أضواء
لم تأت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لعقد قمة خليجية طارئة لتكون بديلاً عن قمة الكويت الاقتصادية، أو أي قمة أخرى يجمع عليها القادة العرب، وليست تظاهرة سياسية ترفع شعارات أو تطرح أفكاراً مستحيلة القبول والتنفيذ، وإنما قمة الواجب والمهمات الصعبة .أي التركيز أولاً على مأساة غزة التي هي مركز التشابك بين العرب سواء من جاء يزايد عليها، أو يدعمها كواجب قومي وإنساني، ولعل الدول الخليجية هي التي تحملت أكبر قسط في إعمار لبنان وبلدان عربية خرجت من حروب أو نكبات طبيعية، وهي المساهم الأكبر في أي مشروع اقتصادي والأهم في الاستثمارات البينية العربية، وعندما تطرح قمة الخليج الأزمات العربية والخلافات التي تحاول تطويق القضية الفلسطينية بمجموعة أقوال تضاعف وتكرس الانشطار العربي والذي لا يحتاج لأزمة كل يرفع صوته حولها،، فإن دول الخليج مع مصر المؤهلة أن تلعب الدور الأساسي مادياً وسياسياً في الواقع الراهن المتشابك إقليمياً وقومياً وقطرياً.. وحتى لا نبالغ أو نجامل، فإن عبء ما هدمته إسرائيل سوف تتحمل تكلفته هذه الدول لأنها المعنية أخلاقياً وأدبياً بها وبعيداً عن المزايدات باعتبارها تدرك واجبها مثلما تحملت نزعات حروب الخليج وتوظيف مواقفها دولياً في حل العديد من التناقضات وإيقاف مآسٍ كادت تقع في دول عربية وإقليمية من قبل دول عظمى تمثل دور الشرطي، والحكم، وكل ما تفكر به من مغامرات تضعها في جداول أعمالها كحق طبيعي في حماية مصالحها وتحقيق نفوذها.. نعم تأتي أسباب تتباعد فيها المواقف الخليجية، لكن لا تؤثر على واقعية سياساتها وتأتي القمة الخليجية في إطار الممكن فعله وسط انشقاق فلسطيني وتنابذ عربي، وتجاهل دولي تام لما يجري في غزة في أبشع العمليات التي تعدت طورها إلى ما يشبه مذابح النازية والغاشية معاً.. دول الخليج تستطيع أن تجعل لنفسها صوتاً فاعلاً، وأن تضع في وسط قمة الكويت الاقتصادية مشروعاً قومياً يكون نواة لتكامل اقتصادي عربي بعيداً عن الرؤى القاصرة التي تعتمد فكر الخمسينات والستينات عندما تحولنا لمجرد صوت في معمعة صراع عالمي جعلنا مجرد “لعبة أمم” والآن ونحن في معركة الواجب، فإن دول مجلس التعاون تملك القدرة على خلق مناخ عربي يتوحد أمام غزة التي تحتاج إلى إعادة البناء باشتراطاته المتعددة وأن لا تكون طرفاً في خلاف أو نزعة تريد أن تنفرد برأيها بعيداً عن حقائق الوضع العربي والدولي، والمواجهة المعقدة مع إسرائيل التي هي ظل القوى الكبرى، ومنفِّذ استراتيجياتها وممثلها في المنطقة العربية.. قمة الخليج للفعل لا للتهريج، ومن هنا يقترن الواجب بالعمل في أعلى مستوياته..[c1]* جريدة ( الرياض ) السعودية[/c]