ضمن الاجندة الاقتصادية لبلادنا
كتب/ ذويزن مخشف يعتقد الكثير من المراقبين ان حكومة بلادنا مع المضي بالسنة الحالية 2006 ستضع في أجندتها الحسابية الكثير من الاجراءات الفعلية والإصلاحات العملية الهادفة للحيلولة دون تفاقم للمشاكل خاصة وان الإقتصاد يعاني من ديون مثقلة وارتفاع في نسبتا البطالة والفقر لذلك فإنها ستتعمق في محاربة الفساد الجاثم والقضاء عليه خطوة خطوة ابتداء من هذا العام لكي تؤدي الخطوات الإصلاحية الى تحفيز عام نحو الاصلاح الشامل في البلاد.. ويرى المراقبون الى أن خطوة تعديل وزاري كبير أعلن في الأسبوعين الماضيين أصدر به فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ماهو إلا البداية الصحيحة والفعلية لهذا الطريق.. طريق "محاربة الفساد".. وكان التعديل الذي شمل تغييرات وزراء في وزارات هامة ظلت حقائبها حكرا على اشخاص معينين لعقود من الزمن قضى بتغيير نحو 15 وزيرا هم أناس يدخلون التشكيلة الحكومية لاول مرة بينما بقى ثمانية من الوزراء الحاليين في الحكومة ولكن أسندت اليهم وزارات اخرى حيث بدوا اكثر اهتماما ونجاحا عن المتغيريين.. كما يبدو التغيير الوزاري هو استجابة للدعوة الدولية لمحاربة الفساد وتحفيز الاصلاح في البلاد. وشكل الحكومة الجديدة رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال الذي احتفظ بمنصبه .ارتياح الشارع ويعتبر المراقبون بطبيعة الحال التعديل الوزاري الذي لاقى ترحيبا في الشارع اليمني كذلك "تغييرا من أجل المزيد من الاصلاح الاقتصادي . ويتوقع مراقبون ان تلي خطوة التعديلات الوزارية الثانية هي تنفيذ خطط جوهرية تمثل فرصة جديدة نحو احتواء أي مأزق طارئ سيؤدي الى ظهور نتائج عكسية على الأقل منها التعثر في سياساتها المستقبلية في تحقيق المعادلة المطلوبة من التقدم الاقتصادي في البلاد وربما تكون الخطوة عندما تفعل التعاون والمشاركة الواسعة في عملية التنمية مع القطاع الخاص المحلي الذين سيسعيان إلى الانعاش الكلي للاقتصاد وتحقيق تنمية فعلية بميزانيات ذاتية تجعل من الاقتصاد الوطني قويا وليس هشا او قاصرا على مدى الطويل تجنبا لإي شكل من الإزمات".الفساد في سطور يصف اليمنيون الفساد بـ "الملف الدامي" عند النظر اليه وإلى تأثيراته المدمرة للاقتصاد الوطني على مدى العقود الماضية وفشل كثير من المحاولات لزحزحته. فهذه القضية اليوم تشغل حيزا واسعا من اهتمامات الدولة والحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية على حدسواء كونها بحاجة ماسة إلى " ثورة كبيرة من أجل استئصاله خاصة بعدما تحول إلى رقم مهم في معادلة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها البلاد ". فمع مرور السنوات شهدت الساحة اليمنية وخصوصا في الآونة الأخيرة تزايد حدة الاصداء الواسعة من مبادرات رسمية وأهلية داعية إلى إيجاد منظومة قانونية لمواجهة المشكلة (الفساد) وذلك بتشكيل جهاز مستقل لمحاربته يضم في صفوفه مختلف القوى الرسمية والأهلية. ومن أهم الخطوات او الاجراءات في هذا الإطار تأتي المبادرة التي أعلنتها الحكومة اليمنية مؤخرا بتشكيل ((هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد)) وإجراء تعديلات جديدة في قانون السلطة القضائية مايعني المضي في سلسلة مبادرات أهلية من هذا النوع.. فقد سبق ذلك بايام قليلة مبادرة أطلقها برلمانيون وحقوقيون لتشكيل هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد حيث دعت لتأسيس منظمة وطنية لمكافحة الفساد في مشروع يسعى إلى تفعيل الدور الشعبي والجماهيري وتضافر الجهود مع الحكومة لمواجهة الفساد في البلاد عن كثب. كما أن هذه المبادرة ليست الوحيدة إذ أعلن مجلس النواب قبل أشهر عن مبادرة دعا فيها الحكومة إلى تبنى إنشاء جهاز مستقل لمكافحة الفساد وإعداد مشروع قانون لمكافحة الفساد يشتمل على توصيف للجرائم المرتبطة بالفساد وسن العقوبات الرادعة وآخر لمواجهة ظاهرة الإثراء غير المشروع وإنشاء قضاء إداري لمكافحة الفساد.مؤشرات الفساد تشير بيانات اصدرها مهتمون الى ان المؤشرات الاقتصادية المتاحة حاليا تفيد بأن اليمن يعاني من سوء توزيع الدخل القومي .وحسبما أفاد تقرير اقتصادي تقييمي للبنك الدولي بشأن مؤشرات المالية في اليمن خلال السنوات من 1996- 2004 فقد شهدت اليمن حتى نهاية العام الفائت "تردياً واضحاً في جانب سيطرة الحكومة على الفساد" .. واوضحت النتائج التقيمية الذي نشرت ان المؤشرات تدل انه في عام 1996 كانت تشير إلى أن سيطرة الحكومة على الفساد بلغت (49.3) بالمئة ولكن هذه السيطرة تراجعت بعد ذلك إلى (22.7) بالمئة في عام 2004. وبالرغم من أن بلادنا (اليمن) احتلت الترتيب الخمسين (50) ضمن تصنيف منظمة الشفافية الدولية التي قالت في تقريرها الذي اصدرته بداية العام الجاري إن "مؤشر الفساد في اليمن مرتفع.. لذلك يستلزم وقفه ومنع تفشيه أكثر".وذكر التقرير الذي نشرته المنظمة إن اليمن لا يزال يحتل المرتبة 50 من بين 159دولة في العالم تعاني من الفساد. وبناء على المؤشرات تلك التي تعتمدها المنظمة والتي تبدأ من رقم (10_نظيف جداً) وحتى (صفر_فاسد جداً) فقد اعطت منظمة الشفافية الدولية اليمن درجات من (4و2-2و3) فيما بلغ مؤشر الفساد المدرك فيها حوالي 2.7 نقطة هذا العام ما يشير أن اليمن يسعى للخروج من هذه الدائرة الذي مازال يراوح فيها عند قرب نقطة الفاسد جداً وهي الصفر.جهود حكومية وعندما يأتي الحديث عن جهود الدولة في هذا الموضوع فإن الحقيقة تؤكد ان الحكومة اليمنية لم يغب عن اهتمامها المستمر كثيرا بملف الفساد فقد نظمت على أعلى المستويات سلسلة من الندوات والفعاليات الوطنية والحلقات النقاشية الدولية مكرسة للبحث في ملف الفساد سعيا ايضا لايجاد شراكة حكومية مجتمعية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة جدا على البلاد. ومن الجهود الحكومية الاخرى والمتجه في سبيل التصدي لظاهرة (الفساد) نذكر جهود الحكومية مهمة تعتبر اليمن من الدول السباقة من بين الدول في هذا الإطار مثل المبادرة إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية "لمكافحة الفساد" وكذلك اتخاذها للعديد من الإجراءات الإدارية والقانونية لإصلاح الجهاز الإداري والنظام الضريبي والجمركي وغيرها.يقول الدكتور عبدالله السنفي رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إن الحكومة اتخذت الكثير من الإجراءات لمواجهة الفساد وتجفيف منابعه والتي كان في مقدمتها تشكيل (اللجنة العليا لقضايا المال العام) وإعداد مصفوفة متكاملة من المهام والتدابير الفاعلة لحماية المال العام ومكافحة الفساد. وقال مسؤول آخر بارز في الدولة حول محاربة الفساد انه يضاف إلى الجهود اليمنية نحو هذا الموضوع "إنشاء جهاز مستقل لمكافحة الفساد والإعداد لمشروع قانون خاص بهذا الشأن وإشراك منظمات المجتمع المدني في تحمل مسؤولياتها لمحاربة الفساد وتفعيل قانون مكافحة غسل الأموال وتعزيز الرقابة الداخلية والخارجية في الأجهزة الحكومية". وقال علي محمد الآنسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية أن معظم هذه الجهود تصب في سبيل تحقيق أسس الحكم الرشيد والشفافية وتعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة والمحسوبية وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتنظيم المعاملات الإدارية وتنفيذ إجراءات عمليات التصنيف والتوصيف الوظيفي بما يعزز من نجاح التنمية والتخفيف من الفقر والحد من البطالة. ويضيف قائلا " نحن نعترف أننا مازلنا في أول الطريق ولا نخجل من مناقشة أوجه القصور في تشريعاتنا أو في ممارساتنا إن كنا نريد فعلا تجاوز الاختلال والاستفادة من تجارب الآخرين ومحاكاة أحدث النظم الإدارية من خلال تفعيل وتحديث مختلف المؤسسات ذات العلاقة ومنها المعهد الوطني للعلوم الإدارية التي يتوقف عليه مدى نجاحنا أو فشلنا مع أهمية التأكيد على ضرورة مواكبة هذا المعهد الرائد ومواءمته للعلوم الإدارية الحديثة حتى تكون مخرجاته في مستوى الطموح المنشود للقضاء النهائي على الفساد".وابدى الآنسي في حديثه للصحيفة بعد مشاركته في اجتماعات قريبة من الموضوع ارتياحه من جملة الخطوات والتنسيقات الحكومية لاجل القضاء على الفساد ودوائره بالدولة بالرغم من قلة تلك الاجراءات والإمكانيات على حد تعبيره.لكن الانسي قال ان المنهجية التي تتوخاها اليمن في هذا الإطار "تبقى غير كافية وبحاجة إلى تطوير وتحسين ومواءمة بحيث تتناسب مع متغيرات المرحلة وما يستجد من معطيات علمية وإدارية ضمن هذه التشريعات المتخصصة.. وكيفية تحويلها إلى أدوات قابلة للتطبيق مع مواكبة جميع التحولات التي تفرزها المجالات النظرية والتطبيقية في علوم الحاسوب والمعلوماتية والمجالات الإدارية العصرية".رأي المراقبينيقول الخبراء والمراقبون أن هناك حاجة ملحة من أجل تعزيز دور وسائل محاربة الفساد في بلادنا وذلك من خلال نشر ثقافة المساءلة والشفافية وتعزيز دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بما يمكنه من القيام بمهامه وفقا للقانون في مكافحة الفساد وتطوير علاقات التنسيق والتكامل بين الجهات ذات العلاقة بحماية المال العام وربطها وضرورة إيجاد منظومة قانونية فاعلة لمحاربة الفساد وفي مقدمتها تطبيق مشروع قانون "الذمة المالية" وترسيخ مشروع قانون انسياب المعلومات وتداولها واعتماد مبدأ الشفافية وإصلاح الاختلالات في بعض التشريعات القانونية ذات الصلة بالجوانب المالية والإدارية. وقالوا أن الخطوط العريضة من تلك الاجراءات التي ستعمل على تأسيس (فنون لمحاربة الفساد) باليمن وتؤدي لخلق استقرار تام في الوضع الاقتصادي إذا من اهم تلك النتائج المجدية والمرتقبة للإقتصاد اليمني التي ستحققها هي "رفع معدل النمو الاقتصادي الى مانسبته ثمانية (8) في المئة على الأقل وتحسين مؤشرات مستوى الفقر والبطالة المنخفضة في البلاد.. حيث تشير بيانات البنك الدولي الى ان أكثر من 43 في المئة من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقرمن حيث اجمالي عدد السكان الذين يصل عددهم لنحو 20 مليون نسمة بينما تبلغ نسبة الأمية نحو 50 في المئة وتزيد نسبة البطالة عن مستوى 20 في المئة.ومن المتوقع على نطاق واسع اويمكن ان تؤدي تلك الاجراءات والاصلاحات الحكومية المتتالية والفعلية وبشكل فوري بعد التعديلات الوزارية وماسيلحقها من خطوات تباعية الى خفض الكثير من الدين الخارجي لليمن الذي يبلغ حاليا نحو 5.2 في المئة. لذلك فخلاصة القول إن جهود الدولة والحملة التي سبقت تعديل الحكومة كانت بما يسمح بأن يظل الوجود القوي (للسلطة والحكومة) اساسا من اجل المضي في مواصلة اصلاحات البلاد الاقتصادية واتخاذ اجراءات صارمة ضد الفساد ومحاسبة الفاسدين في الدولة.