد خارج جلسات «المناصحة» التي تتم في السجون. لكن كثافة تلك النشاطات تبرهن على أن المجتمع السعودي ــ كما هو حال المجتمع اليمني ــ يعاني من مشكلة التشدد الذي يمكن أن يفضي إلى العنف، إلا أنها تشير كذلك إلى أن حكومة المملكة العربية السعودية بدأت نعترف بهذه المشكلة من غير تحفظ. .. بل وبصراحة وشجاعة تستحقان التقدير والاعجاب والاقتداء بها من قبل الحكومة اليمنية !!وعلى النقيض من حوارات القاضي حمود الهتار التي قال انها حققت نجاحا باهرا في مكافحة وتجفيف منابع التطرف والارهاب في اليمن ، أشار بعض « المناصِحين « في المملكة العربية السعودية الشقيقة إلى القصور في أداء بعض المسؤولين في مكافحة هذا الفكر. ومن ذلك ما قاله الدكتور عزام الشويعر في محاضرة بعنوان (أمور قد تخفى على المربين والمعلمين) ، أوضح من خلالها الدور الكبير والمهم للمعلم والمربي وذلك من خلال معايشته لحالات الموقوفين ، حيث أكتشف أهمية هذا الدور للمعلم، مستشهداً بكثير من القصص والروايات ، ما دفعه في تلك المحاضرة الى التأكيد على أهمية التصدي لمثل هذه الأفكار الضالة والانحرافات الفكرية في المدارس والجامعات ، وإستنكارها وعدم المجاملة أو التهاون في مصائر البلاد والعباد بحسب استطلاع نشرته صحيفة ( عكاظ ) السعودية في شهر مايو 2008 الماضي .هذا الكلام الذي صدر على لسان بعض (المناصحين ) السعوديين يؤكد ما قرأته في استطلاع صحفي نشرته صحيفة ( الشرق الاوسط ) بعد أحداث 11 سبتمبر ، أوضحت فيه خطورة تحوُّل بعض المعلمين والمعلمات عن واجباتهم التعليمية ليصيروا وعاظا لا همَّ لهم إلا الحديث عن «الجهاد» ضد عالم الكفر ، و«الموت» في سبيل الله ، وهو ما يدخل في مفهوم « المنهج الخفي» الذي يعني أن بعض المعلمين والمعلمات ينفِّذون منهجا موازيا للمنهج الذي تقره وزارة التربية والتعليم ، و ينشرون من خلاله كثيرا من الأفكار المتطرفة، بل ربما يصل الأمر إلى دعوة الطلاب إلى الخروج «للجهاد»، ورفـْع «الشباب» السعوديين المشاركين في الفتن الخارجية إلى مراتب «الرموز» التي تستولي على إعجاب الطلاب الصغار وتغريهم باتباع طريقهم. ولذلك فان كثيرا من المفكرين و الباحثين السعوديين يرون أن ( المناصحة) الحقيقية يجب أن تخرج من « مناصحة « الموقوفين في السجون الى «مناصحة» المعلمين والمعلمات من أجل تحقيق هدفين: الأول أن يُقلعوا هم أنفسهم عن الفكر المتشدد، والثاني أن يتوقفوا عن النشاطات الموازية التي كانوا يمارسونها لغرس الأفكار المتشددة في لا وعي تلاميذهم . ويمكن لهذا أن يقضي على مصدر مهم من مصادر نشر الأفكار المتشددة. أكثر ( المناصِحين ) في السعودية أكدوا الأسباب الداخلية الثقافية والدينية التي تنتج عنها هذه الأفكار ، وهو ما لم يحدث في الحوارات التي أجراها القاضي حمود الهتار مع المتطرفين في اليمن ، ولا يعرف المجتمع المدني في اليمن شيئا عنها سوى تأكيد ه في بعض تصريحاته الصحفية على نجاحه في اقناع المتطرفين بوجوب (طاعة ولي الأمر) وعدم التعرض لمن أسماهم (المستأمنين والمعاهدين من أهل الكتاب) !!. وقد أوضح أحد أساتذة جامعة الملك عبدالعزيز بن سعود وهو الدكتور سعيد الوادعي بعض هذه الأسباب في مقال نشره في صحيفة (الرياض) بتاريخ 4 مايو 2008 الجاري ، والذي أشار فيه الى أن هناك أخطاء واضحة وقع بها شباب السعودية بسبب قلة العلم الشرعي وصغر السن وأخذ المعلومة من مصادر مجهولة وغير دقيقة ، مؤكدا ً أن العديد من أسباب انحراف الشباب مصدرها الشاب نفسه أو الأسرة أو المدرسة أو الخطيب أو الواعظ ، وإن بعض (المناصِحين) لا يزالون يكررون الحجج القديمة التي تتمثل في إلقاء اللوم على المؤامرات الخارجية التي استغلت ( الشباب المسلم ) وغررت بهم، واستغلتهم في مخططاتها. ومن ذلك ما قاله الدكتور محمد بازمول الذي تحدث عن مسؤولية ( الصهيونية العالمية التي تتربص بالإسلام) ، وما نتج عن ذلك من حرب إعلامية شرسة ضد المسلمين. في اليوم التالي لنشر هذا الكلام في صحيفة « الرياض « السعودية قال الدكتور علي نفيسة مدير التوجيه والتوعية بوزارة الداخلية وعضو لجنة (المناصحة) في تصريح نشرته (الحياة) السعودية بتاريخ 5/5/ 2008م) ما مفاده أن إلقاء اللوم على الآخرين سهل جدا، لكنه لا يحل مشكلاتنا، بل يمكن أن يعمي أبصارنا عن الطرق الصحيحة لعلاجها. أما الطريق الصحيح والأقرب لحل مشكلاتنا بحسب الدكتور علي نفيسه فهو الاعتراف بشجاعة بأن بعض جوانب ثقافتنا تدفع شبابنا للوقوع في هذه المشكلات، ومن أهمها الشبهات التي يعاني منها الشباب مثل « التكفير» و«الولاء والبراء»وضوابط « الجهاد والبيعة والطاعة لولي الأمر، والموالاة، وإخراج المشركين من جزيرة العرب «... وهذه مشكلات ثقافية ودينية داخلية بامتياز، ولا علاقة للعوامل الخارجية بها ، وسأكون سعيدا جدا لو قرأت في الصحافة اليمنية شيئا ً من هذا القبيل في الحوارات التي أجراها الهتار مع المتطرفين بشأن هذه المشكلاتّ!!وقد أعجبني كثيرا قول هذا المسؤول السعودي الذي يدير ادارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية السعودية أنه لا يمكن أن نأمل خيرا من الصهيونية، فهي في حالة حرب مع المسلمين منذ أكثر من مئة سنة، وهي حريصة على أن تعمل أي شيء يمكن أن يضر بالمسلمين، إلا أن السؤال الصعب الذي يجب أن نواجه به أنفسنا هو: لماذا يسهل وقوع « الشباب» السعوديين واليمنيين والعرب في شباك هذا الأخطبوط؟صحيفة ( شمس ) السعودية نقلت في مارس 2008 على لسان الدكتور ماجد المرسال إشارته في محاضرة بعنوان (أمور قد تخفى على الخطباء والوعاظ) إلى أهمية أن يعي من يتصدر للخطابة أو الدعوة حال المتلقين، خصوصا وإن نسبة كبيرة من المتلقين تتأثر بالخطاب المدعم بالآيات والنصوص بدون التفكير أحياناً بمضمونها أو أسباب نزولها أو مغزى الخطيب من الاستشهاد بها . و لايبرئ الدكتور ماجد المرسال بعض الخطباء من المسؤولية عن نشر الأفكار المتشددة، أو عدم قيامهم بواجباتهم في مكافحتها ، وهو ما نعاني منه في اليمن أبضا .من جانبه أوضح الدكتور إبراهيم الميمن وهو مفكر اسلامي سعودي معروف في محاضرة تناولتها بعض الصحف السعودية بعنوان (رسالة إلى كل مسؤول) ، خطورة هذه الأفكار المتطرفة والملتبسة بالدين على المجتمع، محذرا ً من خطورة التقليل أو التبرير أو التساهل في هذه الانحرافات وأثرها على الوطن والدين .. كما شدد على أثر التفاعل والتكامل بين أفراد المجتمع في معالجة ومحاربة الأفكار الهدامة، مشيرا ً الى (( أن المسؤولية كبيرة ليس على رجل الأمن أو لجان المناصحة فحسب بل الأسرة والمدرسة والمسجد ورجال الدعوة وكل مسؤول)). لا ريب في أن هذا التقييم يتضمن اعترافا من قبل المسؤولين والمفكرين والمثقفين السعوديين ، بالمصادر الحقيقية التي تغذي هذا الفكر وترعاه. وهو ما نحتاجه هنا في اليمن ، خصوصا في ظل تزايد النشاط المحموم للقوى المتطرفة التي أأفرطت في تكفير الغناء والموسيقى ، واتهام الداعين الى تعديل القوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة ، وتمنع مساواة دية المرأة القتيلة بدية الرجل القتيل وتجيز زواج القاصرات ، بأنهم ينفذون مخططا يهوديا وعلمانيا معاديا للاسلام ، وصولا ً الى مطالبة قيادة الدولة جهارا نهارا بتمكين المتطرفين وشيوخهم في حزب ( الاصلاح) من التحول الى رجال اكليروس في الدولة والمجتمع ، وانشاء محاكم تفتيش دفاعا عن الفضيلة وتكوين شرطة دينية لملاحقة وإيذاء الناس والعائلات في المصانع والجامعات وأماكن العمل و المنازل والشوارع والشواطئ تحت غطاء الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر!!ما من شكٍ في أنّ الارهاب محصلة موضوعية للتطرفَ الذي يعد بدوره الوليد الشرعي لثقافة التعصب بما هي البيئة التي تنشأ على تربتها الأفكار والممارسات المتطرفة والجرائم الارهابية. ولما كان التعصب لا يحيا إلا ّ في البيئات الثقافية المنغلقة التي ترفضُ الانفتاح وتكرِّسُ الأحاديـة ، فقد كان طبيعياً أنْ يرتبط التطرف بالتكفير بما هو نزعة إلغائية إقصائية للآخر المخالف، لا تقبل الحوار والتعدد والتنوع.والحال أنّ حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاغت إستراتيجية اصلاحية جادة في مواجهة التطرف والإرهاب أسهمت في تفكيك البنية الثقافية الشمولية الأحادية ، من خلال مؤتمرات الحوار الوطني التي أفسحت المجال ـــ ولأول مرة في تاريخ المملكة السعودية ـــ لبروز آراء وأفكار ورؤى متنوعة ومغايرة لآراء وأفكار رجال الدين وشيوخ المؤسسة الدينية ، بالإضافة إلى إطلاق هامش واسع من الحريات الصحفية والإعلامية والفكرية التي أسهمت في تحويل الصحف ووسائل الإعلام السعودية إلى منابر للحوار الوطني والنقاش والنقد، الأمر الذي أثار غضب رجال الدين السلفيين الذين لا يريدون في الساحة سوى صوت واحد ورأي واحد وفكر واحد، هو صوت ورأي وفكر المؤسسة الدينية، الأمر الذي يفسر لجوء رجال الدين إلى رفع سيوف فتاوى التكفير والإرهاب الفكري في مواجهة المثقفين والصحفيين وحَمَلة الأفكار والآراء التي تنتقد ثقافة التعصب كصنو للتطرف والإرهاب في المجتمع .في هذا السياق كتب الدكتور عبدالحميد الأنصاري العميد السابق لكلية الشريعة في جامعة الدوحة مقالا في صحيفة ( الاتحاد ) الاماراتية بتاريخ 1/ 10/ 2008 انتقد فيه موجة الفتاوى التي افرط في اطلاقها يمينا ويسارا بعض رجال الدين السلفيين في المملكة العربية السعودية ضد المفكرين والكتاب والصحف اليومية السعودية التي تنشر آراءهم وانتقاداتهم في اطار الاصلاحات الواسعة التي تنفذها حكومة المملكة العربية السعودية تحت رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مشيرا الى (( أن الخطاب الديني يحاول التسيد عبر إثارة إشكاليات وأزمات وزوابع لا تكاد تنتهي ، فلم يكد يمضي من رمضان ثلثه، حتى فاجأنا فضيلة الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى بالسعودية ، بفتوى ضد أصحاب الفضائيات التي اتهما ببث الخلاعة والمجون “ أو “ الفكاهة والضحك “ وما لا نفع فيه من البرامج والمسلسلات التي تفسد الأخلاق والعقيدة وتنشر « الفحش والفتن» .. وتوعد الشيخ اللحيدان أصحابها بأنهم إذا لم يرتدعوا، جاز قتلهم “ قضاء استناداً إلى أن إفسادهم كإفساد قُطاع الطرق )) ، وهي نفس العبارة التي صاغ بها المدعو عبدالمجيد الريمي فتواه التكفيرية التي أصدرها في يوليو الماضي، وأباح فيها إهدار دماء الصحفيين اليمنيين الذين عارضوا مطالبة رجال الدين السلفيين في حزب التجمع اليمني للاصلاح بتوظيف المتطرفين والعاطلين من خريجي جامعة الايمان في شرطة تفتيش دينية ، تكون في صدارة واجباتها ملاحقة وإيذاء الناس في مواقع العمل والمدارس والجامعات والشوارع والمتنفسات الطبيعية ،واقتحام صالونات الكوافير النسائية للقبض على (النامصات ) ، وتركيز أبصار المتطرفين على وجوه النساء ـــ بدلا من غضِّها ـــ بحثا ً عن (المتنمصات ) !! إلى ذلك أطلق الشيخ عبدالله الجبرين فتوى قمعية أخرى، إذ طالب بجلد الكتاب والصحفيين الذين انتقدوا آراء من أسماهم (العلماء) بحجة أن انتقاد هذه الفئة من المواطنين حكر عليهم وحدهم ، ولا يجوز لغيرهم ، بحسب الفتوى .. فقامت زوبعة أخرى من الردود ضد هذا الشيخ في الصحف السعودية والخليجية ، حيث وصف الكاتب علي العمودي هذه الفتوى في صحيفة “الرياض “ بأنها (( تندرج ضمن “ فتاوى الغلو)) وتخدم دعاة الحجر على حرية الفكر وفرض الوصاية والعودة بنا إلى عصور محاكم التفتيش )) أما الكاتب محمد الحمادي فقال في صحيفة (البيان) الاماراتية التي تصدر من دبي : ( إن انتقاد العلماء ــ يقصد رجال الدين ــ لا يعني إنكار فضلهم، لكن عليهم الانفتاح على العصر وما يدور حولهم، أما المطالبة بـ “ ردع » الصحفيين في عصر الحريات الفكرية فأمر غير مقبول، ثم تساءل قائلا ً: ( الصحفيون والكتاب هم قادة رأي في المجتمعات، فلماذا يحاول بعض المشايخ السلفيين احتكار قضايا المجتمع لأنفسهم وتحويلها الى قضايا دينية لا تُناقش ) ؟!بعد فترة قصيرة من هذه الزوبعة أطلق أحد رجال الدين السعوديين فتوى ( إباحة قتل ميكي ماوس)، إذ قال الداعية السلفي السعودي محمد المنجد (( إن الشريعة الاسلامية سمت الفأر بالفويسقة وإنه يُقتل في الحل والحرم وأنها تُضرِم على أهل البيت النار وإن الشيطان يُسيـِّر هذه الفأرة، وإنها من جنود أبليس))!!. وحذّر الأطفال من الإعجاب بـ “ ميكي ماوس “ لأن هذا الفأر الكارتوني ((يجوز قتله شرعاً في الحل والحرم))!! وقد سخرالدكتور احمد البغدادي من الفتوى في صحيفة ( القبس) الكويتية قائلا : (يا مثبت العقل والدين، رجل دين طويل عريض، حاط حيلك بحيل الفأر! الله يهديك ، شِلّك بيه ) ، فيما علق الباحث الاسلامي السعودي المعروف محمد صادق دياب على هذه الفتوى مشيرا ً الى أن ( الداعية المنجد يعلم أن هذه الشخصية الكرتونية ابتكرها والت ديزني قبل 80 عاماً،و لم تصنع من أجلنا، ولا من أجل إفساد أطفالنا، وإنما أنتجت لأطفال آخرين في ثقافة أخرى، فاستوردناها، وبدلاً من لوم الآخرين، علينا أن نلوم أنفسنا . أما الكاتب السعودي المعروف حسين شبكشي فقد كتب يوم 25 سبتمبر2008 في صحيفة ( الشرق الأوسط ) السعودية متمنياً ( أن يشغل الداعية نفسه والناس بأمور تنفعهم وتهمهم، ويترك « ميكي ماوس » في حاله. فهناك أناس أخطر بكثير يتجاهلهم هذا الشيخ وأمثاله ، لأن ميكي ماوس ورفاقه لم يرتدوا أحزمة ناسفة حول خصورهم أو أخرجوا أحداً من الدين والملة بذريعة أنه كان مخالفاً لهم ) !!.[c1]-------------------------------* عن / صحيفة ( 26 سبتمبر )[/c]