صباح الخير
كانت ولا تزال رسالة المسجد رسالة سامية لها الاثر البالغ في حياة مجتمعاتنا الاسلامية لارتباطها الوثيق بهموم الأمة وقضاياها المصيرية حيث كانت المنابر بمثابة القلب النابض بها معتمدة على الاسلوب الدعوي والارشادي القائم على السماحة والاعتدال والوسطية الذي تطرب له العقول والقلوب وتطمئن به النفوس .الا انه في الآونة الاخيرة برزت الى السطح فئة من المتسلطين الذين انحرفوا برسالة المسجد عن مسارها فحولوا المنابر الى سيوف مسلطة على رقاب المسلمين من أبناء جلدتهم يكفرون هذا ويفسّقون ذاك ويمنحون انفسهم حق الوصاية على "عباد اللَّه" يحرمون ما أحلّ اللَّه بما يتوافق مع مآربهم وأهوائهم، مستغلين المناخات الديمقراطية المتاحة في البلاد من خلال ادلجة خطاباتهم لزرع ثقافة العنف والتطرف والغلو وزرع معتقدات وافكار ما انزل اللَّه بها من سلطان لا يقبلها عقل ولا يصدقها عاقل .انها معتقدات تؤكد محدودية ودونية تفكيرهم، وان كنت اشك اصلاً ان لهم عقولاً تفكر، بعد ان عطّلوا اعمال العقل والفكر والمنطق والتفكير والاستدلال لدرجة انهم وسموا من يعمل بها بالعقلانيين على أنها "سبة وشتيمة" .فالصحافة عندهم منكر والصحافي علماني ماسوني يوالي أعداء اللَّه، شهادته مجروحة وعباداته بحاجة الى شهادة تزكية وقبول من الشيخ ، وحياته مرهونة بفتوى منه أيضاً تهدر دمه ، والديمقراطية عندهم والانتخابات كفر بواح وفيها التفاف على الدين وقيمه ومبادئه السمحة .الدساتير والقوانين صنوف من الشركيات والطاغوتيات ، كروية الارض بدعة، والصعود الى القمر خرافة ، والأكل بالملاعق مخالف للكتاب والسنة ، والتعددية بمختلف مجالاتها من أشرّ البدع وأعظمها ، والاحتفال بالاعياد الوطنية والدينية من البدع المحدثة والشرور المستطيرة ، نصبوا أنفسهم جباة للدين وانصاراً للكتاب والسنة وما سواهم عبدة الشيطان والطاغوت ، فالدين هم رجاله ، والعلم هم أهله ، والجنة هي منزلتهم وهم خزنتها ومن يمتلكون صكوك الرحمة والمغفرة فيها .والكارثة ان هذه المعتقدات الزائفة يغرسها هؤلاء في عقول الشباب الناشىء المعوَّل عليه صنع الغد المشرق ليمننا الحبيب على انها من مقومات الدين ومن علامات المؤمن القوي التي ينبغي ان يؤمن بها ولا يداخله في ذلك شك او ريبة، ولا يقبل أخذ او رد فيها ، فهي مفتاح دخول الجنة، الامر الذي يدفع بهؤلاء الشباب إلى الأخذ بها وتطبيقها على أرض الواقع حتى وإن كان في ذلك إزهاق للنفس ودمار للممتلكات وهو ما يتطلب تدخلاً سريعاً ومباشراً لوضع حدّ لهم حتى لا يتفاقم الوضع وتحصد البلاد ما لا تحمد عقباه .