يمثل الإسلام أحد الديانات الرئيسية في الغرب. فبالنسبة لأوروبا، أخذ الإسلام يمثل جزاءاً من واقعها السياسي والاجتماعي. فكما تشير الإحصائيات، يقدّر سكان أوروبا من المسلمين بـ 18 مليون نسمة، وهو يعدُّ في حد ذاته ثلاثة أضعافا السكان المسلمين في أمريكا. بل في مدينة مثل لندن يأتي الإسلام في المرتبة الثانية بعد المسيحية، حيث يعيش في لندن وحدها 607.083 ألف مسلم من مجموع سكان لندن، أي بنحو 8.5% ، فيما جاءت الديانة اليهودية في المرتبة الرابعة، حيث يعيش في لندن وحدها 149.789 ألف يهودي، أي بنسبة 2.1 من عدد السكان، وعدد المنظمات الإسلامية حوالي 1000. يتمتع المسلمون بمعدلات النمو الأعلى في أوروبا، فهناك حوالي 20 مليون مسلم في الاتحاد الأوروبي يعتبرون أنفسهم مسلمين، فالمسلمون في أوروبا يمثلون قوة يجب أخذها في الحسبان، وإذا تواصل هذا الاتجاه سيشكل المسلمون في عام 2020 حوالي 10% من مجموع سكان أوروبا.الثابت إنَّ تأثير هؤلاء المسلمين على المسار الديمقراطي في أوروبا يفوق تأثير جماهير وشعوب بعض الدول الإسلامية على حياتها السياسية داخل بلدانهم. فالمجتمع المسلم في أوروبا تكوّن بفعل الهجرة خلال العقود الخمسة الماضية من عدد من الدول الإسلامية، ولكل طائفة من هذه المجاميع ثقافتها الإسلامية الخاصة بها. وعلى أية حال، أصبح هؤلاء يمثلون الثقل السياسي البارز في العملية الانتخابية بما يملكون من حق المشاركة في الانتخاب والتصويت للمترشح الذي يحقق لهم شيئا من طموحاتهم في المهجر. مامن شك في ان هذا الواقع الموجود أصبح يشكل هاجسا من شأنه أن يهدد مسار العلاقات الأوروبية ــ الأمريكية، إذ أنَّ وجود أكثر من (10) ملايين مسلم مقابل 000 / 700 مواطن يهودي في فرنسا وألمانيا جعلت الحكومات الأوروبية تنظر إلى مسألة الشرق الأوسط بمنظار يختلف عن المنظار الأمريكي إزاء قضايا هذه المنطقة من العالم. فمواقف ألمانيا وفرنسا المترددة إزاء الهجوم الأمريكي على العراق، وموقف هاتين الدولتين تجاه الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني ، تتأثر بهذا التواجد الكثيف وكذلك بالثقل السكاني للمسلمين، حيث أصبحت هذه القارة مسرحا لتقييم ومناقشة سياساتها إزاء قضايا العالم الإسلامي.إنَّ ما يعزز موقف المسلمين المهاجرين في الدول الأوروبية هو حق المواطنة والمشاركة السياسية وحق تقرير المصير. لاسيما وأنَّ قضية وجود المسلمين في أوروبا تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت هذه القارة تعاني من نقص شديد في اليد العاملة. فقد هاجر المسلمون الأتراك والمغاربة والجزائريون واليمنيون والباكستانيون إلى هناك بطلب من تلك الدول ولأغراض اقتصادية، ولكن لم يخطر ببال الأوروبيين يوماً ما أن يصل بهم الأمر أن يستضيفوا هؤلاء المهاجرين إلى الأبد ، وأن تلتحق بهم أسرهم وذووهم في بلاد المهجر، وينتهي الأمر بهم أن يشكلوا جيلاً جديداً من المواطنين المسلمين عبر العقود التي مضت على هجرتهم.تشير الإحصائيات السكانية أنَّ نسبة الولادات لدى المسلمين تفوق نسبة الولادات لدى غير المسلمين في أوروبا، وتؤكد هذه الإحصائيات أنَّ تعداد المسلمين سوف يزداد بنسبة الضعف، في حين أنَّ نسبة السكان غير المسلمين سوف تتقلص بنسبة 5 / 3% وبارتفاع هذه النسبة السكانية تزداد فرص إعطاء ومنح حق المواطنة لهم من قبل تلك الحكومات . وفي هذا المضمار فإنَّ ما يقارب من نصف مسلمي فرنسا الـ7 ملايين يحظون بحق المواطنة. وهكذا الأمر بالنسبة لبريطانيا التي يفوق سكانها من المسلمين رقم المليونين نسمة. وفي عام 2000 م التحقت ألمانيا بالدول التي تمنح للمهاجرين حق المواطنة على أساس مسقط رأس الشخص وليس بناءاً على انتمائه العائلي ، ونتيجةً لذلك تمكن حوالي نصف مليون مسلم من الحصول على حق التصويت في العملية الانتخابية في ألمانيا.وتشير الإحصائيات أيضاً إلى أن انضمام (160) ألف مسلم مهاجر إلى المواطنين الألمان الأصليين سنوياً، وبذلك سوف يصل عدد الذين لهم حق التصويت من المسلمين إلى (3) ملايين شخص خلال الأعوام العشرة القادمة. وبالنسبة لدور الجالية المسلمة في ألمانيا وأهميتها في تحديد المصير السياسي في العملية الانتخابية ، يمكن الاستشهاد هنا بالدور المصيري الذي لعبه المسلمون الأتراك خلال انتخابات سبتمبر ودعمهم للتيار الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا ، فهم استطاعوا أن يعملوا من اجل الحيلولة دون فوز الجهة المنافسة لهذا للتيار الديمقراطي المسيحي الذي يعرف عنه بمعارضته للمهاجرين والقوانين التي لصالحهم وبمعارضته ااشديدة لالتحاق تركيا بالإتحاد الأوروبي . لاسيما وان تيار اليمين الديمقراطي المسيحي ينتظر تأهّل نحو مليون ألماني من أصول تركية لخوض انتخابات عام 2006م.وعلى أية حال فقد أخذ الوجود الإسلامي يترسخ شيئاً فشيئاً وبشكل منتظم في أوروبا.فعلى سبيل المثال أصبح المسلمون في فرنسا يمتلكون مجلسا استشارياً خاصاً بهم يوجّه نشاطاتهم السياسية، وأصبح هذا المجلس يؤدي دوراً فاعلاً في الحصول على قدر أكبر من الامتياز لصالحهم. وعلى صعيد آخر استطاع المسلمون أن يكون لهم عضوان من أصول أفريقية في التشكيلة الحكومية الجديدة، وبذلك فإنهم أصبحوا يحظون بمكانة مرموقة وبقدرة فائقة للحوار والتفاوض، وأصبحوا على أعتاب قفزة نوعية جديدة من نوعها.استمرت هذه المؤشرات الإيجابية حتى اندلعت أحداث (11) سبتمبر، التي أثّرت سلباً على دور ومكانة المسلمين في أوروبا، بل وتسببت هذه الحادثة في وضعهم عنوة داخل قفص الاتهام.وعلى رغم التوجّه العام أو التركيبة النفسية الخاصة لهؤلاء المهاجرين الذين يحظون بميزات نفسية تختلف عن ما هو عليه لدى إخوانهم في العالم الثالث من حيث احترام القانون والانضباط في السلوك، لم تكن تشفع لهم ولم تأمنهم من اتهام الغربيين.بشكل عام يمكن القول ان الأقليات المسلمة في أوروبا تتشكل من فئات أربع وهي : - الدارسون: بدأت إقامتهم قبل الحرب العالمية الثانية وهي مستمرة إلى اليوم، مع تفاوت في نسب القادمين إلى أوروبا لتلقي العلم الحديث والدراسات العليا.- الباحثون عن العمل: جاءوا إلى أوروبا عندما ظهرت حاجة أوروبا الصناعية إلى العمالة الرخيصة فوجدت في الدول النامية بغيتها، وفي الوقت ذاته كانت العمالة في الدول الإسلامية النامية في حاجة إلى المال.- المسلمـــون مـن سكان البـــلاد الأصليين: هم في الأصل من ذراري المسلمين الذين دخلوا الإسلام منذ عصور الفتح الإسلامي لأطراف أوروبا سواء من المسالك الشرقية أو المسالك الجنوبية. أو الذين دخلوا الإسلام حديثاً بسبب مجهودات الوافدين من المسلمين إلى البلاد الأوروبية،. وكل هؤلاء يعانون بشكل مباشر وعميق من طمس هويتهم وتذويب شخصيتهم في شخصية بلدهم غير المسلم من ناحية العادات والتقاليد وتمثل قيم الجماعة وموازينها ونظرتها للحياة.- اللاجئون السياسيون: لجأوا إلى أوروبا لخلافاتهم مع أنظمة دولهم سياسياً، وهم على كل حال جزء من الأقلية المسلمة في دول المهجر يعانون ما تعانيه الأقلية المسلمة من التعرض للحياة في مجتمع غريب عن تصوراتهم وقيمهم واعتقاداتهم. والنسبة العديدية في أوروبا تدل على أن المسلمين يشكلون إحدى أكبر الأقليات عدداً وأكثرها نشاطاً من الناحية الدينية في القارة الأوروبية. وبينما نجد ان معظم السكان المسلمين الغربيين هم من الشباب داخل أوروبا، بالإضافة إلى فروق في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المسلمة هناك. [c1]أسباب التوجس (التخوف) الأوروبي من المسلمين[/c]- التواجد السكاني الكبير جداً للمسلمين في أوروبا.- التخوف الأوروبي من التزايد العددي الكبير للمسلمين في أوروبا، لاسيما وأنَّ النسبة المطلوبة للحفاظ على عدد سكان أوروبا الحالي يتطلب نسبة ولادة تبلغ 2.1 للمرأة الواحدة، في حين أن النسبة الحالية هي 1.5 وهي آخذة في التدنّي. فسكان أوروبا سيتدنى عددهم من 375 مليون نسمة إلى 275 في عام 2075 إن لم تستمر الهجرة إلى البلدان الأوروبية. ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى 1.6 مليون مهاجر سنوياً ليحافظ على التوازن بين المواطنين العاملين والمتقاعدين. أما الآن فانه يحتاج إلى 13.5 مليون مهاجر لتسوية النقص الحاصل من قبل. لذلك فإن الإسلام والمسلمين يأتون لملء هذا الفراغ. وفي حين يتناقص عدد الأوروبيين بسبب الشيخوخة، يتكاثر المسلمون الذين يتزوجون في أعمار مبكرة. يضاف إلى ما سبق أنَّ نسبة 5 في المئة من الاتحاد الأوروبي، أو 20 مليون نسمة يعتبرون أنفسهم مسلمين، وإن استمرت الأمور على ما هي عليه ستصل النسبة إلى 10% في عام 2020. وإن تركت العناصر غير الإسلامية أوروبا فستصبح غالبية السكان من المسلمين في عقود قليلة.- مسألة الهجرة لاسيما، الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.- إنهدام بعض جسور الثقة بين هؤلاء المهاجرين المسلمين وبين الدول المستضيفة.تخوف حكومات الدول الأوروبية من بدء وتنامي خلايا تابعة لتنظيم القاعدة (لاسيما بعد _العثور على بعض منها في كل من في ألمانيا وفرنسا وإنكلترا)، وبالتالي من تعرض دولهم لهجمات الجماعات الإرهابية.- دعم المسلمين في أوروبا للجماعات المناهضة لليهود.- غياب الرغبة بوجود لوبي مسلم ذا وزن وتأثير بيّن من شأنه أن يضع بصماته على مجريات الأمور في أوروبا وأن يحدد نوع تعامل الدول الغربية تجاه الشرق الأوسط. بل إنَّ هذا الأمر جعل الأوروبيين في موقف حرج من أمريكا الرافضة تماما لهذه الفكرة. - رغم إعلان بن لادن استعداده للهدنة مع أوروبا، مستثنيا أمريكا.. وعدم قبول أوروبا لعرض بن لادن - كما هو متوقع - يؤكد أن الحرب على القاعدة مستمرة.لكن الحرب على القاعدة، كما ذكرت سابقا، لا يمكن أن يديرها الغرب إلا بحرب على المسلمين جميعا.. لأن القاعدة جيش سري، وهذا الجيش ينتشر في أوروبا وأمريكا على الخص.. وأفراده من المسلمين، ولأن هذا الجيش بدون أسماء وعناوين، فإن كل مسلم يُصبح مشبوها وعنوانا حتى يُثبت هو براءته.- إنًّ حالة الصراع الطويلة بين المسلمين والمسيحيين، والتي امتدت إلى قرون عديدة، وتعرض أوروبا للانهيار أمام حركة الفتح الإسلامي، وضع العقلية الحاكمة في أوروبا، أمام عقدة تحد كبيرة متمثلة بالإسلام. مما جعل الكيانات السياسية الحاكمة في أوروبا تكون شديدة ومتحجرة في نظرتها إلى الإسلام. فهي لم تميز بين المسلم وبين المقاتل. ولم تفصل بين حالتي الفكر والقتال فكانت ترى في كل رجل مسلم رجلاً مقاتلاً. وقد بالغت في هذه النظرة بحيث صار المواطن عندها تتحدد هويته على أساس عقيدته الدينية. فالأوروبي لا يكون أوروبيا ما لم يكن مسيحياً أو يهودياً. أما إذا أعتنق الاسلام فانه يكون قد تخلى عن أوروبيته وعند ذاك يكون معرضاً للاضطهاد الديني . ثم إن السلطات الأوروبية بالغت أكثر في هذه النظرة عندما أعطتها بُعداً شعورياً، وذلك من خلال تشجيع المنحى الثقافي الذي يُقلل من قيمة الإنسان المسلم. بغض النظر عن قدراته الذاتية. كما أنها حاولت جهد الإمكان تشويه صورة الإنسان الشرقي بشكل عام. فالانتقاص من الشرق هو تشويه للإسلام والمسلمين. لأن أوروبا كانت ترى في الشرق قاعدة الإسلام وموطنه الذي تعاديه وتتعقد منه.لقد أخطأت تيارات اورويبة نافذة في إضفاء بعد ثقافي وحضاري على صراعها مع حركات الاسلام السياسي والجماعات الجهادية المتطرفة التي نمت وترعرت في كنف اجهزتها الاستخباربة خلال الحرب الباردة . وظلت هذه النظرة الاستراتيجية هي السائدة حتى يومنا هذا. فهي لا تفصل بين مكونات الإسلام من حضارة فكر وتاريخ وقيم وتعاليم وثقافة وعلوم في حياة الفرد والمجتمع. إنما تنظر إلى هذه المكونات على أنها مظهر موحد لتحد خطير لابد من تدميره. في حين أن هذه النظرة القاتمة تتعارض مع جوهر المضامين الإنسانية الواسعة. لذلك تسعى الحكومات الأوروبية إلى التعاطي مع المسلمين لاسيما مع هؤلاء المعتدلين منهم، بل ويذهبون باتجاه توثيق العلاقة مع منظماتهم الممثلة لهم، لتحقيق ما يلي:أولاً: التحديث الإسلامي، فالعصرنة حسب الرأي الأوروبي تؤدي إلى انخفاض في معدلات الولادة بشكل جذري، كما تؤدي إلى انخفاض معدل الهجرة من العالم الإسلامي إلى أوروبا.ثانياً: دفع تلك المنظمات إلى تكييف المعتقدات الإسلامية مع المجتمع الأوروبي، ليصبح ولاؤهم كمواطنين للمجتمعات التي يعيشون فيها. [c1]ما يعانيه المسلمون في أوروبا[/c]- الوعي الأوروبي السلبي للمسلمين في أوروبا، حيث يشعر المسلمون بأنهم لا يحظون بالإعجاب في مجتمعات يعيشون فيها، وان هناك الكثير من العنصرية والاسلاموفوبيا. - المسلمون يواجهون مشاكل ضخمة سواء كان ذلك في المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو العقدي أو محو الهوية او التصفية والمذابح كما حدث حالة البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفا، - التمييز العنصري، فالمسلمون ليسوا في مصاف واحد مع المسيحيين واليهود والسيخ الذين يسمح لهم بتأسيس مدارس خاصة وعلى نفقة وزارة التعليم البريطانية، ولهذا فان المدارس الإسلامية هي على نفقة أولياء الأمور، وما تحصل عليه بعض المدارس من منح حكومية أو من مؤسسات خيرية إنما يسد جزء يسيراً جداً من الميزانية العامة، من هنا فان قلة قليلة جدا من العوائل المسلمة تجد في نفسها القدرة على إدخال أبنائها في مدارس عربية وإسلامية خاصة.- رغم التحولات الهائلة التي شهدها العالم سياسياً واجتماعياً وثقافياً، إلا أن النظرة الأوروبية للإسلام ظلت متأثرة إلى حد بعيد بالماضي وهو ما يمكن أن نصطلح عليه بالمخزون الزمني للشعور الأوروبي، حيث ظلت مشاعر العداء تستقر في النفسية الأوروبية، وتتحكم في القرارات السياسية المتعلقة بشؤون المسلمين. بل إنها ورغم كل التطورات التي حدثت في العالم، ما تزال تصمم مواقفها على أساس العقدة من الإسلام حتى وان كان الموقف يتعلق بالأوروبيين أنفسهم، كما هو واضح في انحياز الموقف الأوروبي للصرب المسيحيين ضد المسلمين الأوربيين لأنها تريد أوروبا للمسيحيين ولا وجود فيها لشعب مسلم. - عدم وجود جماعات ضغط حداثية مسلمة في المجتمعات الأوروبية تمثل كافة أطياف الأقلية ولا تمثل ايدلوجيا معينة تعد من أبرز المشكلات في حياة المسلمين السياسية، فإن ضعف هذا الجانب يهدر الكثير من الحقوق التي يمكن أن يحصل عليها المسلمون إذا كانت لها جماعات ضغط سياسي تعبر عن همومهم وتدافع عن حقوقهم.- التشويه الذي يحدثه بعض المنسوبين إلى الإسلام على الصعيد السياسي والأمني من المنتفعين أو من المنتمين إلى أيدلوجيات تنحو إلى التطرف على اختلاف درجات التطرف لدى هذه المجموعات، والتي تؤدي في أحسن أحوالها وأقلها تطرفاً إلى تأصيل روح البغضاء والتواصل السلبي مع محيط الأقلية، وبالتالي قتل الدوافع الإيجابية والسلوك المحمود لديها، وفي ذات الوقت يؤدي ذلك إلى ضعف التناول السياسي للقضايا المحيطة بالأقليات وغيابها عن مجتمعاتها وعدم استفادتها من الفرص التي تتبعها نظم الانتخابات في البلدان الأوروبية والحقوق الدستورية والقانونية للأقلية التي لو استخدمت واستثمرت استثماراً منظماً ومدركاً للواقع وظروفه السياسية لكان وضع الأقلية في حال أحسن مما هم عليه الآن، ومما يؤسف له فإن القلة ممن يهتمون بهذا الجانب يقع بينهم خلاف شديد وتشرذم من الانتماء والتوجه السياسي، فالأقلية المسلمة أمام هذا الوضع إما عازفة عن الاستفادة من الظروف المتاحة أو تحاول الاندماج فيها بغير تنسيق وتعاون أو تعامل أو تكامل مع الآخرين من أبناء الأقلية.- تدني المستوى الاقتصادي لدى غالب أبناء الأقلية المسلمة وعدم وجود مؤسسات اقتصادية واستثمارية تخدم أبناء الأقلية وتساعد في جسر الهوة المادية بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه، وتدني المستوى الاقتصادي لأبناء الأقلية يضعف مواجهتهم للمغريات سواء أكان ذلك على المستوى السياسي أو الأمني أو السلوكي. - ضعف التواصل بين أبناء الأقلية وبلادهم الأصلية وتركز هذا التواصل في الغالب على كل ما هوسلبي كنقل المشكلات الموجودة في البلد الأم إلى المجتمع الجديد، كما أن سوء إدارة أموال التبرعات غير المنظمة التي ترد من العالم الإسلامي إلى الأقليات يزيد من إشكاليات الأقلية المسلمة في أوروبا ومن أهم أسباب سوء الإدارة الضعف الفني والتقني الإداري لدى أبناء الأقلية ، أو الضعف الخلقي والانحراف السياسي، مما يجعل هذه الأموال توجه إلى غير وجهتها الصحيحة ، الى درجة انها قد توجه إلى وجهة تؤثر سلباً على وضع الأقليات هناك - لم يحصل المسلمون في أوروبا على الاهتمام المطلوب من قبل القيادات والمؤسسات والهيئات الإسلامية، رغم كونهم أحوج من غيرهم لهذا الاهتمام، لأنهم يعيشون وسط أجواء ضاغطة سياسياً واجتماعياً وثقافياً.[c1]العوامل المؤثرة في عمل المنظمات الإسلامية في أوروبا[/c]- اتساع الرقعة الجغرافية والثقافية، حيث يشمل عمل الاتحاد مساحة عريضة وواسعة تختلف فيها اللغات والثقافات الأوروبية.- اختلاف المستوى الحضاري إلى حد ما بين دول أوروبا الغربية التي تعتبر أكثر تطوراً وأكثر تقدماً في جميع النواحي المدنية مقارنة بدول أوروبا الشرقية والدول المستقلة الخارجة من واقع الشيوعية المتخلف. - التباين بين التجارب ودرجات الوعي الإسلامي بين الجاليات المسلمة تبعاً لاختلاف درجة الحريات المتاحة بين دول أوروبا. [c1]المهمات الرئيسية للمنظمات الدينية في أوروبا[/c]1ـ إنقاذ الجاليات الإسلامية والشباب المسلم في الغرب.2ـ تعريف الإسلام والدعوة إليه في أوساط الأوروبيين.3- تحقيق الاندماج الايجابي للأقلية المسلمة بالصيغة التي تجعل أبناء الأقلية عناصر بناء في المجتمع الأوروبي لا عناصر هدم مع احتفاظهم بشخصيتهم وهويتهم الإسلامية.4- تحسين مفاهيم التعامل مع الدولة و الحكومة في الدولة الأوروبية بدل عقلية الصراع والعراك التي تولدها مفاهيم الولاء والبراء التي تروج لها جماعات الاسلام السياسي بين المسلمين في اوروبا .5 - رفع مستوى الأقلية المسلمة في أوروبا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً من خلال وجود مؤسسات متخصصة قادرة على استيعاب مشكلات هذه الأقليات، ومن خلال إلحاق أبناء هذه الأقليات بالجامعات والمعاهد المتخصصة في أوروبا.6- تنقية المؤسسات الثقافية والدينية والتعليمية الإسلامية في أوروبا من العناصر المؤدلجة والتنظيمات المتطرفة.[c1]الأسس التي تعمل على أسهها المنظمات الإسلامية (ذات الصيغة المعتدلة)[/c]- مرجعية المنظمات الإسلامية في أوروبا في فهمه للإسلام هي الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة من غير تكلف أو تعسف في إطار يجمع بين الأصالة والتجديد، وبين المبدئية والمرونة.- تعتمد المنظمات على الإسلام كمنهج حياة، يوجه نشاط الإنسان فرداً وأسرة ومجتمعاً في جميع المجالات. ويحرر العقل، ويرحب بالصالح النافع من كل شيء مهما كان مصدره- الدعوة إلى الله تعالى بالتي هي أحسن، واجب شرعي يجب القيام به وتسخير الإمكانيات له.- نبذ كل وسائل الإكراه والعنف وضرورة الحوار والتواصل. - التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف مع الآخرين وسيلة للوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء والتعصب.- التواصل وتنسيق الجهود بين المؤسسات الإسلامية العاملة على الصعيدين الأوروبي والعالمي بما يساعد على تحقيق الأهداف المشتركة.- القيام بدور حضاري بارز على الساحة الأوروبية والمساهمة الفاعلة في جوانب حياة _المجتمع الأوروبي المختلفة بما يحقق خير وصالح مجتمعاتها انطلاقاً من رسالة الإسلام التعميرية وتعاليمه السمحة.- الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات الأوروبية، بالشكل الذي يجمع بين الحفاظ على الهوية الإسلامية من جانب، وممارسة المواطنة الصالحة من جانب آخر، خدمة للصالح العام، وتحقيقاً لمبادئ الأمن والانسجام.- الارتقاء بالوجود الإسلامي في أوروبا في مختلف الجوانب.- دعم وتقوية مكانة الاتحاد ككيان أوروبي موحد لأعضائه، منفتح على غيره، ذي هوية ومنهج وسطي متميز.- تكوين الشخصية الإسلامية الأوروبية الفاعلة والمتوازنة وفق معالم واضحة.- توسيع دائرة الاستيعاب التربوي لشرائح المسلمين المختلفة وخاصة الشباب.- التعامل الإيجابي مع المجتمع مع إدراك خصوصياته واستيعاب أنماط تفكيره ودعم مسار السلم الاجتماعي والمساهمة في مؤسسات المجتمع المدني.- ترسيخ قواعد المشاركة السياسية للمسلمين في أوروبا وترشيدها.الانفتاح على المجتمع والبيئة وربط علاقات تعاون مع مختلف الجهات التي تخدم مصالح - المسلمين والمجتمع الأوروبي ودعم مسألة الحوار الإسلامي المسيحي.- التزام الاعتدال والواقعية في معالجة قضايا المسلمين في أوروبا وفي اتخاذ المواقف من قضايا المسلمين خارج أوروبا.[c1]ما يريده الأوروبيين من المنظمات الإسلامية:[/c]- محاربة التطرف الإسلامي.- تعليم فكر إسلامي متكيف مع المجتمع الأوروبي، وهي قضية هامة لتفويت الفرصة على الأئمة الذين يدعون للكراهية والعنف.- تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين في أوروبا، باعتباره المقدمة الأساسية لممارسة المواطنة الصالحة- تجنب أي عمل يورط المسلمين في بلاد الغرب بأعمال عنف.- التعاون مع السلطات السياسية وحتى الشرطة عندما يكون هناك أئمة أو غيرهم يروجون للكراهية والعنف ويعملون ضد القانون والدساتير في البلاد الأوروبية.- يجب على الحكومات والجاليات الإسلامية التعاون في قضية تعليم الأئمة، فالأوروبيين يحتاجون اليوم لأئمة تعلموا في أوروبا، وليس في الدول الإسلامية.[c1]ما تريده المنظمات الإسلامية من حكومات الدول الأوروبية[/c]- تسهيل عملية اندماج المسلمين في المجتمع الأوروبي عبر السماح للجاليات الإسلامية محليا وعلى المستوى القومي بالمشاركة السياسية.- منحها صلاحيات أوسع في إطار عملها.[c1]النقاط الحمراء في هذه العلاقة1- من وجهة نظر الأوروبيين[/c]- أن تكون هذه المنظمات عامل تحريض للمسلمين ضد الأوروبيين، أو أن تتعامل مع الذين يروجون للفكر المتطرف والكراهية ضدها.- أن تتدخل هذه المنظمات بالمسائل السياسية الحساسة الداخلية لأوروبا. أن تمتلك أو تسعى لامتلاك سلاحها الخاص.- أن تكوّن أقلية منغلقة على ذاتها في أوروبا.[c1]2- من وجهة نظر المسلمين: [/c]- أن تحارب الحكومات الأوروبية الوجود الإسلامي.- أن تحاول الحكومات الأوروبية السيطرة على المسلمين أو احتواءهم، فسيشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وليسو أعضاء مسؤولين في المجتمع. - أن تتجه لتطوير سياسة مدنية للقضاء على الانغلاق الثقافي والتعليمي، بالإضافة إلى الانغلاق الاقتصادي. ــــــــــ* أكاديمية يمنية مقيمة في لندن
|
فكر
المسلمون الأوروبيون بعد 11 سبتمبر
أخبار متعلقة